الحراك الحزبي يدخل مرحلة الحسم .. وانحسار حدة الصراعات الداخلية بعد اعلان القوائم العامة

 


كتب مالك عبيدات - تفاجأ مراقبون خلال الأيام الماضية بإعلان نواب سابقين وأقطاب برلمانية عدم ترشحهم للانتخابات النيابية ، سيّما وأن (7) نواب فقط كانوا قد أعلنوا قبل نحو شهرين عدم رغبتهم بالترشح مجددا، مقابل (105) أكدوا عزمهم خوض الانتخابات، و(17) برلمانيا لم يحسموا أمرهم.

ولأن الانتخابات النيابية في الأردن لا تخضع لحسابات يمكن التنبؤ بها او قراءات قابلة للفهم والتحليل ، لم يكن مستغربا تأكيد أكثر من (100) نائب في المجلس المنحلّ -التاسع عشر- رغبتهم بتكرار التجربة، وذلك بالرغم من كلّ الخذلان الذي أصاب الشعب نتيجة أدائهم المخيّب للآمال وتماهيهم مع السياسات الحكومية التي جنحت نحو تركز السلطة واضعاف الرقابة النيابية والشعبية وتسببت في التأزيم ومزيد من التعبئة والارتهان للمؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ، وذلك من خلال مضاعفة المديونية ووصول العجز لمعدلات غير مسبوقة .

ووفقا لواقع المشهد الانتخابي والنيابي في الأردن، كان مفاجئا إعلان شخصيات مثل (عبدالكريم الدغمي، وخليل عطية) عدم نيتهم خوض الانتخابات، وهما اللذان ظلّا عنصرا ثابتا في الحياة البرلمانية لسنوات طويلة ودورات عديدة. 

وبعيدا عن الأنباء التي ربطت انسحاب بعض الأسماء والشخصيات من السباق النيابي بوعود بالعضوية في مجلس الأعيان، يمكن ربط خروج الدغمي من المشهد بترشيحات حزب "إرادة" الذي كان البرلماني العريق ينتمي إليه وسرعان من انسحب منه بحجة سيطرة "العقلية الفوقية والفردية في الحزب"، أما خليل عطية، فيمكن قراءة انسحابه في سياق إعلان شقيقه خميس عطية -أحد قيادات حزب إرادة- رغبته بالترشح للانتخابات.

وبالإضافة إلى الدغمي وعطية، هناك العديد من أعضاء مجلس النواب التاسع عشر الذين لن يترشحوا للانتخابات، وذلك لأسباب مختلفة؛ منهم من حال امتعاض قواعدهم الانتخابية من أدائهم في المجلس السابق دون امكانية ترشحهم، ومنهم من حال انحيازهم للشعب دون تمكّنهم من ايجاد قائمة ليترشّحوا على أساسها!

وبحسب مصادر الاردن24، فإن النائب السابق موسى هنطش لن يكون أحد مرشحي الحركة الإسلامية التي استعاضت عنه بالقيادي علي أبو السكر ليكون مرشّحها الأبرز في الدائرة الأولى بعمان، بينما لم يتمكّن النائب السابق الالمعي فريد حداد ورغم أدائه المميز، من ايجاد قائمة ليترشّح ضمنها على مستوى محافظة عجلون.

ومن النواب الذين لن يترشحوا للانتخابات لأسباب مختلفة كلّ من (أيمن هزاع المجالي، غازي الذنيبات، علي الطراونة، عبدالله عواد، يحيى عبيدات).

وفي السياق، كان لافتا التصريح الصحفي الذي جرى تداوله على لسان البرلماني العريق الدكتور عبدالله العكايلة، والذي أعلن فيه أنه لن يخوض الانتخابات النيابية وأنه سينسحب من حزب جبهة العمل الاسلامي "غير نادم ولا آسف"، وهو الأمر الذي أثار جدلا واسعا في أوساط وقواعد الحركة الإسلامية، باعتبار العكايلة أحد رموز الحزب ومؤسسيه، حيث كشفت مواقع التواصل الاجتماعي عن انقسام بخصوص قرار الحزب عدم ترشيح العكايلة على رأس القائمة العامة، وشنّ مريدو العكايلة هجوما لاذعا على الحزب انطلاقا من رؤيتهم أن الوزير الأسبق والبرلماني المخضرم خير من يحمل راية الحركة الإسلامية تحت قبة البرلمان.

الواقع أن الأحزاب السياسية لعبت دورا مهما في تشكيل القوائم المحلية، فكما أن ترشح القيادي في "إرادة" خميس عطية ساهم بانسحاب شقيقه خليل عطية من السباق، فإن قوائم الحركة الاسلامية تأثرت أيضا بتشكيل القائمة العامة، وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أن النائب السابق أحمد القطاونة لن يكون مرشحا على مستوى محافظة الكرك بل ضمن القائمة العامة لحزب جبهة العمل الإسلامي، كما أن التشكيل ساهم بإقناع النائب السابق صالح العرموطي بالترشح مجددا لدورة نيابية ثالثة ضمن قائمة محليّة اعتبرها البعض أكثر قوة من القائمة العامة للحزب!

الاحزاب السياسية تسابق الزمن لاعلان قوائمها العامة ، وذلك بعد مخاضات عسيرة وصراعات داخلية واحيانا انقسامات وانسلاخات وانسحابات .. المهم ان معظمها تجاوز هذه العتبة وذلك بصرف النظر عن نوعية المرشحين او القيمة المضافة لهذه القوائم والتغيير الذي يمكن ان تحدثه في المشهد السياسي الاردني القاتم ...