خاوة .. ولكن بالحق!



خاوة..هذه المفردة من حيث اللفظ والمدلول والتداول بشكل عام لم أكن أحفل بها مسبقا..

ولم أتوقف عندها البتة.. وكنت أنفر منها وأشيح بوجهي عند سماع طاريها.. وأنا بالمناسبة أنفر من كل الخاوات بمختلف جنسياتها غربية كانت أم شرقية نظراً للإجحاف الذي تسببه للدول ذات الظهور الضعيفة والبشر وبخاصة المستضعفين والفقراء والمساكين كونها تعتمد بالأساس إلى حق القوة وما يرافقه من تعسف وظلم واستكبار! ولكنني استثني خاوة واحدة ووحيدة لأن نهجها ينص على الحق المشروع وأسلوبها ينتهج العمل طبقا لمبدأ قوة الحق وليس حق القوة!

وهذه الخاوة الفريدة التي اجتذبتني إلى جانبها هي بالمناسبة خاوة من منشأ فلسطيني بحت وذات نكهة غزاوية باهرة وأنعم وأكرم بهذا لمنشأ الأصيل.. فقد وجدتني أنجذب لهذا المنتج الفلسطيني النضالي الذي ولد من رحم السابع من أكتوبر الماضي وأسفر عن صبح مجيد بهر العالم بنوره وسطوته ودلالاته الربانية حيث تجلت آيات الله عز وجل في غزة ناساَ..

وأرضاً.. ومقاومة! وكشف الصبح الفلسطيني الغطاء عن وجوه كثيرة.. وبهدل الجيش الصهيوني الذي قيل عنه بأنه لا يقهر.. ومرغ أنف وغطرسة العدوان النازي الصهيوني بالتراب!

ولاحظت وأنا أتفحص ناصية الخاوة الفلسطينية الصادقة أنها تتساوق عموماً من حيث الحقوق والواجبات مع البند الأول الذي يحتل موقع الصدارة في مقدمة (شريعة حمورابي) وينص على ما يلي: (لا يجوز للقوي أن يعتدي على الضعيف: وإذا حدث هذا الإعتداء فإن الاستحقاق يغدو: العين بالعين والسن بالسن) أي الاستحقاق بقوة الحق.

ولا يظنن أحد أني أقصد بالطرف الضعيف-لا سمح الله- أشقاءنا الفلسطينيين ومقاومتهم الباسلة. لا وأيم الله إذ أن للمقاومة الفلسطينية اليد العليا في ساحة المعركة مع العدو الصهيوني وباعتراف المسؤولين العسكريين والسياسيين الاسرائيليين أنفسهم ..فالمقاومة هي القوية بحول الله تعالى.. وهي القوية بنصر الملائكة لها.. وهي القوية بثباتها الأسطوري.. وهي القوية بعزم وسلاح الأبطال الفلسطينيين.. وهي القوية بصمود الحاضنة الشعبية في غزة العزة وفلسطين الصمود.. وهي القوية بالحق المبين.. ولا أدل على قوتها من ذلك المشهد المتلفز الذي اجتاح العالم وبهر الدنيا بأسرها وهو يصور مقاوما فلسطينيا شجاعا يعتلي دبابة (ميركافا) ما غيرها وهو ينتعل شبشباً ويسحب من جوف الدبابة الإسرائيلية عسكريا صهيونيا برتبة كبيرة وقد تملكه الخوف والفزع وربطه بحبل طويل ثم جره وراءه وأجبره على المشي على أربعٍ مثل سخلة مرعوبة!! ولا حاجة بي لإيراد المزيد من المشاهد البطولية المماثلة وكمائن الأنفاق الذكية ففي الجعبة الكثير من البطولات الفلسطينية التي تسر الشريف والصديق وتغيظ الأعداء والأشرار الصهاينة.

أقول وجدتني أنجذب إلى الخاوة الفلسطينية وطبعتها الحقانيّة الجديدة والتي تستهدف احقاق الحق ولا شيء غير الحق... ووجدتني أتهجى حروفها الفلسطينية الأربعة المضمخة بالدم الطاهر.. وأتقرى باللمس ناصيتها الفلسطينية الغزاوية الصادقة.. وأتنسم عبير نكهة البطولة الفلسطينية في إهابها.. فاستقبلها قلبي بكل ترحاب.. وخزنها الوجدان في قلب القلب لأنها تشفي غليل صاحب ثأر مثلي ومثلك، ظل الثأر حبيس الضلوع كبركان خامد طيلة نيف وسبعين عاماً.. وهاقد حان وقت السداد.. فنحن أمة لا تنسى ثاراتها!!

وخاوة.. هذه المليحة الفلسطينية التي عشقتها أذني من أول سمعة .. وتعرفت عليها بكامل قيافتها وسطوتها الفلسطينية، فإن اهتمامي بها وتقديري لها يعود لأسباب ثلاثة أولها: أن منشأها هذه المرة فلسطيني بحت.. وهدفها تحقيق الحق المشروع.. أما الثاني فهو أن مطلق وصانع هذه الخاوة وصاحب امتيازها هو قامة فلسطينية باسقة يحبها الناس في دنيا العرب كثيراً ويخشاها العدو الصهيوني ويموت منها أكثر!.. نعم تخشاها إسرائيل هذا الكيان المحتل ذو الخصر الرقيق الذي أثار شفقة المرشح الجمهوري دونالد ترمب فأعلن عن نهفة تثير الاستغراب، ومفادها أنه في حال انتخابه رئيساً لأمريكا فإنه سوف يسمن هذا الخصر النحيل.. ويوسع الأرداف.. ويضخم الأطراف.. ويزيد نزعة العدوان الصهيونية على حساب الأرض العربية المجاورة وكأن أرضنا ودولنا سائبة ومستباحة لمن يبيع ويشتري أو أنها عزبة لحضرة جنابه!.

أما السبب الثالث، فقد ترسخ في ذهني كنتيجة حتمية بعد قراءتي لكتاب قيم نشر في العام 2020م من تاليف الكاتب المرموق ورجل الاعلام والتلفزة الأمريكي المعروف

(جيم غاردنر) والذي شرب حليب السباع مدفوعا بالبحث عن الحق والحقيقة واقتحم عش الدبابير الصهيوني وخاض غمار التابوهات والمحظورات وهيلمان اليهود الصهاينة الذي كان سيف مصلتا على رقاب دول العالم حقبة طويلة وكشف بالحقائق والأرقام والوقائع جرائم اسرائيل بحق الشعب العربي الفلسطيني منذ العام 1948م التي تفوق جرائم النازية..

والمكائد والاساليب الخبيثة التي ينتهجها اليهود الصهاينة في اي مكان يتواجدون فيه على وجه البسيطة ويعيثون فيه فسادا وتخريبا وتجسسا حتى لو كان من أقرب حلفائهم الأمر الذي أدى، طبقاً لما يقوله الكاتب إلى دحرهم من قبل تسعة وسبعين بلدا في العالم. انتهي التوثيق المقتبس من الكتاب وأنا من ناحيتي أقول أن قلبي يحدثني بأن فلسطين ستكون بحول الله الدولة التي تحمل الرقم ثمانين بهذا الصدد! وعلى سيرة الثمانين فإن قلبي يحدثني أيضا بأن لعنة العقد الثامن قد اقترب أوانها! وقد أحدث الكتاب ضجة واسعة في الولايات المتحدة والعالم وكان بمثابة صفعة قوية لإسرائيل ولليهود الصهاينة لأن الكلام والتوثيق وإيراد الحقائق جاء مطبوعا وموثقا ضمن دفتي كتاب على يد كاتب مرموق كان من أكثر المناصرين لإسرائيل واليهود الصهاينة فيما مضى.. لا بل جاء نشر الكتاب كصرخة حق إلى جانب الشعب الفلسطيني ولطمة قوية في وجه إسرائيل والصهيونية ! وقلت من ناحيتي: سجل يا ولد هذه خاوة حق مناصرة للشعب العربي الفلسطيني وهي أمريكية المنشأ والبيان والانتشار والتوثيق هذه المرة!

وبالمناسبة فإن خاوة المليحة التي انجذبت نحوها بشدة وهي ما تزال في مهدها الفلسطيني تفيد كمفردة بالعربية الفصحى واللهجة الدارجة ما معناه (غصباً عن فلان) وإذا كان المتحدث او الناطق بكلمة الخاوة مثلي ومثلك يحمل في صدره رشاشا من الغضب وبركانا من الحقد ضد العدو الصهيوني فإن المعنى والحالة هذه يغدو (غصبا عن فلان وعن اللي خلفوه)! ولكي لا يظل الكلام عائما والمعنى غامضا وهذا ما لا ابتغيه فإني اقول ان فلان المقصود بالغضب الساطع والكره الواسع والمقاومة بشتى الوسائل هو العدو الصهيوني بعساكره بتوع الحفاظات.. ومساطيله بتوع المستعمرات.. ومتطرفيه اليمينيين من رتبة وزير وجُر إلى آخر هذه المسطرة من الهترش والمجرمين النازيين الصهاينة الذين يحتلون أرضنا العربية الفلسطينية.. أما الذين خلفوه فهم الحوَش من النازيين الصهاينة الذين جيء بهم من مختلف أصقاع الأرض ومزابل الدنيا وألقى بهم الغرب الاستعماري عندنا كي يحتلوا أرضنا ويعيثوا فيها فسادا وتدميرا وخرابا مزودين وبالمجان بالدعم العسكري والسياسي والمادي والدبلوماسي من قبل الغرب الاستعماري الذي خرج من باب منطقتنا العربية مطرودا في سابق من الزمن ليقوم بإدخال هؤلاء الأوغاد الصهاينة من الشباك على هيئة مشروع استيطاني استعماري صهيوني بدعم غربي على ارضنا العربية الفلسطينية.

حاصله .. وقعت في عشق (خاوة) الفلسطينية.. ورددت حروفها منطوقة على لسان العملاق المجاهد يحيى السنوار.. ومنطوقة أيضا على ألسنة المجاهدين والثوار الفلسطينيين الأطهار.. وأحببتها نغمة متداولة على ألسنة أهلنا وناسنا في غزة وسائر عموم فلسطين كأول قطاف ملموس في موسم الحصاد الوفير لطوفان الأقصى! وزاد اهتمامي بها كون مطلقها وصاحب امتيازها هو قامة فلسطينية جهادية مرهوبة الجانب وهو "الأسير" الفلسطيني رقم (7333335).. وهو ابن مخيم خانيونس للاجئين الفلسطينيين في غزة..

وهو الذي أبدع في دراسة فسيفساء العقل الصهيوني خلال سنوات اعتقاله في زنازين العدو.. وهو الذي عرف كيف يداوي غطرسة الصهاينة.. وهو أحد فرسان الأقصى الأشاوس.. وهو المحكوم عليه بالسجن من قبل العدو الصهيوني لمدة تبلغ اربعة قرون وثلاثة عقود وست سنوات (أي بالعدد 436 عاما) .. وهو الفارس الفدائي والكاتب الروائي الذي نسج برصاص قلمه ومداد قلبه من خيوط (الشوك والقرنفل) رواية اقصد كوفية عز فلسطينية لا بل أسطورة مجد كانت بمثابة تمرين حي وعلى الورق لطوفان الأقصى قبل عشرين عاما من انطلاق الطوفان بالتمام والكمال...

وهو الفارس العملاق الذي قضى النازيون الصهاينة ثمانية شهور وأكثر بأيامها ولياليها وهم يخططون ويتخبطون ويخبصون ويعملون تحت الارض وفوق الارض مستخدمين كل ما لديهم من أدوات الإجرام وأسلحة الدمار والتجسس ومستخدمين الشاباك والموساد والاسناد الاستخباري العسكري والمادي من الغرب الاستعماري بكافة جحافله المتواطئة ومساطيل اليمين المتطرف ومهابيل المستعمرات وبقية الحنشلة والعصابة الصهيونية المجرمة. وكان الهدف الوحيد أمام جحافل هذه الصُربة المقيتة هو القاء القبض على مقاوم فلسطيني بتهمة الدفاع عن أرضه ووطنه في وجه الاحتلال الصهيوني البغيض.. وبعد شهور من الهوبرة والهمبكة والاستعراض الهيلوويدي والاسطوانة المشروخة والحملة المسعورة التي كانت تحمل اسم (السيوف الحديدية)، والتي غدت عند المواجهة مع المقاومة الفلسطينية سيوفاً من الخشب!

أقول بعد هذا كله تمخضت الحملة الصهيونية المسعورة فولدت فردة حذاء! نعم، تم إلقاء القبض على فردة الصرماية اليسرى للمقاوم الفلسطيني المستهدف!، وتبين في حينها أنها ليست له!!، ومع ذلك أقام الصهاينة احتفالات واسعة بهذا الانجاز الذي يليق بوجوههم الكالحة!ّ!، ويقال بأن شركات انتاج عديدة متواطئة مع اسرائيل والصهاينة تطوعت لإنتاج مسلسلٍ حول هذا الإنجاز الكبير.. إلا أن مكتب (النتن) أشار إلى ضرورة التريث حتى يتم الانتهاء من المهمة ولعلها تكمن في العثور على فردة الحذاء الثانية والتي ما يزال البحث جارياً عنها، لكي يكون المسلسل الإسرائيلي محرزاً ويدخل الموسوعة كانتصارٍ يسجل للجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر!!. نعم كإنجاز يستحق جائزة (البصقة) نخب أول! أظنكم عرفتم من هو المقصود بصاحب امتياز (خاوة) الفلسطينية والمقصود بالسيوف الحديدية أقصد الخشبية لإلقاء القبض عليه.. ومع ذلك ولغايات التوثيق والتأريخ أقول إن أول حرف من اسمه هو (يحيى إبراهيم حسن السنوار).

وفي الختام أقول: يا أهلنا وناسنا في غزة العزة وفلسطين المجد.. قلبي يحدثني بأن النصر آتٍ لا محالَة، وها قد لاحت بشائره بالرغم من مكابرة وتياسة العدو الصهيوني، فمدخلات المجد الفلسطينية هي ذات المدخلات التي أدت إلى النصر الباهر في الجزائر وفيتنام، فها هو النصر الفلسطيني على الأبواب بحول الله، وقلبي يحدثني بأن صفوف الشهداء والمناضلين والشرفاء والأبطال سوف يأتون ذات يوم آتٍ لتقبل التهاني بالنصر، يتقدمهم القسام الشيخ الشهيد والقسام السلاح.. وعلى يمينه الياسين الشيخ الشهيد والياسين السلاح.. وعلى يمينه الشهيد العياش والعياش السلاح.. وعلى يمينه الشهيد الغول والغول البندقية.. وعلى يمينه الشهيد اسماعيل هنية، وفي يمناه كتاب الله يتلو منه سورة (الضحى) لحظة استشهاده.. وعلى يمينه الشهيد صدام حسين يحتضن صاروخ العباس الذي أرعب الصهاينة.. وعلى يمينه ابن الجيش العربي الشهيد خضر يعقوب وفي يمناه اللاسلكي يقول بصوت عالٍ: الهدف موقعي ارمي.. انتهى.. أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.. وعلى يمينه الشهيد كايد عبيدات، أو شهيد أردني على أرض فلسطين، وعلى يمينه الشهداء الأبطال محمد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا الزير وهم يتعازمون على نيل الشهادة أمام سجن عكا، وعلى يمينهم المطران الثائر الشهيد هيلاريون كبوتشي وهو يؤدي الصلاة مع شيخ مسلم على أرواح ضحايا حرب عام 1967 من المقدسيين الأطهار، وعلى يمينه ابن الجيش العربي وابن عمي محمد الذي استشهد على ثرى القدس وبجانبه ساعته التي عثر عليها مؤخراً تحدد وقت استشهاده وعلى اليمين واليمين واليمين صفٌ لا ينتهي من أبطال وشهداء فلسطين الذين خضبوا بدمائهم الطاهرة ثرى فلسطين العزيزة. اللهم اجعلنا من أهل اليمين.

وفي ختام الختام أقول: يا أهلنا في غزة العزة وفلسطين المجد.. أخشى أن أجرحني وأجرحكم لو قلت: يا وحدنا! هل أقولها؟ لا .. لن أقولها لأن الله عز وجل معكم.. وملائكة القوي العزيز تحارب معكم.. والحق معكم.. فهل يضيركم أن يخذلكم الآخرون ما دام الله الواحد الأحد معكم؟

وأستذكر ما قاله الشهيد صدام حسين ذات يوم (... نحن على يقين بأن الفلسطينيين سوف ينتصرون في النهاية حتى لو بقوا لوحدهم.. ولا أثقل على نفسي أو على أحد عندما أقول بأنه قد يكون عاراً على العرب والمؤمنين حيثما كانوا أن لا يشاركوا اخوانهم الفلسطينيين في معركة هي بالأساس معركة العرب).

وأختم بدعاء النصر لغزة وفلسطين بحول الله