أحمد الحسن الزعبي بين صيام شهرين وتحرير رقبة ..


كتب د. محمد حسن الزعبي  - ستون يوما" مضت يا أحمد وقلمك بدون مداد، وجمهورك يا أحمد المتشوق لمقالاتك بلا زاد ومحصول قمحك لا زال ينتظر منك اعلان موعد الحصاد، فلقد حان الوقت بعد غيابك لتعود لتملأ قلمك مدادا" وأوراقك أدبا" وأفكارا" وتملأ قلوب محبيك وجمهورك شوقا" ووجدانا".. 

ستون يوما مرت وطيور الخريف تنتظرك لتتغنى بها ولتكتب عنها، ستون يوما" مرت واوراق الشجر التي كانت تمر من امامك مبتسمة أبت أن تترك أغصانها، ستون يوما مرت والعلب الفارغة التي كنت تطرب لصوت دحرجتها مع رياح الخريف تشبثت بالأرض تقديرا" لمشاعرك. ستون يوما" وأنت تنتظر قرب الخريف لأن لك معه قصة عشق تتكرر وبحر عواطف يتفجر. لقد كنت تحب الخريف وتستبشر به خيرا" ونحن في الخريف!! هل سيطرق السجان بابك ويقول لك كفى ضيافة عندنا وعد إلى خريفك فسجننا مغلق لا يسمع فيه تغريد الطيور ولا تمرد أوراق شجر ولا وجود لحقل قمح ينتظر أن يُحصد. عد إلى قلمك ومكتبك وعشك فمثلك لا يستغني عنه الوطن ولا يطيق فراقه مواطن عاشق لبلده.

لقد استوقفني موعد الشهرين كثيرا" لأني أعلم أن له في الإسلام دلالات كثيرة ومعجزات مثيرة وأهمها كفارة القتل الخطأ.  فإذا كان القتل خطأ ووقع على شخص مؤمن فعقابه في الإسلام تحرير رقبة مؤمنة ومن لم يجد فصيام شهرين متتابعين. إذا كان أحمد متهما" بالقتل فلقد حاول قتل الفساد ومحاصرة المحسوبية وخنق الاستغلال ورجم التعدي على قوت الفقراء أما أداة الجريمة فقد كانت قلمه ولسانه وأما لائحة الاتهام فهي أنه لم يكن يوما" خائنا" لوطنه أو باحثا" عن منفعة شخصية أو منصبا" مرموقا" فإذا كان عقابه تحرير رقبة فرقبته أولى أن تتحرر من الأسر وجنوده وأن تخرج من غياهب السجن وقيوده وأما إن كان عقابه صيام شهرين فقد صام أحمد عن الحرية وعن رؤية عياله وعن دخول بيته وعن لقاء جمهوره وأهله ومحبيه شهرين تامين كاملين. ألا يكفي ذلك أيها السادة!!!!!

وأخيرا" أقول للعقلاء والحريصين على الأردن وترابه ومستقبله لن تجدوا إذا وقعت الواقعة إلا محبيه الذين لا يرون الأردن إلا جنة الأرض ولا يرون ترابه إلا مقدسا" ولا شعبه إلا حماة وجنودا" فلا تضيقوا الخناق عليهم وافسحوا الفرصة لهم ليبنوا البلد ويصلحوا حاله فهم البناة وهم الماء الذي يمكث في الأرض وصدق الله العظيم إذ قال "فأمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ"