التهرب الضريبي كأداة في جرائم غسل الأموال

 تعتبر جرائم غسل الأموال من أكثر الجرائم المالية تعقيدًا وتنوعا، حيث تتضمن عمليات تهدف إلى تحويل الأموال الناتجة عن نشاطات غير مشروعة إلى أموال تبدو قانونية من بين هذه الجرائم، يبرز التهرب الضريبي كواحد من أبرز الجرائم التي يمكن أن تترافق مع غسل الأموال .

ان التهرب الضريبي هو العملية التي يقوم من خلالها الأفراد أو الشركات بتجنب دفع الضرائب المستحقة من خلال إخفاء أو تقديم معلومات مضللة حول مصادر دخلهم أو نفقاتهم. حيث يعتبر التهرب الضريبي غير قانوني ويشكل انتهاكًا للقوانين المالية ومن خلال تعريف غسل الأموال والذي يعني تحويل الأموال التي تم الحصول عليها بطرق غير قانونية، مثل تجارة المخدرات أو الفساد، إلى أموال تبدو كأنها ناتجة عن أنشطة قانونية,تهدف هذه العملية إلى إخفاء المصدر الحقيقي للأموال وتمويهها بحيث تبدو كأموال قانونية.
وهنا نجد ان العلاقة بين التهرب الضريبي وغسل الأموال تتمثل في ان التهرب الضريبي يمكن أن يكون جزءًا من عملية غسل الأموال، حيث يلجأ المجرمون إلى التهرب من الضرائب كوسيلة لإخفاء مصادر الأموال غير المشروعة , من خلال عدم الإبلاغ عن جميع مصادر الدخل أو تقديم تقارير مالية كاذبة، يمكن للمجرمين تقليل نسبة الضرائب المفروضة على الأموال غير القانونية وجعلها تبدو كأموال قانونية.
كما وان الأهداف المشتركة تتمثل با التهرب الضريبي وغسل الأموال يسعيان إلى تحقيق هدف مشترك وهو إخفاء المصادر الحقيقية للأموال وتجنب المسؤوليات القانونية اضافة الى هدف تجنب دفع الضرائب، بينما في غسل الأموال اطفاء الشرعية على الأموال غير القانونية.
ونجد ان ظاهرة وجود شركات وهمية تقوم بإصدار فواتير مزورة أو عقود وهمية لنقل الأموال غير المشروعة إلى حسابات بنكية تبدو قانونية, يمكن أن تستخدم هذه الشركات كوسيلة لإخفاء تدفق الأموال وتحويلها إلى أموال قانونية يمكن للمجرمين تقديم تقارير مالية مضللة للسلطات الضريبية تظهر أن الأموال التي حصلوا عليها جاءت من مصادر قانونية وهذا يشمل إخفاء الدخل الحقيقي أو المبالغة في تقدير النفقات وغالبًا ما يتم استثمار الأموال غير المشروعة في العقارات أو الأعمال التجارية القانونية، مما يسمح بإدخال الأموال غير القانونية إلى النظام المالي كأموال قانونية وهنا يمكن أن يساعد التهرب الضريبي في تقليل الضرائب المستحقة على هذه الاستثمارات، مما يزيد من صعوبة اكتشاف الأنشطة غير القانونية.
وتشكل التأثيرات السلبية التأثير على الاقتصاد في التهرب الضريبي وغسل الأموال إلى خسائر كبيرة في الإيرادات الحكومية، مما يؤثر سلبًا على تمويل الخدمات العامة والتنمية الاقتصادية حيث يقلل التهرب الضريبي من الأموال المتاحة للحكومات لتمويل البنية التحتية، التعليم، والرعاية الصحية , حيث تقدر قيمة المتحصلات الاجرامية لجريمة التهرب الضريبي ما يقارب ( 695 ) مليون دينار اردني كما ورد في تقرير التقييم الوطني لمخاطرغسل الأموال وتمويل الإرهاب لعام 2020 وتشمل الضرائب المتهرب منها ضريبة الدخل الى جانب ضريبة المبيعات .
ان معظم المتحصلات تولدت على شكل نقد , في حين ان ربعها تقريبا على شكل اصول مالية , و يودع بعض المتهربين من الضرائب الاموال في حسابات مصرفية شخصية بدلا من حساباتهم التجارية , وتقريبا تبقى جميع المتحصلات من التهرب الضريبي في الاردن , في حين يتدفق الجزء الباقي الى الخارج من خلال القطاع المالي الرسمي , وغالبا ما ترتبط التدفقات الصادرة بحالات تهرب ضريبي كبير واكثر تعقيدا ان تعزيز الأنشطة الإجرامية من خلال غسل الأموال، يتم بتمويل الأنشطة الإجرامية الأخرى مثل الاتجار بالمخدرات، الفساد، والجريمة المنظمة. هذا يعزز من انتشار الجريمة ويزيد من عدم الاستقرار الاجتماعي كما ان تآكل الثقة في النظام المالي يؤدي انتشار التهرب الضريبي وغسل الأموال إلى تآكل الثقة في النظام المالي والمصرفي، مما يؤثر على الاستثمارات الأجنبية ويضعف الاقتصاد الوطني ومن هنا نستنتج ان التهرب الضريبي جزءًا لا يتجزأ من عمليات غسل الأموال، حيث يسهم في إخفاء المصادر الحقيقية للأموال غير المشروعة وتمويهها ,لمكافحة هذه الظواهر، يجب تعزيز التعاون الدولي وتبادل المعلومات بين الدول، بالإضافة إلى تطبيق قوانين صارمة وتشديد الرقابة المالية. تعد التوعية العامة بأهمية الامتثال للقوانين المالية والتصدي للفساد والجريمة من الأدوات الأساسية لتحقيق اقتصاد أكثر شفافية وعدالة.