ذوو الجازي: دم ابننا ليس أغلى من دماء الفلسطينيين ولن يكون آخر الشهداء




– أعرب والد الشهيد ماهر ذياب الجازي، منفذ عملية معبر الكرامة الواصل بين الأردن والضفة الغربية، عن اعتزازه بما قام به نجله، مؤكدًا أن "دماء ابنه الشهيد ليست أغلى من دماء الشعب الفلسطيني"، ومشددًا على أن ما قام به يعبر عن موقفه الإنساني والوطني تجاه الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد أبناء الشعب الفلسطيني.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال "نحن نحتسب ابننا شهيدًا عند الله سبحانه وتعالى، ونسأل الله أن يتقبله ويغفر له وأن يحشره مع النبيئين والصديقين والشهداء".

من جانبه، عبّر الشيخ حابس الجازي، ابن عم الشهيد، عن معاني الفخر والسعادة التي شعر بها أفراد العائلة بعد سماعهم الخبر عبر وسائل الإعلام العربية والعبرية، وقال للجزيرة نت "تلقينا الخبر بقلوب مطمئنة وفخر كبير، نعتبر أن ما قام به ماهر هو أقل ما يمكن تقديمه لنصرة قضية فلسطين، ودعمًا لأهالي غزة الذين يتعرضون للقصف والدمار اليومي، نحن على عهد من سبقونا من الشهداء".

ووجه حابس الجازي حديثه لأهالي قطاع غزة "رسالتنا لأهل غزة أنكم تمثلون شرف الأمة، ودماؤنا وقلوبنا فداء لرجال غزة ونسائها الذين يقفون في وجه العدوان ويقدمون التضحيات الكبيرة".

وقال الشيخ حابس إن العائلة على تواصل مع السلطات الأردنية بشأن استلام جثمان الشهيد، مشيرًا إلى أن "التنسيق جارٍ، ولكن لم يتم تحديد موعد دقيق لاستلام الجثمان حتى الآن".

 
حياته وعمله
ووفقا لكاسب ذياب، شقيق الشهيد ماهر، فقد ولد الأخير في مدينة معان جنوبي المملكة، وأنهى دراسته في مدارسها قبل أن ينضم في سن السابعة عشرة للخدمة في القوات المسلحة الأردنية، حيث عمل أيضا في الشرطة العسكرية الملكية وبقي في الجيش لمدة 20 عاما.

وفي العامين الأخيرين، بعد تقاعده برتبة وكيل أول، اتجه ماهر الجازي للعمل سائقا لشاحنة نقل بضائع إلى الضفة الغربية.

 تزوج ماهر قبل نحو 15 عاما ورزق بخمسة أبناء أكبرهم "قدر". وعرف ماهر بحسن سيرته، واهتم بأبنائه وكان يحرص على تنمية مهاراتهم وتعليمهم.

كما كان يمارس هواية الخروج للبر والصيد، وربما أسهم ذلك في تنمية قدراته في الرماية والتصويب -والتي ظهرت في نجاح عمليته- إضافة لسنوات خدمته الطويلة في الجيش.

ويضيف شقيقه "كان ماهر يتفاعل باهتمام وألم مع الأحداث في قطاع غزة". ورصدت الجزيرة نت العديد من المنشورات عبر حسابه على موقع فيسبوك يدعو فيها لمقاطعة الشركات الداعمة للاحتلال، كما نشر دعوات وعبارات تدعو لنصرة غزة.

 
ومن منشوراته اللافتة في هذا الصدد قوله "إذا تركت أخاك تأكله الذئاب فاعلم بأنك يا أخاه ستستطاب ويجيء دورك بعده في لحظة، إن لم يجئك الذئب تنهشك الكلاب، إن تأكل النيران غرفة منزل، فالغرفة الأخرى سيدركها الخراب".

ورغم ذلك، يفيد ذووه بأنه لم يكن في حسبانهم على الإطلاق أنه قد يقدم على هذه الخطوة، حيث حفّ جميع خطواته بالسرية التامة ولم يحدث عن نيته مع أحد، كما لم يكن له أي مشاركات في الحراك الميداني من مسيرات أو وقفات تنظم بانتظام منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

 
كما أكد بيان العائلة أنه لم يكن منضويا أو مدعوما من أي جهات، وهو الأمر ذاته الذي أكدته تحقيقات وزارة الداخلية.

 
موقف القبيلة
وأصدرت قبيلة الحويطات بيانا أكد موقفها الثابت والمبدئي في مناصرة القضايا العربية والإسلامية. وجاء في البيان "قبيلة الحويطات وعلى مر التاريخ كانت ولا تزال السد المنيع مدافعةً عن الوطن ومناصرة لقضايا أمتنا العربية والإسلامية".

وحملت القبيلة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وحكومته مسؤولية ما حدث، مشيرة إلى أنه "نتيجة للأفعال الشيطانية التي تقوم بها هذه الحكومة". كما أكدت القبيلة استعدادها لمواصلة الكفاح ضد الاحتلال الإسرائيلي.

وشدد البيان على أن ما قام به الشهيد ماهر الجازي "هو رد فعل طبيعي لإنسان غيور على دينه ووطنه وعروبته تجاه الجرائم المتواصلة التي يقوم بها المحتل الغاصب ضد أبناء الشعب الفلسطيني وخاصة ما يجري في غزة من قتل وتشريد وإبادة". وأضاف "‏دم ابننا ليس أغلى من دماء شعبنا الفلسطيني ولن يكون شهيدنا هو آخر الشهداء".

 تاريخ حافل
وتعكس تصريحات عائلة الشهيد الجازي تاريخ قبيلة الحويطات الحافل بالتضحيات من أجل فلسطين وقضايا الأمة العربية، إذ لا يمكن ذكر عائلة الجازي الحويطات دون الحديث عن الشيخ هارون بن جازي، وهو أحد أبطال "الجهاد المقدس" في فلسطين عام 1948 إلى جانب عبد القادر الحسيني.

 
ويعتبر الشيخ هارون أحد رموز قبيلة الحويطات، وعرف بالشجاعة والحنكة، وقد التحق مع 50 شخصا معظمهم من العشيرة نفسها شكلوا الكتيبة الأردنية في العمل الجهادي بعد شعورهم بالمؤامرة البريطانية الصهيونية على فلسطين، فقرروا التوجه إلى فلسطين.

وكانت المحطة الأولى للشيخ هارون ومجموعته في القدس حيث التقوا المجاهد كامل عريقات، وهو من أحد فروع قبيلة الحويطات في فلسطين والذي بدوره انتقل بهم إلى مركز "القيادة العليا للجهاد المقدس" في بلدة بيرزيت، وكان اللقاء الأول مع المجاهدين.

وكان الشيخ الجازي قائد الجبهة الغربية في معركة القسطل التي استشهد فيها القائد عبد القادر الحسيني، كما خاض الشيخ المجاهد هارون الجازي عشرات المعارك في القدس، منها باب الواد، واللطرون، ودير أيوب، وجبال القدس، وغيرها.

كما يرتبط اسم القبيلة بالعديد من الشخصيات البطولية، ومن أبرزها "مشهور حديثة الجازي" الذي قاد الجيش العربي الأردني في معركة الكرامة عام 1968، التي سطّر فيها الجيش الأردني والفدائيون الفلسطينيون نصرا على جيش الاحتلال، كاسرين به أسطورة "الجيش الذي لا يقهر".

ولم تكن مدينة معان بعيدة عن هذه المواقف، فهي الأخرى كانت دائما داعمة للنضال الفلسطيني، وقاتل أبناؤها إلى جانب المقاومة الفلسطينية وفتحت بيوتها للاجئين الفلسطينيين بعد نكبة 1948، وكان لأبنائها دور في معركة الكرامة مثل الشهيد منصور كريشان قائد الكتيبة الثانية الآلية والملازم أول خضر شكري وغيرهما.

 
المصدر : الجزيرة