شيطان ديجيتال !

 
لا تتعجب عزيزي إذا ما أيقظك الشيطان فجر يوم لتؤدي الصلاة! الصورة النمطية التقليدية القديمة للشيطان انتهت وبتنا اليوم امام عصر جديد وشيطان متطور وديجيتال! فاجداده الذين انشغلوا بالوسوسة لترك الصلاة ونحوه، باتوا جزءا من تاريخ مضى وحقبة انتهت، استيقظ وادي صلاتك كما تحب، ما دمت ستقوم بعدها لتقضي يومك بالنفاق او الغش والغدر!؟ أما تغيير خلق الله من خلال بتك آذان الانعام او ارتداء النساء للباروكة فهو امر مضحك حقيقة، التغيير الحقيقي وتحدي الله عز وجل فى خلقه يكمن فى عمليات الاستنساخ وتأجير الأرحام الحاصلة فى ايامنا هذه بالطبع.

أنا أتخيل الشيطان اليوم فى مكتب. يرتدي ربطة عنق وأمامه لاب توب وعنده واتس اب وحساب على جميع مواقع التواصل الاجتماعي، إن غايته فى تدمير الارض وخرابها تستوجب منه التطور ومواكبة عصر الانسان دائما، يريد أن يبرهن لله تبارك وتعالى ان هذا المخلوق لا يستحق ان يسجد له وأن الارادة وحرية الاختيار التي وهبها الله له لم تكن فى محلها مطلقا، الكون مدمر والناس تموت جوعا ومرضا فى كل ساعة، لِم اسجد له وهو المخرب والقاتل المجرم اذن؟

ظننت فى طفولتي ان أبليس لا يقوى على شيوخ المساجد والعلماء، فقوة ايمانهم تمنعه من الوسوسة والتأثير عليهم، هو أمر حقيقي بالمناسبة، لكن ليست قوة الايمان هي السبب، بل لأن معظمهم انشغل بفتاوي الحيض والنفاس! لم يلتفتوا لأحوال المسلمين والظلم الواقع عليهم وعلى بلادهم، لم يتفوهوا بكلمة الحق امام الحاكم، قلبوا شجرة الدين كما قال الامام الغزالي رحمه الله، فانشغلوا بالفروع ولم يعتنوا بالجذر! تحولت خطب صلاة الجمعة إلى قصة عن صحابي جليل او حديث نبوي شريف تعلماه بالمرحلة الابتدائية وبعدها دعاء على الشياطين ولعنهم، بدلا من تكون منابرها للحشد والدعوة للوقوف فى وجه الظالم، بينما شيطاننا المتطور والديجيتال فرح وبأحسن حال!

فى بداية تشكل وتكون الفكر والوعي السياسي عندي، ظننت أن رجل السياسة يستغل الدين لتحقيق أهداف ورؤى هو يحددها بمحض ارادته، وانه لا يوجد تاثير لعالم الشر والشياطين فى احداث ومجريات عالمنا اليوم، وانها تظل مبنية على التحالفات والمصالح والعلاقات وحسب، لكنى أدرك اليوم أن كل ما حدث ويحدث كان بايعاز وتأثير من الشيطان متعدد النسخ والإصدارات، وعندي قناعة اليوم أن قاتل أطفال غزة وأطفال سوريا والصومال …..الخ هو أحد أياديه الممتدة والتي تدير عالمنا اليوم، انه صراع الخير والشر الدائم فى كل زمان ومكان، كم كانت صادقة افلام ومسلسلات الكرتون قديما، وكم هي كاذبة نشرات اخبار يومنا!
دمتم