(7) تخوّفات وثغرات في نظام العمل المرن.!

كتب موسى الصبيحي -تم نشر نظام العمل المرن رقم (44) لسنة 2024 في الجريدة الرسمية مطلع الشهر الحالي وسيصبح نافذاً اعتباراً من تاريخ 1-9-2024.


العمل المرن مفيد ويفتح آفاقاً للتشغيل وزيادة معدلات المشاركة الاقتصادية، إضافة إلى فائدته لبعض الأعمال والمشروعات التي تتطلب طبيعتها تشغيل أيدي عاملة ضمن عقود عمل مرنة وغير تقليدية.
النظام الصادر حدّد خمسة أشكال للعمل المرن هي:
١) العمل عن بعد.
٢) العمل لبعض الوقت.
٣) العمل ضمن ساعات مرنة.
٤) أسبوع العمل المكثّف.
٥) السنة المرنة.
ومن أهم ملاحظاتي الأولية التي قد تُشكّل تخوّفات وثغرات في النظام ما يلي:

أولاً: اشترط النظام في تعريفه لعقد العمل المرن, أن يكون خطيّاً أي مكتوباً، وهو ذات النص الوارد في المادة (2) من قانون العمل، في حين أن القانون لم يشترط ذلك في عقود العمل غير المرنة (العقود التقليدية) إذ قد تكون خطّيّة (مكتوبة) وقد تكون غير مكتوبة (شفهية). وللتسهيل كان يجب أن يُعامَل عقد العمل المرن نفس معاملة عقد العمل غير المرن، وأن يتم الاعتراف به وإثباته سواء أكان مكتوباً أو شفهياً، مع إدراكي طبعاً لأهمية العقد الخطّي في حفظ حقوق طرَفَي العقد وإثباته.

ثانياً: لم يتضمن النظام ضوابط لعنصر الأجر، وترك ذلك للاتفاق بين صاحب العمل والعامل، ولم يتطرق إلى ضرورة أن لا يقل الأجر عن الحد الأدنى للأجور المعتمد وفقاً لأحكام قانون العمل. الأمر الذي سيترك فراغاً كبيراً ومُتّسعاً للتهرب من الحد الأدنى للأجور، وما سينجم عن ذلك من آثار اجتماعية واقتصادية ستنعكس سلباً على العامل ومنظومة الحماية الاجتماعية.

ثالثاً: بالنسبة لشكل العمل المرن المُسمّى (أسبوع العمل المكثّف)، فيجب أن تكون هناك ضوابط متسقة تماماً مع قانون الضمان الاجتماعي وأنظمته لغايات ضمان شمول العامل بأحكام قانون الضمان، ولا يكفي ما نصت عليه المادة (10/ب) من النظام بهذا الشأن. لا سيما وأن من شروط شمول عمال المياومة، وفقاً لقانون الضمان، العمل لمدة لا تقل عن (16) يوماً في الشهر الواحد.
رابعاً: بالنسبة لشكل (السنة المرنة) كأحد أشكال عقد العمل المرن، فهذه غالباً ما ستُتَّخَذ ذريعة لبعض أصحاب العمل للتخلص من أجور العاملين طيلة أشهر السنة، واقتصار الأجر على الأشهر المحددة فقط في السنة المرنة، وبالتالي الانتقاص من حقوقهم وما يتبع ذلك من إيقاف شمولهم بمظلة الضمان. كما يحصل للمعلمات والمعلمين في كثير من المدارس الخاصة.

خامساً: أجاز النظام التحويل من عقد العمل غير المرن إلى أحد أشكال عقد العمل المرن بالاتفاق بين صاحب العمل والعامل، لكنه لم يضع أي ضوابط تضمن عدم فرص شكل عقد العمل المرن على العامل. إذ قد يلجأ بعض أصحاب العمل إلى إجبار العمال على التحول من عقد العمل غير المرن إلى عقد العمل المرن بصور وأشكال مختلفة، وليس هناك حماية كافية للعامل من مثل هذا السلوك.

سادساً: أجاز النظام للعامل في المؤسسات التي تطبق نظام العمل المرن، وفي (6) حالات أن يطلب التحوّل إلى عقد العمل المرن وعبر أي شكل من أشكاله المحددة في النظام، ولكن لا يوجد في النص ما يُلزِم صاحب العمل بالاستجابة لطلب العامل ورغبته.!
سابعاً: ألزمَ النظامُ صاحبَ العمل بعدم التمييز بين العاملين لديه بموجب عقود عمل مرنة وبين العاملين بموجب عقود عمل غير مرنة، وهذا غير مفهوم لا بل لا يمكن أن يكون منطقياً في بعض الأمور، ولا سيما تلك التي تفرضها طبيعة عقود العمل المرنة، من ناحية بعض الحقوق العمالية مثل مدة الإجازة السنوية، ومقدار الأجر، وطبيعة الإشراف والإدارة والمسؤولية.