حكومة الأردن المقبلة بين أرقام التحدي وفرص النجاح.. هل يتحول الحلم إلى حقيقة؟



يستعد الأردن لاستقبال حكومة جديدة في وقت يزخر بالتحديات الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة، مما يثير تساؤلات حول قدرة الحكومة المقبلة على تحويل الأزمات إلى فرص حقيقية. الأرقام تتحدث بوضوح، وهي تعكس واقعًا يتطلب قرارات حاسمة وإستراتيجيات مدروسة لتحقيق النمو المستدام وتحقيق تطلعات الشعب الأردني نحو مستقبل أفضل. في هذا المقال، سنستعرض أهم التحديات التي تواجهها الحكومة الجديدة بالأرقام، ونبحث في الفرص الممكنة لتحويل هذه الأرقام إلى قصص نجاح يفتخر بها الوطن.

الاقتصاد الأردني: بين شبح الركود وحلم النمو

يمثل النمو الاقتصادي التحدي الأكبر لأي حكومة، والأردن ليس استثناءً. في ظل نمو اقتصادي لا يتجاوز 2.7% سنويًا، فإن رفع هذا المعدل إلى 5% خلال السنوات الخمس المقبلة أصبح ضرورة ملحة. هذه الزيادة تتطلب توجيه الاستثمارات نحو القطاعات الإنتاجية التي يمكن أن تخلق فرص عمل جديدة وتعزز الاقتصاد الوطني بشكل فعّال.

من جهة أخرى، الدين العام الذي تجاوز 40 مليار دولار ويشكل 95% من الناتج المحلي الإجمالي، يمثل عبئًا ثقيلاً يتطلب وضع سياسات مالية صارمة لخفض هذه النسبة إلى مستويات أكثر أمانًا. تحسين إدارة الضرائب والحد من الهدر المالي، مع تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص، قد يكون الحل الأمثل لتحقيق هذا الهدف.

جذب الاستثمارات: الطريق إلى تعزيز النمو الاقتصادي

في عام 2023، تمكن الأردن من جذب استثمارات أجنبية بقيمة 1.2 مليار دولار، وهو إنجاز لا بأس به، لكنه ليس كافيًا لتحقيق الطموحات المستقبلية. يجب على الحكومة الجديدة أن تركز على تحسين بيئة الأعمال، وتبسيط الإجراءات، وتقديم حوافز مشجعة لجذب المزيد من الاستثمارات، بهدف زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية إلى 2 مليار دولار خلال السنوات المقبلة.

التعليم والبطالة: بناء جيل من القادة

يمثل التعليم الأساس لأي نهضة اقتصادية واجتماعية. ومع معدل الالتحاق بالتعليم العالي الذي يبلغ 32% فقط، يصبح من الضروري رفع هذه النسبة إلى 40% لدفع عجلة الابتكار والتنمية. ومع معدل بطالة بين الشباب يصل إلى 24%، يتعين على الحكومة الجديدة تطوير سياسات تركز على خلق فرص عمل جديدة وتطوير مهارات الشباب بما يتماشى مع احتياجات السوق الحديثة.

الموقع الجغرافي: بوابة للتجارة والتعاون الإقليمي

يعد الموقع الجغرافي للأردن بمثابة جسر يربط بين دول المنطقة، مما يمنحه ميزة استراتيجية لتعزيز التجارة والنقل. تطوير البنية التحتية وتحسين الخدمات اللوجستية يجب أن يكون ضمن أولويات الحكومة الجديدة، بهدف زيادة حجم التجارة بنسبة 30% عبر تسهيل الإجراءات وتعزيز الروابط الاقتصادية مع الدول المجاورة.

التحول الرقمي: مستقبل الاقتصاد الأردني

في عصر الرقمنة، يمثل التحول الرقمي فرصة ذهبية للنهوض بالاقتصاد الأردني. مع حصة الاقتصاد الرقمي التي تشكل حاليًا 5% من الناتج المحلي الإجمالي، يتعين على الحكومة العمل على رفع هذه النسبة إلى 10% بحلول عام 2030 من خلال دعم الابتكار والشركات الناشئة في مجالات التكنولوجيا.

تمكين الشباب والشراكات الدولية: أسس التنمية المستدامة

الشباب هم المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي، وتمكينهم يجب أن يكون في صلب أولويات الحكومة الجديدة. خفض نسبة البطالة بين الشباب إلى 15% خلال السنوات المقبلة من خلال دعم ريادة الأعمال وتعزيز التعليم المهني هو هدف يجب أن تسعى إليه الحكومة. كما أن تعزيز الشراكات الدولية ودعم المجتمع الدولي يمكن أن يلعب دورًا مهمًا في تحقيق التنمية المستدامة التي يتطلع إليها الأردنيون.

الطريق نحو النجاح

تواجه الحكومة الجديدة تحديات جسيمة، ولكنها أمام فرصة تاريخية لتحويل هذه التحديات إلى قصص نجاح حقيقية. من خلال تبني سياسات فعالة ومدروسة، يمكن للأردن أن يحقق قفزة نوعية في مسار التنمية، ليصبح نموذجًا يحتذى به في المنطقة. الوقت قد حان للعمل الجاد، والأرقام هي التي ستقرر ما إذا كان الحلم سيتحول إلى حقيقة أم سيظل مجرد أمل.



* الكاتب رئيس جامعة آل البيت سابقًا