خبراء في مجال الذكاء الاصطناعي والاعلام يدعون الى تبني اليات اعلامية تؤمّن السلامة الرقمية للصحفيين

 
 أكد خبراء في مجال الذكاء الاصطناعي والاعلام ضرورة مواكبة البيئة الاعلامية للتقنيات الحدثية، التي تتجدد كل يوم، والاستفادة منها بشكل يخدم العمل الاعلامي مع التأكد على الحفاظ على اساسيات العمل المهني الاعلامي المتمثل بالدقة والحياد واصالة المادة الاعلامية.

وشدد الخبراء، الذين شاركوا في جلسة نقاشية عقدتها الاثنين شبكة مناهضة العنف الرقمي ضد الصحفيات في الأردن بعنوان " التحديات الرقمية امام الصحفيات في ظل تطور رقمي متسارع، وطرق الالمام بالمستجدات ومواكبتها" على ضرورة التأكد من السلامة الرقمية للصحفييين لافتين ان الصحفيات الاناث قد يكن اكثر عرضة للانتهاكات الرقمية.

عضو شبكة مناهضة العنف الرقمي ضد الصحفيات في الأردن فرح راضي تحدثت عن استطلاع جديد تناول ابرز التحديات الرقمية التي تواجه الصحفيات وأبرز المخاوف والاحتياجات، في ظل التطور المتسارع للذكاء الاصطناعي، وعن أبرز الأولويات التي تحتاجها الصحفيات من أدوات الذكاء الاصطناعي في عملهن.

وقالت راضي: "يشهد العالم اليوم تحولاً رقمياً هائلاً يؤثر بشكل كبير على مجالات الصحافة والإعلام، هذا التحول لم يغير فقط كيفية جمع ونقل المعلومات، بل أعاد تشكيل معايير المصداقية وسرعة الوصول إلى الأخبار.وفي ظل هذا التطور المتسارع، تواجه الصحفيات تحديات جديدة تتطلبُ مِنهن مواكبةً مستمرةً للتقنيات الحديثة واكتساب مهاراتٍ رقميةٍ متقدمة".

ولفتت الى أن الابتكارات التكنولوجية مثل الذكاء الاصطناعي والأدوات الرقمية المتقدمة توفر فرصًا هائلة لتحسين الإنتاجية وتعزيز التواصل مع الجمهور، لكنها تأتي أيضًا مع مخاوف تتعلق بالأمان الرقمي وحقوق الملكية الفكرية والحفاظ على مصداقية المصادر. الا ان والتحديات تتنوع بين الحاجة للتكيف مع منصات جديدة وفهم تقنيات التحليل الرقمي واستخدام الذكاء الاصطناعي في التحرير والإنتاج الإعلامي.

وبينت اضي ان الصحفيات يواجهن أيضاً صعوبات في التعامل مع أدوات رقمية معقدة تتطلب تدريباً مستمراً وتحديثاً للمعرفة، هذه الأدوات تشمل برامج تحرير الفيديو والصوت وتحليل البيانات الكبيرة، وإدارة التواجد الرقمي عبر وسائل التواصل الاجتماعي.ومواكبة التطور الرقمي تتطلب من الصحفيات نهجًا استباقيًا في التعلم المستمر والابتكار في استخدام التقنيات الجديدة والقدرة على التأقلم مع بيئة إعلامية دائمة التغير.

وفي هذا الصدد نفذت شبكة مناهضة العنف الرقمي ضد الصحفيات في الأردن بدراسة استطلاعية حول التحديات الرقمية أمام الصحفيات في ظل تطور رقمي متسارع وطرق الإلمام بالمستجدات ومواكبتها لتكون ابرز مخاوف الصحفيات في هذا المجال الخوف من أن يؤثر الذكاء الاصطناعي على جودة المحتوى الصحفي، او أن يؤدي التطور الرقمي إلى زيادة خطر اختراق البيانات والخصوصية في العمل الصحفي، وكذلك تخوفن من زيادة الضغوطات المهنية على الصحفيين، ومنن فقدان الفرص الوظيفية للصحفيين.

وبخصوص التحديات التي تواجه الصحفيات في هذا المجال، فاشار الاستطلاع الى عدة تحديات منها نقص التدريب والدعم الفني والتقني على استخدام التكنولوجيا الرقمية في العمل الإعلامي، صعوبة مواكبة التطورات الرقمية المتسارعة، وتحديث المهارات الرقمية والتأقلم مع هذه التكنولوجيا، كما ان مواكبة التطورات الرقمية تعيق الالتزام بالأعمال الصحفية والإعلامية التقليدية.لافتا ان اهم الادوات التي تجد الصحفيات صعوبة في استخدامها تتمثل في الأدوات التي تتعلق بتحليل البيانات، منصات تصميم الرسوم البيانية وإنشاء المحتوى المرئي، وأدوات تحرير الفيديو والصوت.




بدورها، تحدثت قائدة فريق التواصل الرقمي في شبكة أريج منى السرّاج عن التطبيقات التي تم استغلال استخدام الذكاء الاصطناعي فيها من قبل جيش الاحتلال الاسرائيلي في الحرب على غزة، ومن بينها استهداف الصحفيات والصحفيين من خلال المسيرات التي يتم تزويدها بالمعلومات من العديد من المصادر عن أماكن تواجد الصحفيين وعناوينهم وتنقلاتهم.
وتطرقت الى الحديث عن الاستراتيجيات والطرق التي يمكن للصحفيات من خلالها استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي من أجل مساعدتهن في عملهن، مع التركيز على أن هذه الأدوات لن تقوم بعمل المادة الصحفية بذاتها، وإنما ستساعد الصحفيات في تجويد وتدقيق وتحرير هذه المادة.
وكانت اريج أطلقت استراتيجيتها للذكاء الاصطناعي باللغة العربية بدعم من مبادرة أخبار جوجل، ليس فقط لدعم جهودها المستمرة في تطوير الصحافة الاستقصائية وتدقيق المعلومات، بل لدعم جهود كل المؤسسات الإعلامية العربية الصغيرة والمتوسطة في إعادة تشكيل هويتنا الصحفية وتطوير عملنا لتحقيق المزيد من المساءلة في مجتمعاتنا التي تواجه كماً هائلاً من الفساد والإهمال وانتهاكات حقوق الإنسان وحملات التضليل الضخمة.

ووفقا لاستراتيجية "اريج" تتمثل إحدى المزايا الرئيسية لدمج الذكاء الاصطناعي في إستراتيجية "أريج" القائمة على "التشبيك، التمكين والابتكار"، في القدرة على أتمتة المهام الشاقة والتي تتطلب وقتاً طويلاً، مثل جمع وتحليل البيانات، انتاج المواد الصحفية القائمة على البيانات الضخمة، تدقيق المعلومات وغيرها. من خلال أتمتة جزء من هذه العمليات، يمكن للصحفيين/ات، المحررين/ات ومدققي/ات المعلومات التركيز بشكل أكبر على التحليل المتعمق والتحقيقات الاستقصائية، مما يمكنهم من إنتاج روايات أكثر تعقيداً وتأثيراً وابتكارا وتحدث صدى أكبر لدى الجمهور العربي.

سراج اكدت انه " من أجل تطوير أداة تساعد في توليد ذكاء اصطناعي باللغة العربية، فإن هذه الأداة ستعتمد على المدخلات والبيانات من خلال الأشخاص الذين يقومون باستخدامها، وتخزين ودمج مدخلات هؤلاء المستخدمين، وبالتالي سوف يكون أداء هذه الأداة هو نتاج لمستوى مستخدميها كل حسب تخصصه، وبالتالي فلن تكون هذه البيانات موثوقة".

وكذلك بينت صعوبة تحديد الفيديوهات والمحتوى المزيف والتي يتم توليدها من خلال الذكاء الاصطناعي خاصة عندما يتم تقديمه من خلال خبراء في هذا المجال ويقصدون من خلاله إيذاء الآخرين.

مدير جمعية المصدر المفتوح عيسى محاسنة أشار إلى التسارع الكبير الذي تشهده التطورات على الذكاء الاصطناعي والتي من الصعب مواكبتها جميعها، مبينا انه من أجل ذلك يجب على كل شخص التركيز على أدوات الذكاء الاصطناعي التي تختص بمجاله، مع مراعاة الشفافية والنزاهة عند استخدامها. وأضاف أن أهم المخاوف التي تنتج عن الذكاء الاصطناعي أنه يحاكي لغة البشر، وهذا ما نلمسه واضحا في "الذباب الالكتروني" والذي يمثل حسابات وهمية تتفاعل وتنشر وتعلق منشوراتها على وسائل التواصل الاجتماعي وتبدو كأنها شخص حقيقي.

وبين محاسنة انه بحسب الحالات التي تصل اليهم من خلال خط للشكاوى والمساعدة في "جوسا" أن أغلب الحالات تكون للنساء والصحفيات أكثر من الرجال والصحفيين، وأن أغلب الحالات كانت تتعلق بإغلاق الحسابات وحذف المحتوى من منصات التواصل الاجتماعي، وأن هذه العملية تتم من خلال استخدام هذه المنصات لخوارزميات الذكاء الاصطناعي، وهذا يؤكد على استخدام منصات التواصل الاجتماعي لسياسة قمع الحريات.

وأكد عيسى على صعوبة الحصول على الأدوات والأدلة التي تواكب الذكاء الاصطناعي باللغة العربية بشكل عام، وبالتالي صعوبة وجود هذه الأدوات للصحفيات بشكل خاص.

وكان هناك العديد من المداخلات من الصحفيات والحضور، حيث تساءلت الصحفية أحكام الدجاني عن إمكانية استيلاء الذكاء الاصطناعي على الوظائف خصوصا في مجال الصحافة، حيث كان هناك العديد من الحالات في العالم التي تم الاستغناء فيها عن العديد من الموظفين ليحل محلهم الذكاء الاصطناعي، وأشارت الى بعض التجارب والأمثلة التي حدثت في الأردن في استخدام الذكاء الاصطناعي بديلا للبشر.

وتعليقا على وجود خط للشكاوى للحالات التي تصل إلى "جوسا" من الإناث والصحفيات خاصة، تساءلت الصحفية رانيا الصرايرة عن المخاوف التي يجب أخذها بعين الاعتبار من قبل الصحفيات من أجل حماية حساباتهن وأمنهن الرقمي، في ظل وجود حالة من عدم الجدية في الوسط الإعلامي عن مدى خطورة الذكاء الاصطناعي على الصحفيات.

ووضح محاسنة أن هناك تمييزا على أساس الجنس في الحالات التي تصل إليهم، وأن الصحفيات يتعرضن للابتزاز أكثر، إضافة الى المزيد من التعليقات المسيئة والمهينة.

وفي نهاية الجلسة تم تقديم بعض التوصيات لمساعدة الصحفيات في مواجهة العنف الرقمي عند استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي ، وكانت أهمها التركيز على حماية أجهزة الصحفيات وحساباتهن والشبكات التي يستخدمنها، وكذلك فحص الايميلات الواردة من جهات غير معروفة، وكذلك التركيز على أهمية عمل دراسات مستفيضة وتكثيف الدورات والجلسات التدريبية في مجال الذكاء الاصطناعي