نتنياهو المسعور يجر المنطقة الى حرب اقليمية ومستقبل مظلم



كتب د. رامي العياصرة -  
 
ما من شك أن العربدة التي قام بها نتنياهو وحكومة كيانه في المنطقة الاسبوع الفائت من اغتال للقائد الشهيد اسماعيل هنية والقيادي العسكري البارز في حزب الله وبهذه الطريقة الاستعراضية ستجر المنطقة الى توسيع دائرة الحرب من غزة لتشمل الاقليم كاملاً ربما ، ولا مستفيد من كل هذا المشهد سوى نتنياهو شخصيا وشركاؤه في الحكومة الأكثر يمينية وتطرفا في تاريخ الكيان المجرم .

ايران بالاساس تتقن اللعب بالضغط على عصب الكيان الصهيوني والمشاغلة عبر الوكلاء والحلفاء وتريد ان تنفذ بريشها ببرنامجها النووي كأولوية وخيار استراتيجي يحكم كل سياساتها وتحركاتها في المنطقة. ولكن اغتيال القائد الشهيد اسماعيل هنية على أرضها وفي مناسبة سيادية ( تنصيب الرئيس الايراني الجديد ) شكّل لها حرجا كبيرا لا تملك السكوت عليه ، خاصة وأن الضربة جاءت لتتعدى مسألة انتهاك سيدتها الى المساس بأمنها القومي ذاته واصابته في مقتل، فما الذي يمنع نتنياهو في المرة القادمة أن يقرر اغتيال المرشد الأعلى خامنئي نفسه مادام ان ساحة ايران باتت مستباحة الى هذا الحد؟!

ومعه يريد نتنياهو ان يؤكد بأنه وتحت الحماية الأمريكية قادر على فعل ما يشاء وأنه لا خطوط تحد تحركاته ولا ألوان لهذه الخطوط يراها او يعترف بها .

الرد الإيراني المتوقع ومن حزب الله قادم ولكن لا يتوقع أن يصل الى حرب اقليمية شاملة بسبب عدم تولد رغبة من الأطراف بها لا الايراني ولا الاسرائيلي نفسه، ويرجح ذلك السناريو تعزيز القوات الامريكية في شرق المتوسط وحضور قائد القيادة الوسطى الأمريكية بنفسه الى المنطقة لضبط الايقاع .

غير أن رد حزب الله سيكون مختلفا لجهة رفع وزيادة وتيرة جبهتها المشتعلة بالتوازي مع معركة الطوفان منذ عشرة شهور .
بمعنى أن حزب الله سيكون أقرب الى الفعل وليس رد الفعل باستمرار اشتباكه العسكري مع رفع مستوى عملياته الميدانية بشكل دائم حتى توقف الحرب على غزة.

الحقيقة الماثلة للعيان والقناعة الراسخة أن فعل نتنياهو وتوجهات حكومته المتطرفة ستكون بمثابة الثقب الأسود الذي سيبتلع أمن المنطقة في سبيل ترميم أمنه وصورته بعد ما حلّ به في 7 أكتوبر وهو يحاول أن يستعيد هيبته المهدورة وقوة الردع التي ضاعت بفعل منظم ومحكم من 1500 من جنود النخبة القسامية يوم ال7 من أكتوبر.

تخيلوا معي المشهد التالي : تمكن نتنياهو من كسر إرادة الصمود الغزّي وتحقيق نصر في غزة ( لا قدر الله وهو أمر وارد بالحسابات المنطقية ولكنه مستبعد قياسا بما يجري على الأرض ) وبذات الوقت يعود ترامب سيدا للبيت الأبيض مع نهاية العام . كيف سيكون عليه المشهد في المنطقة ؟

سيُكتب لنتنياهو عمر سياسي جديد ولكن هذه المرة مصحوبا بغرور وصلف واستعباد لانظمة المنطقة السياسية وشعوبها ولأمد لا يمكن التنبؤ بمداه ..!!!

وحتى لو رحل نتنياهو فربما يحل محله سموتيريتش او بن غفير او أحد اكثر جنونا منهما.
ما هي الحلول التي يمكن أن تفرض على المنطقة وعلى القضية الفلسطينية تحديدا عندها ؟
وكيف سيتم إعادة فك وتركيب المنطقة من جديد على مقاس ورغبة اليمين الاسرائيلي الأكثر تطرفا وعنجهية وصلفاً ؟!
وخاصة أن المنطقة تعيش حالة من الانقسام والتشضي غير مسبوقة .

اعتقد أننا في هذه الحالة - اذا ما وصلنا إليها او اقتربنا منها - سندخل عصرا صهيونيا جديدا لا يمكن التنبؤ به شكلا ومضمونا او يمكن الحكم على مآلاته .

لذلك التوازنات في العلاقات الدولية مهمة مهما كانت درجة رضانا عن أطرافها او اتفاقنا واختلافنا معها، وأكثر مَن يستفيد من تلك التوازنات الدول الضعيفة التي تجلس في المربعات والمساحات التي تخلقها حالة التوازن والردع المتبادل خاصة اذا ما كانت التموضعات السياسية في محلها ومكانها الصحيح .

لذلك وبعيدا عن القراءة الرغائبية او المحكومة بتصورات ومواقف مسبقة، ليس في مصلحة دول المنطقة برمتها هزيمة حماس في غزة أو إضعاف حزب الله أو شطب قوى المقاومة أو حتى حرمانها من قطف ثمار معركتها ، بل إن الدهاء السياسي في هذه اللحظة يستدعي الاستثمار السياسي في فعلها وانجازها ولجم المشروع الصهيوني بها ومن خلالها، خاصة أن الدول العربية وقعت اتفاقات " سلام " مع اسرائيل ولا تستطيع بحكم علاقاتها الدولية وتحالفاتها ان تعود لخيار الحرب مع الكيان الإسرائيلي ، وهنا تحديدا أتت قوى وفصائل المقاومة لتقوم بهذا الدور وتنوب عن دول المنطقة في سد الفراغات اذا ما استثمرت سياسيا وبالشكل الصحيح، أو اتيح لها أن تفعل فعلها وتؤدي المطلوب.

فلماذا لا تقوم انظمة المنطقة بهذه الخطوة ؟!

سؤال مهم ، ولكن ليس شرطا أن يكتب الجواب لكل سؤال يطرح ، ربما يكفي أن نفكر بالاجابة وهذا يكفي!!