العالم يخفق في إستكمال إتفاقية الجرائم الإلكترونية..
النقاش لا يزال محتدما على المستوى العالمي لإستكمال الاتفاقية الدولية المعنية بالجرائم الإلكترونية، إذ منذ تشكيل لجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع إتفاقية للجرائم الالكترونية ، إلا أن العالم لا يزال منقسما على نفسه حول مضامين هذه الاتفاقية، ويبدوا أن جوهر المسألة قائم على القدرة على الوصول إلى توازن حساس بين الأمن وحقوق الإنسان.
تشير الأرقام إلى أن الجرائم الإلكترونية تدر مليارات الدولارات من مخدرات وأسلحة والإتجار بالبشر والجرائم السيبرانيه والإرهاب وغيرها من جرائم " الإنترنت المظلم"، هذا الواقع المعقد يصطدم بحقوق الإنسان في التعبير عن الرأي وحق الإنسان في الوصول إلى المعلومات والانتفاع من نتاج التقدم الحضاري العالمي والحقوق الرقمية للأفراد.
أخفقت اللجنة المعنية بصياغة الاتفاقية في أذار 2024 في الوصل إلى توافقات حول مضامين الاتفاقية من حيث نطاق الانطباق إذ انقسم العالم إلى التأكيد على عدم التوسع لكيلا تمس بحقوق الإنسان، والاقتصار على الجرائم التقليدية التي ترتكب بواسطة الشبكة أو المعتمدة على الإنترنت من مثل الاختراق وتقويض أمن الشبكات.
كما أن من المخاوف التي يخشى أن تمس بحقوق الإنسان حجم الصلاحيات التي ستمنح لأجهزة إنفاذ القانون حول تبادل المعلومات والبيانات ، ومستوى القيود التي سيتم فرضها على التعليقات عبر الشبكة، والخشية من فرض قيود على الجرائم السياسية والنقد العام للمسؤولين والمؤسسات، وغيرها من المسائل الجوهرية التي تتعارض مع حقوق الإنسان الأمر الذي يحتاج إلى نقاش عميق ودقيق لبناء مقاربات عالمية من شأنها أن تحفظ هذا التوازن الحساس والدقيق.
تصاعدت الانتقادات من قبل المنظمات والخبراء المعنيين بحرية الوصول إلى البيانات والحقوق الرقمية وطالبوا بحث الدول والأمم المتحدة على عدم قبول الصياغة المقترحة، بناء على العديد من الحجج والأسانيد التي تؤكد ان الصياغة المقدمة لا تلبي الطموح ولا تحسم القضايا التي من أجلها تم تشكيل اللجنة.
أمام هذا الانقسام فإنه من المرجح عدم إكمال المفاوضات الدولية حيال الاتفاقية، الأمر الذي دفع مكتب الأمم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات والذي يعتبر السكرتاريا والأمانة العامة لأعمال الاتفاقية الدفع بإتجاه أن يتدخل الأمين العام للأمم المتحدة من أجل حث جهود الأطراف للمضي قدماً في عملية المفاوضات العالمية للوصول إلى صياغة نهائية تشكل محل إجماع بين كافة الأطراف.