الحكومة تتلكأ بالتراجع عن نظام الموارد البشرية.. وخبراء اقتصاديون يحذرون
مالك عبيدات -
ما زال الأردنيون بانتظار نتائج عمل اللجنة الوزارية التي شكّلتها الحكومة لدراسة أثر نظام إدارة الموارد البشرية في القطاع العام على الجانب المعيشي للموظفين وتحديدا ما يتعلّق بمنع الموظفين من العمل خارج أوقات الدوام الرسمي، فقد مضى (10) أيام على إعلان الحكومة تشكيل تلك اللجنة، لكن دون أيّ إجراء عملي حتى اللحظة، فيما لا يزال القلق يسيطر على الموظفين في القطاع العام نتيجة عدم حسم هذا الملف الحساس.
الحكومة تجاهلت في قرارها الاحتجاجات الكثيرة على سلب الموظف العامّ حقّه في التعبير عن رأيه، وذهبت لإعادة النظر ببند واحد من النظام دون باقي البنود، إلا أنها ورغم ذلك، مازالت تتلكأ في إعادة النظر بالبنود التي تمسّ معيشة الموظفين، وبشكل يكشف حجم انفصالها عن واقع الشعب الأردني، ويتجاهل أن آلاف العائلات تعتمد في معيشتها على عمل ربّ الأسرة بوظيفتين في ظلّ تدنّي ومحدودية راتب موظف القطاع العام.
موظفو القطاع العام لم يكونوا ليلتفتوا كثيرا للبنود التي تحظر عليهم العمل بوظيفتين لو كانت رواتبهم تكفي لتلبية متطلبات المعيشة الأساسية، لكن ما يتقاضاه عموم الموظفين لا يُراعِ حجم الغلاء وكلف المعيشة على الاطلاق، وهنا نشير إلى كلف السكن المرتفعة وأجور النقل وكلف الماء والكهرباء وأيضا الاتصالات، بالإضافة إلى الارتفاعات الكبيرة على أسعار السلع بشكل يفوق قدرة الموظف على تأمينها.
وفي السياق، حذّر خبراء اقتصاديون من تداعيات استمرار منع الموظفين من العمل بعد انتهاء العمل الرسمي في ظلّ عدم زيادة الموظفين وارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق، ما يفرض على أرباب الأسر العمل بأكثر من من وظيفة لتأمين عيش كريم للأسر.
وأضاف الخبراء لـ الاردن24 أن الاعلان عن نظامي الموارد البشرية والخدمة المدنية بهذه السرعة يظهر أن الحكومة سلقتهما سلقا وعلى عجل، دون دراسة مستفيضة لتداعيات تطبيقهما، ما يشير إلى تخبّط الحكومة وعدم قدرتها على اتخاذ القرارات.
كما حذّر الخبراء من تحميل المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي للأخطاء الحكومية التي ستؤدي إلى ما لا يُحمد عقباه، سيّما في ظلّ عدم وجود دراسات حول زيادة أعداد الموظفين المحالين إلى التقاعد المبكر واخراجهم من سوق العمل دون مبرر.
البشير: نظاما الموارد البشرية والخدمة المدنية يؤكدان عجز الحكومة عن معالجة الازمات الحقيقية
وقال الخبير والمحلل الاقتصادي، محمد البشير، إن سوق العمل الأردني يعاني من مشاكل كبيرة بسبب إحالة الموظفين إلى التقاعد المبكر والعمل خارج أوقات العمل الرسمي بسبب تدني الدخول وارتفاع كلف المعيشة.
وأضاف البشير لـ الاردن24 أن عدم زيادة رواتب الموظفين وعدم وجود دخول تراعي كلف المعيشة الحقيقية تجبر الموظفين للبحث عن مصادر أخرى للدخل والعمل خارج أوقات العمل الرسمي، مبيّنا أن هذه الطبقة تعمل بسبب تدني الأجور وعدم وجود دخل يكفي للأسر في ظلّ الأزمة الاقتصادية المستمرة منذ (30) عاما.
ورأى البشير أن الاجراءات الحكومية غير مبررة ومنها عدم منح الموظفين إجازة دون راتب إضافة إلى منع الموظفين خارج اوقات العمل الرسمي.
وختم البشير مداخلته بالقول هذه الانظمة تدل على عدم قدرة الحكومة على اتخاذ القرارات التي تعالج الازمة الحقيقية ومنها ضبط المالية العامة وارتفاع المديونية التي اصبحت تداعياتها تنعكس على الاقتصاد الوطني ولا تختلف كثيرا عن الخطة الاقتصادية التي لم يكن لها اي اثر على تحريك الاقتصاد كما انها تحاول التهرب من حل قضية مشكلة البطالة من خلال تلك الاجراءات .
دية: نظام الموارد البشرية لا يتناسب مع حالة الموظف العام
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي، منير دية، إن نظام الموارد البشرية أحدث جدلا في الشارع الأردني كونه لا يتناسب مع طبيعة الموظفين الذين يتقاضون رواتب متدنية تضمن الحياة الكريمة لأسرهم، حيث يضطر الموظف للعمل بوظيفتين أو ثلاث ليتمكن من تأمين متطلبات الحياة في ظلّ الارتفاع المتتالي للأسعار.
وأضاف دية لـ الاردن24 أن نظامي الخدمة المدنية والموارد البشرية سُلقا على عجل، وأن اقرارهما كان دون دراسة نظرا لكونهما لا يتناسبان مع الرواتب بالمملكة وهما مستنسخان من دول أخرى.
وحذّر دية من التداعيات الاجتماعية لتطبيق تلك الأنظمة على المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي نتيجة احالة الموظفين إلى التقاعد المبكر، اضافة إلى عودة الموظفين المغتربين، مشيرا إلى أنه لا يجوز معالجة السلبيات والمحسوبيات من قبل الحكومات من خلال تكديس الموظفين بالقطاع العام على حساب الضمان الاجتماعي.