خلوة الصندوق



ايام تفصلنا عن صندوق الاقتراع، فقد أمضى معظم المرشحين رحلة شاقة في حراك انتخابي واحيانا صراعا وليس تنافسا.
 ولا زال المشهد العام للانتخابات لم يحرك القطاع الغالب للناس نحو المشاركة، فمن تكرار الوجوه المرشحة السابقة الى عدم تقديم خطاب فاعل يحرك الناخبين، الى ظروف محلية ومحيطة لا تبعث على الامل او الاطمئنان بالحد المقبول.

الكرة الان في مرمى الناخبين، فلقد عرفوا غالب المترشحين واستمعوا لكثير منهم، وسمعوا عن البقية. سيقف الناخب لوحده في خلوة الصندوق ليقرر من يتكلم باسمه ومن يعطي الثقة للحكومة ويراقبها ويحاسبها، ومن يشرع له بما يساعد المواطن ويبني الوطن او يعيقه ويهدمه.

كل اشكال التاثير التي مورست على قناعات او ارادات الناخبين ستكون بعيدة عن خلوة الصندوق؛ فلا صاحب المال ولا السمسار سيكون مراقبا لك، ولا فزعة عصبية بغير وجه حق ستكون شاهدة على صوتك، ولا ازدحام الصور وجمالها سيكون حولك، ولا كل الوعود الشخصية الكاذبة ستكون مسكنة لآلامك ولا حافزة لآمالك. 

سيكون الله شاهد عليك فقط؛ انك قدمت المصلحة العامة على غيرها، وانك تحررت من كل الضغوط السوداء امام رغبتك بمستقبل ابيض لابنائك، ستكون أنت شاهدا ايضا على من هو اكثر كفاءة وقدرة على تمثيل الناس كل الناس.

تخيل نفسك امام ربك جل جلاله، ثم عند كاتب العدل وانت تكتب عقد وكالة لاربع سنوات قادمات لمن ينوب عنك في كل الامور العامة والتي حتما ستؤثر على خاصة مستقبلك ومستقبل ابنائك في تعليمهم وصحتهم وعدالة فرصهم في التوظيف والعمل. ليس من مبالغة فيما تقرأ، فقط دقيقة تفكير عميق ستدرك الحقيقة.

علينا ان نتجاوز كل المجاملات للمرشحين التي لا تتماشى مع المصلحة العامة، وان نتخلى عن مغريات المال الفاسد والوعود الزائفة وزراعة البحر بالتفاح والعنب. 

لحظات في خلوة الصندوق سيتحدد فيها مصير الوطن، تختار فيها الصالح على الفاسد والصادق بدل الكاذب، والقوي الامين دون الضعيف، فكن مع ضمير ذاتك، ومستقبل وطنك. يقول تعالى ( يا ابت استأجره، ان خير من أستأجرت القوي الأمين).