هل هناك محركات للرأي العام لتحفيز المشاركة في الانتخابات ؟
في إحدى الدراسات التي أجراها العام الماضي معهد الإعلام الأردني مع مركز الدراسات الاستراتيجية ومن ضمنها، محور مستوى الثقة بمؤسسات الدولة والإعلام الرسمي وشبه الرسمي والمنظمات والهيئات ومؤسسات المجتمع المدني والأحزاب.
وكانت النتيجة "غير المفاجئة" أن الأحزاب تقع في ذيل القائمة من حيث مستوى ودرجة الثقة، لأسباب كثيرة معروفة، لا داعي لذكرها هنا.
وهذا تحدي حقيقي للدولة ومؤسساتها ونحن على أبواب الانتخابات البرلمانية بعد أسبوعين ونيف.
والأردن في مؤيته الثانية قرر عدم السير بالأدوات والأساليب القديمة في النظام السياسي، واتخذ قراره بالمضي قدما في تحديث المنظومة السياسية والاقتصادية والإدارية، ونعلم أنه يحتاج وقتا وزمنا ومخاضا عسيرا، حتى تتجذر التجربة للوصول إلى دولة عصرية تحاكي الدول المتقدمة وأنظمتها ونهجها المعتمد على أحزاب برامجية منبثقة عن فلسفة وجذر "سياسي اقتصادي اجتماعي"
والوعي بأهمية ودور الأحزاب يحتاج جهدا ووقتا.
وللأمانة بذلت الجهات الرسمية والمؤسسات المعنية ما في وسعها جهودا وحملات إعلانية وإعلامية، رغم قلة الموارد بمرافقة حراكات حزبية ومجتمعية لتعزيز الوعي بهذا الاتجاه، ضمن تشريعات جديدة معززة، وإعادة ثقة المجتمع من جديد بالأحزاب.
لكن في نفس الوقت هناك ممارسات من بعض شخوص ورموز بعض الأحزاب تسير في عكس الاتجاه، مما يزيد في تعميق الفجوة بينها وبين المجتمع وانحدار درجة ومستوى الثقة بها.
فحجم المال الأسود والأبيض والذي يصرف بكثافة على بعض الأحزاب والحملات الانتخابية العشوائية للمرشحين
فأي رسالة سلبية يريد بعض المرشحين إيصالها للمجتمع بفئاته وخاصة الفقيرة، وهو يقيم اللقاءات الفخمة، والباصات الفارهة، والموائد الباذخة، ويستعرض صوره وأخباره عرضا وطولا في الشوارع وكل المواقع الإلكترونية بكثافة، ومستعرضا عضالته وقدراته المالية أمام الجمهور.
وأي قيمة سيمثلها لهم.
وبلقاءات وحملات غير مدروسة الأثر تستفز المواطن الذي يئن من وجع الفقر والجوع والمرض والبطالة، وما زال متمسكا بالوطن والوطنية.
فهل الوطن للأغنياء ورجال الأعمال والوطنية للفقراء ؟
فحجم التضليل والتزييف وللأسف "التفاهة السياسية" وحجم الدجل عند بعض ممن يعتبرون نخبا سياسية واستخدام أشباه إعلاميين ومواقع إخبارية، تستنفع من وراء نشر أخبار غير مهنية، وحملات إعلامية وإعلانية غير مؤثرة.
فكيف لنا أن نثق بهؤلاء السياسيين الطارئين؟ وكيف لهم أن يتبوؤا في المستقبل مقاعد نيابية (إن وصلوا) بفعل المال المكثف. ويدعون أنهم يسعون إلى التغيير وفي المثل الشعبي "المجرب لا يجرب"
نختلف في الحزب الديمقراطي الاجتماعي الأردني ومعه الديمقراطي المدني الذي أسس تحالفا انتخابيا تحت اسم التيار الديمقراطي نختلف فكريا مع الأحزاب الأخرى لكن نحترم كل الأحزاب الأردنية وحقها في العمل تحت مظلة الدستور والقوانين السارية، ولا نخونها، فنحن نختلف معها سياسيا واقتصاديًا لكن نتفق على مصلحة الوطن.
ولذلك فالحزبين وهذا التيار الديمقراطي بوصفه مشروعا استراتيجيا للأردن، ليس تشكيلة لمجموعة أشخاص وليس حالة راكدة مكتفية بذاتها، إنه مشروع قوة سياسية مستقبلية رئيسية في البلاد ويقع على عاتقه كجهة منظمة اتباع كل السبل والقيام بكل المبادرات لتحفيز القوى الإيجابية في المجتمع وتحفيزها على المشاركة وتجميعها في إطار أو صيغة ممكنة لزيادة وزنها وتأثيرها في المجتمع والمؤسسات وأوساط القرار.
وعلى ذلك لا يوفر التيار الديمقراطي فرصة للتلاقي واستقطاب القوى الممكنة لبناء قوة سياسية ثمثل إتجاه التنوير والتقدم والاصلاح والفكر اليمقراطي الاجتماعي.
وقد سعى التيار بكل إخلاص وما زال من أجل هذا الهدف.
وهو يؤمن أن العمل في الميدان وعلى الأرض هو الأساس.
وبخصوص محركات الرأي العام الأردني للمشاركة السياسية وتحفيز المواطنين للذهاب الى صناديق الاقتراع؛ فإن نسبة النجاح ستكون قليلة لضيق الوقت أولا وسلوك بعض الأحزاب باستخدام الأموال والحملات الاعلامية والاعلانية غير المدروسة.
وتعتبر المشاركة السياسية ركيزة أساسية للديمقراطية، وهي عملية حيوية لبناء مجتمعات قوية ومستدامة.
في الأردن، تتعدد العوامل التي تحفز المواطنين على المشاركة السياسية، وتختلف هذه العوامل باختلاف الظروف والأحداث.
فالشعور بالانتماء الوطني والهوية الوطنية يحفز الرغبة في المساهمة في بناء مستقبل المواطن ورفعة مجتمعه.
والوعي بالتاريخ المشترك والتراث الثقافي للأردن.
و عندما يشعر المواطنون أن الحكومة والبرلمان تلبي احتياجاتهم وتعمل على تحسين حياتهم، يزداد حماسهم للمشاركة.
والشعور بالعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة والفرص.
والثقة في نزاهة وشفافية هذه المؤسسات.
والاعتقاد بأن القانون يسري على الجميع وأن هناك فرصاً متساوية للجميع،
يعزز من تحريك الرأي العام تجاه المشاركة الإيجابية.
كما أن هناك تقصيرا من الحكومات في تعزيز فهم المواطنين لحقوقهم وواجباتهم السياسية، ووصول المواطنين إلى معلومات دقيقة وموثوقة حول القضايا السياسية، والاعتقاد بأن المشاركة السياسية يمكن أن تساهم في تغيير الواقع وتحسين الظروف المعيشية، والرغبة في تمثيل مصالح الفئة التي ينتمي إليها الفرد.
ومن محركات الرأي العام العوامل الاجتماعية والاقتصادية، ومنها
مستوى التعليم الذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمشاركة السياسية، وأيضا
الوضع الاقتصادي الذي يؤثر على الدوافع للمشاركة، حيث يسعى المواطنون لتحسين أوضاعهم المعيشية.
والأهم في محركات الرأي العام هي وسائل الإعلام التقليدية والبديلة (السوشيالميديا) والتغطية الإعلامية بكفاءة وحرفية حيث تلعب وسائل الإعلام دوراً حيوياً في تشكيل الرأي العام وتوجيهه نحو المشاركة السياسية.
وتتيح وسائل التواصل الاجتماعي منصات للتعبير عن الآراء وتنظيم الحراكات والمبادرات .
ومن التحديات التي تواجه المشاركة السياسية في الأردن،
نظام الانتخابات فقد يشعر بعض المواطنين بأن النظام الحالي لا يمنحهم تمثيلًا عادلاً.
وأيضا ضعف الأحزاب السياسية وعدم قدرتها على تقديم برامج واضحة لجذب الناخبين.
وبعد الانتخابات البرلمانية ونتائجها يتوجب على الدولة اتباع استراتيجيات جديدة وحديثة لزيادة المشاركة السياسية، ومنها
تعزيز التعليم المدني من خلال برامج توعية المواطنين بحقوقهم وواجباتهم السياسية، وتطوير الأحزاب السياسية، ودعمها لتقديم برامج واضحة وجذابة.
والتركيز في برامجها على دور المرأة والشاب وهم يشكلون معظم المجتمع.
وتطوير النظام الانتخابي و إجراء إصلاحات عليه لضمان تمثيل عادل لجميع الشرائح.
وتفعيل دور المجتمع المدني، ودعم دور المنظمات غير الحكومية في التوعية والتعبئة.
واستخدام التكنولوجيا والاستفادة القصوى لتسهيل المشاركة السياسية.
علما أن هذه العوامل والتحديات ليست ثابتة، بل تتغير باستمرار مع تغير الظروف والأحداث، ومن الضروري إجراء دراسات ميدانية معمقة لفهم أسباب المشاركة السياسية وعدمها في الأردن.
وائل منسي