في الرد على توقعات رئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب
طالعنا رئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب المهندس موسى المعايطة بتاريخ 20/08/2024 بتصريح صحفي خلال جلسة حوارية ضمن أعمال المنتدى الإعلامي الذي ينظمه مركز حماية وحرية الصحفيين حيث قال كما نشرته وسائل الاعلام : " أن الكثيرين شككوا في إمكانية إنتاج لجنة تحديث المنظومة السياسية لمخرجات تحسن العملية الديمقراطية في البلاد، والتي أشار فيها الى انه يرفض ان يتم مقارنة نسبة الاقتراع المتوقعة في الانتخابات القادمة بانتخابات 2020 ، كونها كانت في ظرف استثنائي ، وهو جائحة كورونا ، منوها المعايطة الى أن المعدل المتوسط للمشاركة في الانتخابات يبلغ 35 % " ، وبعد يومين أي بتاريخ 22/08 / 2024 خرج علينا وزير الاعلام الأسبق، ورئيس حزب الميثاق الوطني الدكتور محمد المومني بتصريح صحفي خلال جلسة حوارية أشار فيه إلى أن نسبة الاقبال على التصويت قد تصل الى 38% متوقعا ان يدلي 1.8 مليون مواطن بأصواتهم ، مما يشكل شهادة على الوعي المتزايد بأهمية العمل الديموقراطي" انتهى الاقتباس. وللرد على ما ورد في هذه التصريحات الإعلامية أقدم الملاحظات التالية:
1-لم يذكر كل من رئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب المهندس موسى المعايطة ووزير الاعلام الأسبق ، ورئيس حزب الميثاق الوطني الدكتور محمد المومني كيف توقعوا ان تكون نسبة المشاركة في التصويت في الانتخابات في هذا التزايد والارتفاع عن انتخابات المجلس السابق والتي كانت (29.9%)، ونلاحظ أن الفرق بين توقعات المومني وتوقعات المعايطة تبلغ (54000 ) مشاركاً في التصويت في حال مشاركة (1.8) مليون مواطن في التصويت كما يذكر رئيس حزب الميثاق، حيث ان توقعات المعايطة (35% ) بينما توقعات المومني (38%) . لهذه الدرجة تبلغ عدم الدقة في التوقع بنتائج التصويت في الانتخابات ، وهل الـ (54000) صوتا عددا قليلاً يستهان فيه ، للتذكير فقط عدد الأعضاء في 38 حزب سياسي في الأردن (95000) فقط أي الفرق بين التوقعات اكثر من نصف عدد المنتسبين للأحزاب!!!.
2- وبما اننا نتحدث عن التوقعات في نسبة التصويت (الاقتراع ) في الانتخابات ، فأنني اجزم بان نسبة التصويت ستتراوح بين (20 - 25 %) بالمائة فقط في انتخابات مجلس النواب العشرين المنوي اقامتها في العاشر من شهر أيلول القادم ، وحتى اثبت صدقية توقعاتي اقدم لكم الوقائع التي نستند عليها في فهم الصورة وتفسير الحدث من مختلف زواياه وبحيادية تامة ، فبعد مراجعة مستفيضة لنتائج انتخابات ثلاث دورات انتخابية هي : ( المجلس النيابي السابع عشر 2013، المجلس النيابي الثامن عشر 2016 ، المجلس النيابي التاسع عشر 2020 ) ، وباستخدام المنهج الاحصائي التاريخي الوصفي أتمنى ان تكون نتائج نسبة الاقتراع لانتخابات المجلس القادم مثل مجلس النواب التاسع عشر والتي بلغت (29,9 %) ، ولكن النسبة ستنخفض لتتراوح بين (20 - 25%) ، اما اذا اخذنا بعين الاعتبار احتمالية مقاطعة الانتخابات وعدم المشاركة فيها وخاصة من قبل فئة الشباب والذين جل تفكيرهم وهمهم وشغلهم الشاغل البحث عن فرصة عمل او الهجرة خارج الأردن بحثا عن العمل والاستقرار النفسي والاقتصادي والاجتماعي ، ولا ننسى الظروف السياسية المعقدة ذات الاحداث المتسارعة المفاجئة وعدم وضح الرؤية لما هو قادم من احداث تؤثر في مجملها علينا وعلى المنطقة العربية ، وعدم وضوح الرؤية لما سوف تتمخض عنه نتائج هذه الحرب المشتعلة في غزة ، او ماذا سيجري بعد وقف العدوان وحصول اتفاق او هدنة لوقف الحرب، فالأيام القادمة ستكون متخمة في المفاجآت الصادمة والمقلقة والمربكة، وستكون اكثر ارباكا وقلقا وصدمة خاصة اذا فاز المرشح الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الامريكية المقبلة .
3- اذا كان رئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب لا يريد ان يقارن نتيجة انتخابات المجلس القادم في نتائج مجلس النواب الماضي ، واذا كان رئيس حزب الميثاق يقول ان نسبة الاقتراع قد تصل الى (38%) ، نقول باختصار لنقارن مع نتائج مجلس النواب السابع عشر في عام 2013 حيث كانت نسبة التصويت (56,67% ) لماذا انخفضت النسبة الى (36%) في انتخابات مجلس النواب الثامن عشر التي جرت في عام 2016 ، الم يكن هذا الانخفاض الكبير صادما لكم وكنتم من المسؤولين في الحكومة ؟!، ولماذا انخفضت النسبة الى (29,9%) في انتخابات 2020 وكان الانخفاض بنسبة (7%) علما بان عدد الذين كان يحق لهم الاقتراع في انتخابات المجلس الثامن عشر ( 4,130,145 ) ارتفع في عام 2020 في انتخابات المجلس التاسع عشر الى ( 4,647,835 ) بزيادة (552,226) يحق لهم الاقتراع أي بزيادة بنسبة ( 13%) ، فبدلا من ارتفاع نسبة الاقتراع انخفضت بنسبة ( 7%) .
4- في علم الإدارة تعلمنا مبدأ التقييم والتشخيص ، وتعلمنا ان لا نفرط في التفاؤل او في عدم التفاؤل، ولكن الانخفاض التدريجي للحدث يدفعنا للتوقف لقراءة المشهد جيدا ، فلماذا يصر كلا من الوزير المعايطة والوزير المومني على هذا الأفراط في التفاؤل ، الم يخطر في بالهما مزاجية او نفسية الناخب وارتفاع درجات المعاناة التي يواجها المواطن كل يوم وخاصة فئة الشباب ، وهل سألتم أنفسكم وحددتم ما المحفزات التي ستدفع المواطنين للمشاركة في العملية الانتخابية ؟. نتمنى معرفتها .
5- هل ستختلف نوعية المشاركة في الانتخابات القادمة عن نوعية المشاركة التي كانت في الانتخابات السابقة، في هذه الانتخابات سوف يشارك (36 حزباً سياسيا ) و(1650 مرشحا بشكل عام) ، في انتخابات المجلس السابع عشر شارك ( 14 حزب قدمت مرشحين و 4 أحزاب دعمت العملية الانتخابية بدون تقديم مرشحين) ومشاركة (1425 مرشحا بشكل عام)، اما في انتخابات المجلس الثامن عشر شارك ( 42 حزب) و ( 1252 مرشحا بشكل عام ) وفي انتخابات المجلس التاسع عشر شارك ( 41 حزب )مرشح بشكل عام ) و ( 1674 مرشح بشكل عام ) ، نعود للسؤال الأهم ما ألأسباب التي سترفع نسبة المشاركة في الانتخابات الى 35 % او 38 % ، هل هو قانون الانتخاب الجديد الذي سيشجع المواطنين على المشاركة في الانتخابات ؟ ام الأسماء البراقة للأحزاب السياسية ؟، كم عدد القوانين والتعديلات التي أدخلت على العملية الانتخابية منذ عام 2012 وحتى اقرار القانون الأخير العمول فيه حاليا ؟ افيدونا برؤيتكم من خلال توقعاتكم التي نشرت في وسائل الاعلام .
6-هل يوجد تفسير عند كل من رئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب او الهيئة المستقلة للانتخاب التي يديرها، او عند رئيس حزب الميثاق الوطني أو أعضاء الحزب الذي يترأسه والمتواجد فيه من الذوات والمفكرين لتفسير هذا الانخفاض الكبير في عزوف أبناء المجتمع عن المشاركة في العملية السياسية او الانتخابية وعبر ثلاث انتخابات لمجالس نيابية ، غير السبب المتعلق بنظرة المجتمع الى المجلس بنظرة قاتمة كون هذه المجالس لم تحقق او تخدم المجتمع بشي ، فالمواضيع المقلقة التي تهم المجتمع الأردني من فقر وبطالة وصحة وتعليم والخوف على ماء وكهرباء الأردن ، وارتفاع المديونية والعجز في الموازنة وارتفاع معدلات الفقر وزيادة عدد طالبي المعونة من صندوق المعونة الوطنية والتحديات السياسية التي تحيط فينا من مختلف الاتجاهات ، وتغول الحكومات على السلطة التشريعية ، ماذا قدمت المجالس النيابية للمواطن الأردني حتى يقوم بمجرد التفكير في المشاركة الانتخابات ، والمواطن يرى كيف ان معظم النواب ومن عدة مجالس نيابية يكررون الترشح للانتخابات والفوز فيها ، والمحزن المبكي ما يلمسه المواطن هذه الأيام هو ترشيح أبناء وبنات النواب السابقين للانتخابات القادمة وهذه ستزيد الصورة قتامة وبؤساً .
7-اذا اردنا ان نسترشد بمدى قناعة المواطن في مجلس النواب لنتذكر نتائج دراسة مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية والتي أجريت قبل سنتين ، وهو مركزا بحثيا وطنيا لا يشكك احد في صدقية نتائجه حيث كشفت النتائج ان مجلس النواب يحظى بثقة (15%) فقط من أبناء المجمع الأردني ، اما الأحزاب السياسية فحصلت على ثقة (12%) ، و (2%) يفكرون في الانضمام للأحزاب السياسية ، اما بالنسبة لأداء المجلس النيابي السابق (2020) فحدث ولا حرج عن الصورة السلبية التي ترسخت في اذهان المواطنين عن المجلس ، كيف يتغيب ( 78) نائب بدون عذر عن حضور الجلسات على قاعدة لا سائل ولا مسؤول بدون طلب الاذن بالغياب حيث تغيب من (1-5) غيابات 45 نائباً، و33 نائباً تغيبوا من (6-10) غيابات بدون عذر للغياب ، اما الاستجوابات فقد وصلت إلى 91 استجواباً أجيب على 65%؛ حيث لم يناقش المجلس أي منها طيلة الأربع سنوات هل قرأتم التقرير الخاص الذي نشره مركز راصد الحياة الخاص بمراقبة أداء البرلمان التاسع عشر ، نتمنى إعادة قراءته من جديد قبل ان يتم استشراف المستقبل وبناء توقعات تخالف الواقع والحقيقة فيما يتعلق في نتائج الانتخابات النيابية ونسبة المشاركة فيها .
8- عند الإشارة الى هذه المعطيات والحقائق لا بد لي من التأكيد على حقيقة مهمة تنبع من طيب مجتمعنا الأردني واصالة معدنه ، فلا احد يستطيع أن يزاود على احد في الوطنية والانتماء الوطن والإخلاص لقائد الوطن مليكنا الانموذج عبد الله الثاني حفظه الله وسمو ولي العهد الطموح الأمير الحسين، كلنا نحب نجاح كل نشاطات الوطن ونشارك في مناسباته ونؤكد أهمية المشاركة فيها ، فلا الوزير ولا النائب او العين او الحزب الوليد او القديم ولا الجمعية او المنظمة الدولية او الاهلية او القناة الإعلامية او الإعلامي او المدير او من يجلس متربعا على كرسي حكومي او قطاع خاص يستطيع ان يشكك في حب وانتماء الاخرين للوطن ومؤسساته التي نجل ونحترم وموضع تقديرنا وفخرنا ، فالعقل الجمعي الشعبي الأردني يؤمن ايمانا راسخا بأن نجاح العملية الانتخابية ومشاركة الجميع فيها يعد نجاحاً للوطن في الدرجة الأولى، وليس نجاحنا في الانتخابات في المشاركة في الانتخابات تسجل لحزب او حكومة او لجنة او جمعية أو هيئة او مؤسسة، جل هذه المؤسسات بذلت جهدها المقدر والمشكور لإنجاح الانتخابات النيابية ولكن وعي المواطن الفصل والحكم في نجاح الانتخابات.
9- في هذا المقام اشجع الجميع على أهمية المشاركة في الانتخابات تصويتا وتفاعلا مع نشاطاتها وزيارة مقرات المرشحين وقراءة برامجهم الحزبية والانتخابية والمحافظة على سلامة العملية الانتخابية، واختيار الأنسب والأفضل والاجدر لتمثيلك خير تمثيل ، فعدم المشاركة سوف يدفع الأحزاب المنظمة تنظيما جيدا لحصد اكبر عدد من المغانم ، بما اننا فشلنا في ترشيد عدد الأحزاب والتي وصلت الى (38) حزبا سياسيا ، سوف يشارك منها في الانتخابات (36) حزباً سياسيا يبلغ عدد منتسبيها (95) الف عضوا ، في المقابل ستحصد الأحزاب المنظمة على غالبية الأصوات .
10- من باب العلم والتعلم والتعليم والفائدة ورغبة في الاستفادة من خبرات رئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب الوزير موسى المعايطة، او عند رئيس حزب الميثاق الوطني الوزير محمد المومني ، نتمنى ان يخبرونا عن سبب توقعاتهما المتفائلة في زيادة المشاركة في الانتخابات القادمة ، وهل هناك أسباب مقنعة تدفع الناخب للمشاركة في الانتخابات، وهل المواطن سيكون على أهبة الاستعداد وبكبسة زر من معاليهم للخروج الى صناديق الاقتراع والمشاركة في الانتخابات .
وبعد ،،، تمنيت لو لم يقدم الوزيران مع حفظ القابهما (المعايطة والمومني ) والذين احترمهما ، تمنيت لو يتم اطلاق هذه التصريحات الصحفية منهما بنسبة المشاركة في التصويت في الانتخابات، كون المواطن سوف يتكاسل عن المشاركة ويقول على رأي المثل الشعبي ( اللي بروح بسد ، خلي غيري يذهب ويشارك)، وخاصة ان النسبة التي اورداها مبالغ فيها وكبيرة (35%) أو (38%) .ولا داعي لذكر ما قد يدور في اذهان المفكرين والباحثين والسياسيين عندما يقرأون ان الحكومة والمحسوبين عليها يعرفون نسبة الانتخابات وينشرنها للرأي العام قبل ثلاثة أسابيع من اجراء الانتخابات !!!!
اخر الكلام ،،،، سأغامر في التنبؤ، وأقول: لن يذهب للمشاركة في الانتخابات الا المرشحين وعائلاتهم والمحسوبين عليهم من أقارب وانسباء وجيران وعدايل وأصدقاء او من سيبيع ضميره وصوته الانتخابي للنصابين سماسرة الأصوات الانتخابية والذي أتمنى ان لا نسمع او نرى أي نشاط لهم في قادم الأيام . وللحديث بقية.
* الكاتب : أستاذ متخصص في علم الاجتماع
ohok1960@yahoo.com