أحمد حسن و بيبي قريللو ..!!



  أحمد حسن الزعبي كاتب ساخر ، كان يمكن ان يكون بيبي قريللو Beppe Grillo أو جان بول سارتر Jean Sarter او غيرهما ممن كانوا أشد نقدا لحكوماتهم في بلادهم و أكثر سخرية من حكامهم ، غير ان حظه العاثر أنه لم يكن هناك بل هنا ، و هناك يتحملون بعضهم بعضا و يضحكون من الكتابة الساخرة حتى لو مست رموزا سياسية او سياسات حكومية ، بيبي قريللو ، كوميدي و كاتب ساخر ايطالي و أسس حزبا سياسيا أسماه حركة الخمسة نجوم في أربعين يوما و تمت الموافقة الرسمية عليه ، و لم تطلب السلطات الإيطالية شهادة عدم محكومية و لا حسن سلوك للأعضاء ، و لم تقم وزارة الشؤون السياسية او الهيئة المستقلة للإنتخابات بتحويل الحزب للمحكمة ثم تغلق أبوابه و ترمي متاعه في الشارع .

بيبي قريللو و في لقاء مع رئيس الحكومة الإيطالية ، و في اجتماع رسمي يحضره بعض الوزراء و اثنين من حزب الخمسة نجوم يقول للرئيس " أنا لم آت الى هنا لأسمع كلامك فانا لا اثق بك ، انت تغير كلامك كل يوم و تكذب على الناس ، و يقول له الرئيس دعني اتكلم ، و يرد الكوميدي الساخر رئيس الحزب ، لا ، انا من سيتكلم ، انا اعرف من انت ، انت رئيس حكومة لا تمثل الشعب ، انت تمثل اصحاب البنوك و كبار رجال المال و الأعمال ، انت تريد ان تبيع الأصول الإيطالية ، شركة الماء و الكهرباء ، و يحاول الرئيس الحديث و يتوسل اعطني دقيقة واحدة فقط لأتحدث و يرد الكوميدي الساخر و لا دقيقة ، انت لا تستحق الثقة ، انا لا اثق بك و لا بالنظام الذي تمثله أنا لا أرغب حتى أن اكون ديمقراطيا و انا أتحدث معك ، نحن نحتل الموقع رقم سبعين في حرية الصحافة ( جملة معترضة اذا كانت ايطاليا في الرقم سبعين احنا وين) ، و انت تمثل حكومة الليراليين المتوحشة.

ماذا لو قال أحمد حسن الزعبي بعض ما قاله قريللو لرئيس الحكومة ، أحمد حسن الزعبي كان يمثل ضمير الشعب الذي يحرص على مراقبة الأداء الحكومي و كان مهذبا ، رقيقا ، هادئا ، تنبع كلماته من القلب ، كان يجب ان يكون في غير المكان الذي هو فيه ، كان يستحق لو ان حول الحكومة ناصحين أن يكرم و يعطى برنامجا في تلفزيون المملكة ، نحن نحتاج الى اعلام حر ، نحتاج الى كتاب و اعلاميين و مفكرين و ساخرين و جادين و منظرين و ناقدين ليعمل الجميع كفريق واحد من أجل الوطن ، السجون خلقت للمهربين و المخربين و اللصوص و الفاسدين ، الذين باعوا الوطن بدراهم معدودة ، السجون ليست لأبناء الوطن كاحمد حسن الزعبي و عبد طواهية و عمر ابو رصاع و عشرات الأردنيين كل ذنبهم انهم انتقدوا الحكومة او سياسات الحكومة ، أحمد حسن الزعبي يستحق وساما على اسهاماته الرائعة في الأدب السياسي الأردني ، يستحق ان يكون وزيرا للثقافة و ليس سجينا مع المهربين و المخربين و مدفعي الخاوات.

الأردن لا يبنى و لا يمكن ان يدوم بالقهر و الظلم و ترك الحبل على الغارب للفاسدين ، و التذرع باغتيال الشخصية لمنع الناس من الحديث ، افتحوا لنا المجال شهرا واحدا لنتحدث بأمان و سنخرج لكم خامر الفساد و فطيره بالأسماء و الأرقام و ربما بالوثتئق ، الأردن بلدنا و نحبه و هو في قلوبنا ، و هذه الهجمة على الكتاب و المفكرين و المعارضين و الله غير مبررة ، يا اخوان الذنيا تتغير و القادم انتم تعرفونه كما نعرفه و غدا قد تقولون يا سامعين الصوت صلوا عالنبي و ينكوا يارجال ، فهل ستجدون من يقول لكم لبيكم يا حكومة ، لا تنغروا بالسلطة و النفوذ الذي تتحصلون عليه بحكم مناصبكم ، و هذه السلطة و هذا النفوذ هو في الأصل اداة لتمكنكم من المحافظة على الوطن و تعيينكم في مناصبكم كان من أجل خدمة الأمة و المحافظة على الدستور و الإخلاص للملك فجاء قبلكم من صنع بالدستور ما صنع الحداد و جئتم أنتم لتزتوا على رؤوسنا ان ايامنا الجميلة لم تأت بعد.

أطلقوا سراح أحمد حسن الزعبي و كل سجناء الرأي فلا يليق بالأردن هذه السمعة في المحافل الدولية و التي لم تكن ابدا في الماضي من سمات الأردن ، السماء ملبدة بغيوم سوداء كقطع الليل المظلم و الوطن بحاجة لمن تسجنوهم أكثر من حاجته لمن تغمروهم بالمكارم من كتاب و منافقي الدعسة السريعة .