اسرائيل والاسلحة الجرثومية في تلويث البيئة الفلسطينية والعربية
بينما ينشغل العالم بالتوتر القائم في منطقة الشرق الاوسط والضربة الايرانية المتوقعه للكيان الصهيوني، واستمرار حرب الابادة في غزة وفلسطين واستمرار تهويد فلسطين، بدأت الأبواق الصهيونية وتزامنا مع مجزرة حي الدرج واستشهاد أكثر من 125 فلسطيني معظمهم من الأطفال بإثارة قضية حساسة تستهدف الاقتصاد الوطني الأردني، وتزعم وجود عينات من الخضار الأردنية مصابة بفاشية الكوليرا ومصدرها حوض اليرموك، وهذا يعتبر مساسا مباشرا بالمنتج الأردني وضربا للصادرات الأردنية في الأسواق الخليجية والعربية، بل واساءة للدولة الأردنية وغطاء للمجازر التي ترتكبها في غزة.
وعودة للتاريخ، فإن وباء الكوليرا ظهر في فلسطين التاريخية في حيفا وعكا عام 1902، مما حدا بالبعض إلى التوجه إلى القدس، وتاريخيا، فإن انتشار الأوبئة في القرون الماضية قد يؤدي إلى تطورات اجتماعية عميقة مثل صعود الطبقة الوسطى وتراجع نفوذ الطبقة الارستقراطية حول العالم، ولكن في جائحة كورونا لاحظنا العكس فقد زادت مساحات الفقر بين الشعوب وأدى إلى اضعاف الدول الفقيرة وزادت هيمنة رأس المال والشركات الكبرى على القرار السياسي والاقتصادي للدول، وخاصة النامية، كما أدت إلى تغييرات في الانماط الاجتماعية.
وتاريخيا، فقد استغلت الحركة الصهيونية والدولة اليهودية مبكّرا، وقبل انشائها، انتشار مرض الملاريا، وطاردت المستثمر اللبناني سليم سلام الذي كان قد حصل على امتياز تجفيف المستنقعات من السطات العثمانية وقامت بتسويق الوباء من أجل تجفيف بحيرة الحولة التي اصبحت فيما بعد الخزان الاستراتيجي وسلة الغذاء الأساسية في دولة الاحتلال.
واسرائيل لديها باع طويل في الحرب الجرثومية منذ عقود ونقلها إلى دول الجوار، ومنذ عام 1947 وقبل انشاء دولة الاحتلال عندما قام يهوديان ودون عقاب من سلطات الانتداب بتلويث مياه غزة وعكا وحوران الشام أثناء فترة الانتداب البريطاني، وأدت إلى وفاة (20,472) وكذلك وفيات في الجيش المصري، وتم القبض على اليهوديان في غزة وتم اعدامهما من قبل الجيش المصري. وبعيد قيام دولة الاحتلال في عام 1948 قامت مبكرا بانشاء مركز للحرب الجرثومية والبيولوجية في منزل شكري التاجي الفاروقي في وادي جنين بعد أن استولت على المنزل، وما زال قائما ليومنا هذا وما زالت اسرائيل ترفض التوقيع على اي اتفاقية تخص الحرب البيولوجية.
ولغاية الان لم تتوقف اسرائيل عن تلويث البيئة الفلسطينية والعربية المجاورة بل استمرت في حرب الابادة في غزة وفلسطين منذ اكثر من عشرة شهور، واستمرّ توغلها في الاراضي الفلسطينية وسياسات الفصل العنصري واعتداؤها المتكرر على الأقصى والمقدسات الاسلامية في القدس. وتواصلت اسرائيل في تضليلها للراي العام العالمي حيث قامت باستخدامها عام 1968 ضد مزروعات اهالي عين البيضاء و عقرباعام 1972 ومجدل بني فاضل عام 1978 ولبنان عام 1982 والنقب عام 2002 وضد الاسرى والمعتقلين الفلسطينين في سجون الاحتلال كما افاد عميل الموساد المنشق فيكتور اوستروفيسكي , وكذلك قيام سلطات الاحتلال بتلويث المياه اثناء الانتفاضة.
وفي عام 1992 كانت فضيحة سقوط طائرة شحن اسرائيلية فوق ضاحية في امستردام وأدت الى وفاة (47) شخصا واصابة مئات الاشخاص بامراض غامضة، وتكتمت السلطات الهولندية على الحادث نتيجة لضغوط اللوبي الصهيوني، ثمّ جاءت محاولة اغتيال خالد مشعل في عمان عام1997 في الاردن، وما زال التاريخ يحفل بالانتهاكات الاسرائيلية المتكررة للقانون الدولي وتحت حماية امريكية وصمت دولي.
في الأردن، ومنذ عام 1981، وبفضل اجراءات الدولة الفنية والمهنية والصحية والادارية الحازمة لم يسجل اصابات و انتشار لوباء الكوليرا وت ما زالت تستمر الطواقم المختصة في وزارة الصحة والزراعة والمياه وسلطة وادي الاردن باجراءات المسح والرصد واخذ العينات من المياة لضمان خلو المياه والمزروعات من الكوليرا , كما قامت الجهات الرسمية الاردنية المختصة عند تفشي وباء الكوليرا في سوريا والعراق نتيجة ظروف الحرب واللجوء باجراءات ناجعة لمنع انتشار الكوليرا والحفاظ على صحة المواطن من خلال اجراءات التحري والمسوحات البيئية والمائية واخذ العينات اللازمة لضمان سلامة المنتجات الزراعية ومنع انتشارها ولم تسجل رسميا ظهور اي تلوث وكذلك لم يتم تسجيل اي حالات مرضية لدى المواطنين.
وعلى مدارعشرات السنوات الماضية حيث تم إعلان تفشّي الوباء في أكثر من ثلاثين دولة في منطقة الشرق الاوسط وافريقيا، وبالرغم من وجوده في اقليم ملتهب حيث الحروب والظروف الصعبة في بلدان الجوار والتي انتشر بها الوباء في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وبالرغم من استقباله لملايين اللاجئين، أثبت الأردن كفاءة المنظومة الصحية والوقائية في الحفاظ على المملكة خالية ونظيفة من الوباء، حيث لم يسجل أي حالة وفاة منذ عام 1990 ولغاية اليوم، وكذلك بقيت منتجاته الزراعية تحظى بثقة المستهلك في الأسواق الخليجية والعربية والاوروبية.
وبغضّ النظر عن ضبابية موضوع تصدير الخضار الأردنية لاسرائيل والموقف الشعبي الرافض منه، فإن ما أعلنت عنه اسرائيل من وقف استيراد الخضار الأردنية يأتي لمحاولة إلحاق الضرر في الاقتصاد الوطني ويأتي في سياق الاساءة للصادرات الأردنية وللمنتج الأردني وحرمانه من الوصول إلى الأسواق التقليدية، وهنا يُسجل للدولة الأردنية بكافة مكوناتها الرسمي والشعبي موقفها الرافض من حرب التجويع الذي تمارسه سلطات الاحتلال اتجاه الشعب الفلسطيني الشقيق في غزة وفلسطين من خلال استمرار تسيير القافلات التي تحمل الغذاء السليم والدواء، وكذلك الانزالات الجوية لمحاولة كسر الحصار وجدران الصمت وفي ظل غياب دولي لحماية الشعب الفلسطيني.
وعودة لتاريخ وممارسات دولة الاحتلال الصهيوني كما اسلفت سابقا في انتشار الاويئة منذ عام 1947 ولغاية الان وما يجري في غزة من حرب ابادة وقتل الاطفال وتجويع وحصاروتدمير للبنى التحتية وللمنظومة الصحية حتى اصبحت غزة مكانا غير قابلا للعيش فيه, فانه من غير المستبعد ان تلجا اسرائيل مستقبلا الى تكرار الاساليب السابقة في نشر الاوبئة لالحاق مزيدا من الضرر في الشعب الفلسطيني المحاصر خاصة وانها تستمر في استعمال الغازات السامة داخل غزة وعلى حدودها حتى قبل طوفان الاقصى تكريسا لسياسة الاستعمار الاستيطاني وحسب قول الجنرال الاسرائيلي ايلاند والذي شغل سابقا منصب رئيس مجلس الامن القومي فإن انتشار الأوبئة في غزة يقرّبهم من كسب الحرب وبثمن وكلفة أقل وإن الحرب لا تحسم فقط بالقوة العسكرية بل ايضا بكسر منظومة الخصم !!!