المجتمع الدرزي في فلسطين المحتلة الهوية الضائعة
الواقع الدرزي في فلسطين المحتلة يكشف عن الإنفصال الإجتماعي والثقافي والقيمي مع المجتمع الفلسطيني المناهض للاحتلال، فحملات تشويه الوعي الدرزي وعلى مدى عقود طويلة، نتج عنه اعتبار الدروز أنفسهم مجتمع قائم بذاته مستقل عن حاضنته العربية الفلسطينية الإسلامية، تلك بعض التبريرات التي قد يسوقها المطلعين على حال الدروز الذين يعيشون في الداخل الفلسطيني المحتل، لتشويه الوعي كإضافة أو تتبيلة جديدة استخدمها الكيان المحتل لفرز الدروز عن ارتباطهم بالمجتمع الفلسطيني العربي، والأصل في انحراف الدروز والميل بشكل كامل وكلي مع الاحتلال، يكمن في حلف الدم الذي تم بين زعماء الدروز آنذاك مع بن غوريون.
وثيقة حلف الدم التي تمت بين قيادات تقليدية ومخاتير درزية عام ١٩٥٦، القشة التي قصمت وحدة المجتمع الفلسطيني، بخروج شريحة الدروز والتفافها مع توجهات الكيان الصهيوني، فقد نجحت المحاولات الصهيونية في جذب الدروز لصفها من منطلق عقائدي، يرجع إلى اللقاء الذي حصل بين موسى عليه السلام وشعيب عليه السلام، العصا التي توكأت عليها العصابات اليهودية وعلى رأسها الهاغانا في شد أنظار القيادات الدرزية إلى الفكرة الصهيونية وقربها من الفكر العقائدي الدرزي، فبدأ العد التنازلي لارتباط فئة الدروز في المجتمع الفلسطيني، وانفرط عقد الاندماج بسلسلة حوارات ولقاءات سرية في بداية الثورة الفلسطينية، حتى أصبحت علنية في الخمسينات وأعلن عن تحرير ميثاق حلف الدم، وبهذا الميثاق الخطير والذي ترتب عليه خطوات أدت إلى استقلالية الدروز، واعتبار المجتمع الفلسطيني العربي مجتمعاً غريباً عليهم، فتوطدت العلاقة الصهيونية والدرزية، فأقبل الشبان الدروز الانضمام إلى الجيش "الإسرائيلي"، ومع مرور الوقت تدرجوا في المناصب القيادية العسكرية، في سلك المخابرات الشاباك والموساد والوظائف الرسمية ( الحكومية) ، حتى البعض منهم مجند في المعتقلات التي تعج بالأسرى الفلسطينيين، وتورط السجانين الدروز في تعذيب ومعاقبة الأسرى، وعند التمعن في نسبة انضمام الدروز إلى الجيش " الإسرائيلي"، فقد بلغت ٦٠٪ إلى ٧٠٪، وفي السنوات الأخيرة بدأت جهود عربية يقودها عدة ناشطين من الدروز لعودة الطائفة الدرزية إلى حضنها العربي الفلسطيني، وازدياد محاولات إلغاء الخدمة العسكرية المفروضة على الشبان الدروز، ورغم تلك الجهود لكنها لم ترق إلى مستوى رفض الخدمة العسكرية بشكل كبير، فقد اقتصرت على أعداد قليلة رفضت بالفعل الخدمة العسكرية.
فهل يراجع الدروز أنفسهم ويعودوا إلى مجتمعهم الفلسطيني العربي، ويقطعوا الطريق على الخطط الإسرائيلية الهادفة إلى تمزيق وحدة المجتمع الفلسطيني المناهض للاحتلال الصهيوني، والكف عن استعداء أبناء جلدتهم ووطنهم فالتاريخ لا يرحم الخائنين لأوطانهم.