الاردن في موقف لا يحسد عليه!



كتب حمادة فراعنة - 

لم يقتصر الموقف الأردني على زيارة وزير الخارجية أيمن الصفدي إلى طهران، بل سبقه وزير الدولة إبراهيم الجازي للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس الإيراني، وفي مشاركة السفير الأردني لدى قطر في مراسم تشييع الشهيد إسماعيل هنية وتقديم العزاء لعائلته ولرفاقه في حركة حماس.

كمراقب، مدقق، ينشغل بالسياسة فعلاً وكتابة أجد أن بلدنا في موقف، وفي ظرف لا نُحسد عليه، لا نحن مع سيدي بخير، ولا مع ستي بخير، نحن بين خيارين كلاهما مُر ومؤذي، وهو شبيه بالموقف الأردني الذي كنا فيه في أزمة الخليج، في بداية التسعينات من القرن الماضي، والاجتياح العراقي للكويت و تداعياته، وفي الحرب المدمرة التي كانت تستهدف العراق، فلم نكن مع الموقف العراقي المتطرف في اجتياح الكويت، ولم نكن مع الحرب الخبيثة الهادفة ليس فقط لتحرير الكويت، بل كان العراق القوي القومي، هو المستهدف، وهو ما حصل وتحقق في تدمير قدرات العراق العسكرية وإنهاء دوره القومي، واحتلاله لصالح العدو القومي المستعمرة الإسرائيلية، ولصالح خصوم العرب الإقليميين وأطماع إيران وتركيا التوسعية على حساب العرب ومكانتهم.

المستعمرة تستهدف إيران، وتمارس التحريض ضدها لدى الأميركيين والأوروبيين والخليجيين، ونحن وإن كنا ضد توجهات إيران التوسعية وتدخلاتها العربية وانتشار نفوذها التعددي، ولكننا ضد سياسات المستعمرة التي تستهدف ليس حماية مصالح العرب، لدى الخليج وغيره، بل تستهدف تدمير قدرات إيران كدولة إسلامية مستقلة، تُشكل مظلة داعمة لفصائل المقاومة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي، ولذلك وإن اختلفنا مع السياسة الإيرانية في كثير من المواقف والمواقع، ولكن لا مصلحة لنا في تدمير إيران وإضعافها، ولا مصلحة لنا في الحرب الإسرائيلية الأميركية الإقليمية التي تستهدفها، خاصة بعد أن تعرضت من مس وتطاول على سيادتها، واغتيال القائد السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية على أرضها، وهو شخصية سياسية، غير عسكرية، وإن كان في الموقع القيادي الأول لفصيل كفاحي يمارس كافة أنواع المقاومة ووسائلها وأدواتها وأساليبها المشروعة وفق القانون الدولي.

لم تتغير سياسات الدولة الأردنية، لم تنتقل من موقع سياسي إلى موقع آخر، ولم تترك تحالف لتكون في تحالف بديل، بل تسعى الدولة الأردنية لتبقى في الموقع الذي يحمي مصالحها وأمنها، لا أن تتورط وتخوض المغامرات المحسوبة وغير المحسوبة، لصالح هذا الطرف أو ذاك.

المستعمرة الإسرائيلية وحدها لها مصلحة في الحرب، وتوسعها وتمديدها ونقلها من داخل فلسطين إلى خارجها، بعد أن فشلت في تحقيق أهدافها في قطاع غزة، رغم أنها خلّفت الموت والقتل والدمار والخراب، وحولت قطاع غزة إلى موقع لا يصلح للحياة البشرية، ويحتاج لعشرات السنين حتى يستعيد عافيته كموقع ووطن يليق بشعبه المعذب الموجوع.