الأمة الإسلامية وشرك الآلام الماضي

 

أحداث كثيرة مرت على الأمة الإسلامية عانت فيه من ويلات حروب وفرقة وتهديد هويتها، التي طالما كانت ولا تزال الرابط الذي يربط كل المسلمين ببعضهم البعض، تركت تلك الأحداث بصمتها المؤثرة في قلب وعقل المسلمين، دفعت ثلة ممن استكانوا لنعيم الدنيا وملذاتها ذريعة لرؤية إخوانهم يظلمون ويضطهدون ثم يقولون: وما لنا!! لو أن كل إنسان يحكم دينه وعقله وضميره، لهدي إلى أن ما يجري لأخيه المسلم من المفترض أن يكون رادعاً له، كي لا يأتي عليه يوم وتدور عليه الدائرة، طالباً النجدة والسلامة لكن بلا جدوى.
في ظل ما يحصل في غزة يستصرخ الطفل والكبير والمرأة العالم أن ينقذهم من المحرقة التي تصب فوق رؤوسهم صباً، متسائلين بحيرة وألم ما بال أخوة الدم والعقيدة يصمون آذانهم عن صرخات استغاثاتنا!! ماذا دهاك يا وطننا الإسلامي الكبير لم تدير ظهرك لنا؟! ألم نجلس على مقاعد الدراسة وتعلمنا أن الدم الإسلامي واحد والمصير واحد؟! هل كنا في غيبوبة؟! أم أن التلميذ لم يعي الدرس جيداً؟! سقطنا في فخ النزاع واختلاف الرأي، وتطور الأمر ونبذنا أي جلسة للحوار تفضي إلى سلام يطيب الجرح، فبتنا نعادي بعضنا البعض على أبسط القضايا، حتى أضحت دماء إخواننا تجري كالأنهار ولا نعير اهتماماً لها؟!
إلى هذه الدرجة امتلأت القلوب نقمة وبغضاً؟! ولم تعد تعرف طريقاً للخلاص من أحزان الماضي؟! أم أن مشاغل الحياة واللهاث خلف لقمة العيش سلخنا من إنسانيتنا وصرنا كالغريب يسمع ويرى أهوال ومصائب تحاصر إخوانه ولا يحرك ساكناً!
عشق المادة قتل فينا كل شيء جميل، تباً لعيش الخذلان وخنق الإنسانية في دواخلنا! تعودنا الراحة والدعة والركون إلى لهو الدنيا وتقليب الجوال أفضل من ( وجع الرأس).لكننا ندرك أن وجداننا مدفون ينادي فينا المروءة والنخوة، نقمعه عمداً حتى لا يعلو صوته، فالصمت أفضل نريد أن ننسى أوجاع الأمس، لكنها تأبى إلا أن تتسلط على عقولنا وقلوبنا، نصنع من أنفسنا دمية هزيلة يتقاذفها الآخرين.
لم يعد لنا عنوان ولم يعد لنا صوت يلتفت إليه! ما علينا سوى أن نقف أمام أنفسنا وتردد ألسنتنا في لحظة الحقيقة: نحن الذين جعلنا من ذواتنا ومواقفنا أضحوكة قدام الآخرين! تشبثنا بانتقام الماضي الذي ولى وانتهت حكايته، نحن في الواقع لا نمتلك الإرادة الكافية والعزيمة الصادقة لتجاوز غصة الخلاف وقهر الاصطفاف ضد بعضنا البعض!