ستاربكس وماكدونالدز.. المقاطعة تكبح العلامات الكبرى الداعمة لإسرائيل



استمرت حالة المقاطعة في الشرق الأوسط لعلامات تجارية جهرت بدعمها لإسرائيل في حربها على غزة أو وقعت في نطاق جنسيات دول داعمة للاحتلال، ما أدى إلى خسارة مبيعات هذه الشركات في منطقة تضم حوالي 500 مليون مستهلك، وفق ما أظهرته إفصاحاتها في موسم الأرباح الصيفية لعام 2024.

وحسب تقرير للكاتب صموئيل ويندل نشرته صحيفة المونيتور، شهد الربع الثاني من عام 2024 إشارة شركات مثل ماكدونالدز وستاربكس إلى "التحديات" المستمرة أو "تأثير الحرب" في الشرق الأوسط مع تحقيقها لنتائج إجمالية مخيبة للآمال، يشير هذا الخطاب المزدوج للشركات إلى مقاطعة المستهلكين التي ظهرت في أواخر عام 2023 وسط غضب شعبي عارم بسبب الدعم الأميركي لحرب إسرائيل على غزة.

وأعلنت مطاعم كنتاكي في 6 أغسطس/آب عن انخفاض مبيعاتها بنسبة 3% في الربع الثاني، إذ قال الرئيس التنفيذي لشركة (يام براندز)، المالكة لسلسلة مطاعم الدجاج المقلي، إن هذا التراجع يعود إلى حد كبير لتراجع المبيعات في عدد من الأسواق المتعلقة نتيجة "الصراع في الشرق الأوسط"، على حد قوله، إلى جانب ضعف الأداء في الولايات المتحدة.

وعمومًا، لا تشارك الشركات التي تقع في مرمى نيران المقاطعة سوى القليل من التفاصيل حول كيفية تأثير المقاطعة على الصورة العامة لها، لكن المقاطعة تنضم إلى تحديات أوسع تؤثّر على أرباحها النهائية، وتتضافر مع عوامل أخرى لإحداث اضطرابات في الصناعة، وفق صموئيل ويندل في تقريره.

وعلى سبيل المثال، أقالت ستاربكس رئيسها التنفيذي لاكشمان ناراسيمهان في 13 أغسطس/آب، واستبدلت به بريان نيكول من شركة تشيبوتل.

وعلى الرغم من أن المقاطعات الإقليمية استهدفت في المقام الأول العلامات التجارية الأميركية التي لها صلات بإسرائيل، فإنها تضرب كذلك شركاء الامتياز المحليين.

ومن الأمثلة التوضيحية على ذلك سلسلة مطاعم كنتاكي التي تمتلك أكثر من 1000 فرع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتديرها مطاعم أمريكانا التي تتخذ من الإمارات مقرا لها، والتي كشفت في 30 يوليو/تموز أنها تبطئ خطط النمو لعام 2024 بعد انخفاض صافي أرباحها 41% في الربع الثاني.

وحسب التقرير الذي أوردته الصحيفة، فإنه مع اقتراب الحرب على غزة من إتمام سنتها الأولى، يبدو أنه من المستبعد أن تتراجع ردود فعل المستهلكين العنيفة في النصف الثاني ما يجبر الشركات الكبرى متعددة الجنسيات على مواجهة حسابات إقليمية لن يكون من السهل التغلب عليها، وفيما يلي، نظرةٌ فاحصة على أداء الشركات الرئيسية في منتصف عام 2024:

ماكدونالدز
أعلنت ماكدونالدز في 29 يوليو/تموز انخفاضًا بنسبة 1% في مبيعاتها في جميع أنحاء العالم خلال الربع الثاني، وهو أول انخفاض فصلي لها منذ عام 2020، وشمل ذلك انخفاضًا بنسبة 1.3% في قطاع الأسواق الدولية المرخصة.

وألقت الشركة باللوم على "التأثير المستمر للحرب في الشرق الأوسط" إلى جانب أدائها في الصين (في الربع الثاني من عام 2023، ارتفع هذا القطاع بنسبة 14% وشهد مبيعات إقليمية قوية).

 
واعترف الرئيس التنفيذي لشركة ماكدونالدز لأول مرة في يناير/كانون الثاني بأن العديد من الأسواق الإقليمية تشهد "تأثيرًا ملموسًا على الأعمال" وسط المقاطعة، وشهد فبراير/شباط فشل الشركة في تحقيق أول هدف مبيعات ربع سنوي لها منذ سنوات، وحتى كتابة هذه السطور، انخفض سهم الشركة بنحو 9% هذا العام.

وأثار فرع مطعم البرغر العملاق في إسرائيل غضبًا في العالم العربي في أكتوبر/تشرين الأول بعد تقديم آلاف الوجبات المجانية لجيش الاحتلال، وأثار هذا رد فعل من الشركة وفي أبريل/نيسان، أعلنت ماكدونالدز أنها ستشتري جميع مطاعم الامتياز المحلية البالغ عددها 225 من الشركة المشغلة الإسرائيلية "ألونيال المحدودة".


ستاربكس
أفادت سلسلة المقاهي في 30 يوليو/تموز بأن مبيعات المتاجر العالمية انخفضت 3% في الربع الثالث من عام 2024، بينما انخفضت مبيعات المتاجر العالمية بنسبة 7% على مدار العام.

جاء ذلك بعد أن أعلنت ستاربكس في أبريل/نيسان عن أول انخفاض في مبيعاتها الفصلية منذ عام 2020.

وكان انخفاض المبيعات في الصين عاملاً رئيسيًا أسهم في الربع الثالث المخيب للآمال، لكن الرئيس التنفيذي السابق لستاربكس لاكشمان ناراسيمهان ألمح أيضًا إلى المقاطعة بقوله خلال مؤتمر أرباح الربع الثالث: "لا تزال الرياح المعاكسة مستمرة في الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا وأجزاء من أوروبا مدفوعة بالتصورات الخاطئة التي نوقشت على نطاق واسع حول علامتنا التجارية".

وانخفض سهم ستاربكس بحوالي 17% هذا العام إلى أن غيرت رئيسها التنفيذي، ما أدى إلى زيادة بنسبة 24% في 13 أغسطس/آب.

تمتلك ستاربكس أكثر من 1900 متجر في 11 سوقًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تديرها مجموعة الشايع الكويتية العملاقة للبيع بالتجزئة.

وفي مارس/آذار الماضي، ذكرت وكالة رويترز أن مجموعة الشايع تخطط لتسريح أكثر من 2000 شخص مع معاناة الشركة في ظل المقاطعات التي تتعرض لها، حيث تركزت معظم عمليات خفض الوظائف في امتياز ستاربكس.

يام!براندز
أوضح الكاتب أن الشركة المالكة لمطاعم تاكو بيل وكنتاكي وبيتزاهت، أبلغت عن انخفاض بنسبة 1% في مبيعاتها في جميع أنحاء العالم خلال الربع الثاني.

وقال الرئيس التنفيذي ديفيد جيبس خلال مؤتمر أرباح الشركة في 6 أغسطس/آب: "تأثيرات الصراع في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى المستهلكين الأكثر وعيًا بالتكاليف، قد شكلا رياحًا معاكسة لمبيعات المتاجر نفسها".

وسلّط المدير المالي للشركة، كريس تيرنر الضوء على "عدم اليقين بشأن المسار المستقبلي في أسواق الشرق الأوسط"، حيث تم إغلاق حوالي 210 مطاعم مؤقتًا في الشرق الأوسط وماليزيا وإندونيسيا.

وأضاف: "ما زلنا على المسار الصحيح لتحقيق نمو بنسبة 5% من الوحدات للعام بأكمله على الرغم من التأثير الممتد للصراع في الشرق الأوسط"، وقد ارتفع سهم الشركة بنحو 7% هذا العام.

مطاعم أمريكانا
أكد الكاتب صموئيل ويندل، في تقريره المنشور في صحيفة المونيتور، أن التداعيات المالية أكثر وضوحًا بالنسبة لشريك الامتياز الإقليمي لشركة يام حيث تدير أمريكانا إلى جانب منافذ كنتاكي ما يقارب 400 مطعم بيتزاهت جنبًا إلى جنب مع كريسبي كريم وباسكن روبنز والمزيد.

في 30 يوليو/تموز، أعلنت أمريكانا انخفاض إيرادات الربع الثاني بنسبة 14.2%، وانخفاض صافي الربح بنسبة 40.1% مقارنة بالربع الثاني من عام 2023.

وألقت الشركة باللوم في انخفاض المبيعات على "الوضع الجيوسياسي الإقليمي المستمر".

ويبدو أن هذه النتائج تؤثر على إستراتيجية التوسّع الخاصة بها؛ ففي الربع الأول، توقعت الشركة فتح 200-225 متجرا جديدا في عام 2024، لكن في الربع الثاني، خفّضت هذا العدد إلى 174-185، وانخفضت أسهم أمريكانا بنحو 16% في عام 2024.

شركات المشروبات العملاقة
وأفادت شركة بيبسيكو بأن فرعها في مصر حقّق نموًا في الإيرادات بأكثر من 10% في الربع الثاني، على الرغم من أنها لم تفصّل الأرقام.

وجاء ذلك في الوقت الذي نمت فيه إيراداتها الصافية في الربع الثاني بنحو 2% على أساس سنوي في منطقة أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا، على الرغم من انخفاض الأرباح التشغيلية بنحو 4%.

وفي الوقت نفسه، أفادت شركة كوكاكولا بأن أحجام وحدات العلب خلال الربع الثاني كانت ثابتة في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا.

وخلال مؤتمر الأرباح، أشار الرئيس التنفيذي جيمس كوينسي إلى أن "التوترات الجيوسياسية وعدم اليقين الاقتصادي في أوراسيا والشرق الأوسط لا تزال تؤثر على أعمالنا. نحن نعمل بشكل وثيق مع شركائنا المحليين للتغلب على هذه الرياح المعاكسة مع الاستثمار في الأمد البعيد".

الوجبات الخفيفة والشامبو والعناية بالبشرة
أضاف تقرير المونيتور أن العلامات التجارية الرئيسية للسلع الاستهلاكية تستمر في مواجهة المقاطعة؛ ففي 30 يوليو/تموز، أعلنت شركة "بروكتر آند غامبل" عن مبيعات صافية للسنة المالية 2024 بلغت 84 مليار دولار، بزيادة 2% عن عام 2023، لكنها أشارت إلى مشاكل في الشرق الأوسط.

وخلال مؤتمر الأرباح، أشار المدير المالي لشركة "بروكتر آند غامبل" إلى أن "اتجاهات حجم الاستهلاك في بعض شركات أوروبا ودول آسيا والمحيط الهادئ والشرق الأوسط وأفريقيا مثل مصر والسعودية وتركيا وإندونيسيا وماليزيا وروسيا ظلت ضعيفة".

وفي عام 2023، جاء 5% من صافي مبيعات شركة "بروكتر آند غامبل" من الهند والشرق الأوسط وأفريقيا.

وأبرزت نتائج الربع الثاني لشركة يونيليفر أن النمو في جنوب شرق آسيا تأثر سلبًا بانخفاض المبيعات بنسبة 5.7% في إندونيسيا، حيث "تجنب بعض المستهلكين العلامات التجارية للشركات متعددة الجنسيات استجابة للوضع الجيوسياسي في الشرق الأوسط"، وفق تعبير الشركة.

وأعلنت شركة نستله أن مبيعاتها المعلنة في منطقة أفريقيا وأوقيانوسيا وآسيا انخفضت 6.8% في النصف الأول من عام 2024، وقال الرئيس التنفيذي للشركة إنهم "يشهدون ترددًا مستمرًا من جانب المستهلكين في بعض الأسواق المختارة نتيجة للوضع السياسي في الشرق الأوسط".

مع ذلك، زعم المدير التنفيذي أيضًا أنهم "لا يرون أن الأمور ستتجه نحو الأسوأ في هذه المرحلة".


ما وراء المقاطعة
ركّز الكاتب صموئيل ويندل على تأكيد شركة ميرسك على أن اضطرابات البحر الأحمر التي تؤثر على التجارة العالمية ستستمر حتى عام 2025. وقامت شركة الشحن العملاقة الدانماركية في الأول من أغسطس/آب بتحديث إرشاداتها المالية لعام 2024 بأكمله، لكنها ذكرت أيضًا أن إيرادات الربع الثاني انخفضت بنحو 2%، وانخفضت الأرباح بنحو 40% على أساس سنوي إلى 963 مليون دولار.

مع ذلك، رفعت ميرسك، كذلك، توقعاتها لنمو حجم سوق الحاويات العالمية في 2024 من 4 إلى 6%، من تقدير سابق بنسبة 2.5% إلى 4.5%.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة ميرسك فينسنت كليرك عند الإعلان عن النتائج: "كان الطلب في السوق قويا، وكما رأينا جميعا، فإن الوضع في البحر الأحمر لا يزال مستمرا، ما يؤدي إلى تواصل الضغط على سلاسل التوريد العالمية".

المصدر : المونيتور