فرصة للأردن وفرصة للعرب!!



بعد الرد الأخير لحزب الله على اعتيالات القادة، والذي وُصف بأنه محدود التأثير، عاد الهدوء الحذر إلى الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة، وعادت قواعد الاشتباك إلى سابق عهدها قبل الاغتيالات، ولعل ذلك أسفر عن خيبة أمل لدى فصائل المقاومة في فلسطين، ولدى الملايين من أنصار المقاومة حول العالم.

لا شك أن الحسابات السياسية والاستراتيجية أدت إلى محدودية الرد، ولكل طرف من أطراف (محور المقاومة) ظروفه المقيّدة، واستراتيجياته المحكومة بمعادلات داخلية وإقليمية، ليس المجال لنقاشها هنا، ولكن الموضوع الأهم اليوم أن هذا التطور يقود إلى فرصة كبيرة أمام العرب عامة، والاردن خاصة، لبناء موقف عربي فاعل في مواجهة حرب الإبادة في غزة.

فرصة الأردن والعرب تقوم على مرتكزات أساسية يمكن البناء عليها: 
أولها: الرفض العربي القاطع لحرب الإبادة الجماعية التي تمارسها دولة الاحتلال في فلسطين عامة وغزة خاصة، ذلك الرفض المؤيد من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومحكمة العدل الدولية، ولعل الرواية الاردنية المتقدمة في هذا السياق تصلح لقيادة القاطرة العربية بهذا الاتجاه. 
والمرتكز الثاني: يتعلق بالتجاوزات الكبيرة التي تمارسها حكومة نتنياهو، وبخاصة وزارءه الأكثر تطرفا، تجاه المسجد الأقصى والضفة الغربية، والاجتياحات المتكررة لكل شبر من أرض فلسطين. 
والمرتكز الثالث: يستند إلى قناعة العالم أجمع (فضلا عن المجتمع الصهيوني نفسه) بأن العقبة الأساسية لعدم إنجاز صفقة التبادل ووقف الحرب حتى الأن هو نتنياهو نفسه، ولأسباب شخصية وسياسية تتعلق بمستقبله ومستقبل تحالفه السياسي، وعجز أميركا عن فرض أي شيء على الصهاينة في ظل اقتراب موعد الانتخابات الأميركية.

إن الواجب اليوم على العرب عامة وعلى الاردن خاصة تحرك جاد يقوم على تغيير استراتيجي (محسوب) لمواجهة الجنون الصهيوني، والدعم الأميركي غير المحدود له، ورفض حالة الاستسلام والانكفاء على الذات التي يمارسها العرب اليوم، فدولة الكيان اليوم تشعر بتهديد وجودي حقيقي، وهذا التهديد لم تتمكن من إزالته بالرغم من خوضها أطول حرب في تاريخها، والتي قارب على 11 شهرا، كما أنها تراهن على الخصومة التاريخية بين العرب ومحور المقاومة، وهو رهان أدخل العرب في حالة حياد سلبي إزاء معركة الإبادة، وأتاح للصهاينة تجاوز كل الخطوط الحمراء، وآن لهذا المشهد أن يتوقف.

إن الرد المحدود لحزب الله، واستمرار طهران في حالة صمت استراتيجي حتى اليوم، والتغييرات التي حدثت في سياسة بعض دول الاتحاد الأوروبي، والمظاهرات الطلابية الحاشدة في معظم دول العالم الحر، كل ذلك يدفع العرب إلى أخذ زمام المبادرة، والعمل على تعظيم دورهم في المشهد القادم، وفتح قنوات مع المقاومة الفلسطينية للخروج بمعادلة تحاصر الكيان، وتزيد من عزلته عالميا، وتجبره على الرضوخ لوقف المذبحة، وربما تبدد أحلامه المستقبلية ببناء إقليم خاضع لهيمنته.