الكونفدرالية الاردنية الفلسطينية.. ما أكبر "الفكرة".. وما أصغر الدولة!



لا أعلم لماذا قفزت إلى ذهني فور التقاطي لعودة الحديث عن الكونفدرالية بين الأردن والسلطة الفلسطينية، المقولة الشعبية الدارجة: " الله يطعمك الحج والناس راجعة"!

عن أي كونفدرالية نتحدث؟ وبين من ومن؟
وهل بقي للسلطة الفلسطينية ومنها، ما يمكن للأردن من الائتلاف معه تحت مسمى كونفدرالية؟

دعونا نفصّل الأمر على أرض الواقع:
اتفاقية أوسلو العتيدة صنفت أراضي الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق: ( أ ) و (ب) و (ج) دون مدينة القدس المحتلة كما يعلم دعاة الكونفدرالية.

المنطقة ( أ ) يقال بأنها تخضع اداريًا لسيطرة السلطة الفلسطينية، ولا تتعدى مساحتها (18) بالمئة من مجمل أراضي الضفة الغربية إبان توقيع أوسلو، ثم قضم الاحتلال منها مساحات عقب انتفاضة العام 2000.

أما المنطقة (ب) وتبلغ مساحتها نحو (18) بالمئة من أراضي الضفة الغربية، فهي تخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية كاملة، ولا يمكن إخضاعها لمنطق الكونفدرالية مع السلطة!

المنطقة (ج) التي تشكل المساحة الأكبر من أراضي الضفة الغربية المحتلة، وتبلغ نحو (61) بالمئة من مجمل أراضي الضفة، خاضعة تمامًا لسيطرة مدنية وإدارية وأمنية إسرائيلية كاملة الدسم، عدا بأن سلطات الإحتلال منذ توقيع الاتفاقية المشؤومة حتى اللحظة، أضافت لها عشرات آلاف الدونمات، وأقامت عليها مئات المستوطنات الجديدة.

وبناء على ما تقدم، وهو فيض من غيض، فإن الأراضي الفتات المتبقية، لا يمكن بحال من الأحوال أن تصلح لا سياسيًا ولا جغرافيًا ولا أمنيًا أو منطقيًا لكونفدرالية، هذا، إذا سمح جنرالات الدم في تل ابيب بفكرة الكونفدرالية مع السلطة الفلسطينية أصلًا، وهم الذين لا يسمحون لرئيسها الخروج من رام الله إلا بتصريح من مكاتب التنسيق الأمني!

وزيادة في الشعر بيتًا، فان الأراضي الخاضعة لسلطة الحكم الإداري الفلسطيني، عبارة عن جيوب سكانية متقطعة الأوصال، تعوم وسط ارخبيلات غير متصلة ببعضها، يبلغ تعدادها نحو (165) كانتونًا، تشبه حين النظر لخارطتها، فسيفسائية سيريالية رسمها ابليس، لا يمكن لعقل إنسيّ أن يربطها ببعضها البعض مهما صفن فيها وتمعن!

الاحجية الجغرافية التي يطلق عليها مجازًا أراضي السلطة الفلسطينية، غير صالحة للاستعمال الكونفدرالي مطلقًا، فهي محاصرة بالاحتلال أرضًا وجوًا وعمقًا، وينتشر فيها وحولها، أزيد من (750) مستوطنة صهيونية، تأوي قرابة (750) ألف مستوطن، وتفرخ كل يوم مستوطنة، ومقام عليها وبينها، نحو (700) حاجز، جميعها تخضع لسلطات الاحتلال، منها (140) نقطة تفتيش عسكرية.

ومع أوسخ حكومة صهيونية دموية في تاريخ البشرية، تضم أمثال نتنياهو وبن غفير وسموتريتش، التي تعمل على قدم وساق لإعادة ضم مناطق (ب) و (ج)، اللتان تشكلان نحو (82) بالمئة من أراضي الضفة الغربية، فإن الحديث عن كونفدرالية مع ما يتبقى من مساحات جغرافية متشظية، أشبه بالدخول في متاهة مغلقة!

الحقيقة المرة، ان مساحة الأراضي الخاضعة للسلطة - إذا اتفقنا أنها فعلًا خاضعة للسلطة - تبلغ (18) بالمئة فقط من مساحة الضفة الغربية، فيما مساحة الضفة الغربية كلها، تعادل نحو (20) بالمئة فقط، من أراضي فلسطين التاريخية المحتلة!

تخيلوا ما أكبر "الفكرة".. وما أصغر الدولة!