أنظمة تتعارض مع الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية.!
كتب موسى الصبيحي - بالأمس كان جلالة الملك يتابع مع المسؤولين المعنيين سير العمل بتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية 2019 - 2025.
وللحقيقة نقول بأن هناك تراجعاً واضحاً في بعض السياسات المُعزّزة للحماية الاجتماعية لدينا، لا بل ثمة ممارسات وقرارات وتشريعات تتناقض معها، ولا سيما ما يتعلق بمحاور سياسات سوق العمل، والموارد البشرية، والتأمينات الاجتماعية، ومواجهة الإقصاء والتهميش الاجتماعي، فالاستراتيجية التي تهدف إلى بناء منظومة حماية اجتماعية شاملة ومتكاملة تُحصّن الأردنيين من الفقر وتُمكّنهم من العيش بكرامة، باتت مهدَّدة الآن بتراجعات حادّة، لا بل شهدت مؤشّراتها تراجعات واضحة، وستشهد تراجعاً أكبر من خلال صدور عدد من الأنظمة التي تحمل محاذير كثيرة، تُهدّد منظومة الحماية الاجتماعية للمواطن، ومن هذه الأنظمة التي صدرت مؤخراً:
- نظام إدارة الموارد البشرية في القطاع العام.
- نظام العمل المرن.
- نظام تخفيض اشتراكات تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة للعاملين في منشآت القطاع الخاص.
- لائحة تعرفة الأجور الطبية.
فالأنظمة المذكورة، وإنْ كانت تنطوي على بعض الإيجابيات المحدودة، إلا أنها ذات انعكاسات سلبية بالغة على الحماية الاجتماعية للمواطن.
فمن جانب نظام الموارد البشرية، فسيلعب دوراً ما في إفقار الموظف العام أثناء خدمته وبعد تقاعده، وكنت قد تطرقت إلى ذلك بالتفصيل، ولا سيما عبر سياسات إنهاء الخدمة والإحالة القسرية على التقاعد المبكر.
ومن جهة نظام العمل المرن، فهو مليء بالتخوفات في الكثير من مراحل التطبيق، ويحتاج إلى مراجعة بما يتوافق مع سياسات سوق عمل رصينة وعادلة. مع ضرورة إعادة النظر بالحد الأدنى للأجور بما يحقق مستوى الحد الأدنى الأساسي من العيش الكريم لأكثر من (200) ألف عامل أردني يعملون بأجور لا تزيد على الحد الأدنى للأجور النافذ حالياً.
أما من جهة نظام تخفيض اشتراكات تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة الصادر بموجب قانون الضمان الاجتماعي، فهو ينطوي على انتقاص ملموس من مستوى الحماية الاجتماعية للعمال الأردنيين الشباب العاملين في المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ويقلّص من نطاق التغطية ومدّ مظلة الشمول بالتأمينات التي دعت إليها استراتيجية الحماية الاجتماعية.
أما التعرفة الجديدة للائحة الأجور الطبية التي رفعت الأجور بنسبة (60%) على الأقل، فتشكّل تهديداً حقيقياً لصحة المواطن الأردني، ولا سيما الفئات الهشّة في المجتمع ممّن يعانون من ضعف مداخيلهم، وعدم تمتعهم بأي تأمين صحي.
هذا كله يتناقض مع الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية 2019 - 2025، ويتعارض بشكل مباشر مع محاورها وأهدافها.. والنتيجة زيادة في الفقر، زيادة في البطالة، زيادة في التهميش والإقصاء الاجتماعي، زيادة في الخوف من المستقبل، زيادة في حالة عدم الرضا، زيادة في اليأس والإحباط والاحتقان والأمراض النفسية..!
فهل مَن يفسّر لنا هذه التناقضات، وهل وضعتم سيّد البلاد بصورتها.؟!