انتخابات وقطط!
الفكرة الوحيدة التي تراودني يوم الانتخابات هي أن "استقضيلي" بعد انفضاض السامر يافطتين أو ثلاث من يافطات المرشّحين لأجدّد بها مأوى القطط في حوش الدار قبل دخول الشتاء.
ساختار اليافطات من يافطات مرشحي كوتتي بحيث صار ما صار أقدر أتخالص أنا وإيّاهم!
قطط الحوش ستكون ممتنّة للمرشّحين أكثر مما سنكون كشعب ممتنّين لهم إزاء ما سيشاركون في اقترافه بعد دخولهم تحت القبّة!
سأحرص عند تجديد المأوى أن تكون الكتابة والصور من الخارج ووجه اليافطة الأبيض من الداخل حتى لا يحدث للقطط "دستراكشن" أو تصاب بـ "سترس" أو كوابيس عند النوم!
أخشى ما أخشاه أن يكون لجموع القطط مرشحيهم الأثيرين الذين ينحازون إليهم ويتحزّبون لهم، وعندها قد تقع مشادّات وصدامات بين القطط على خلفية اختيار أيّ صور المرشحين ستُستخدم عند تجديد المأوى!
بما أنّنا بلد يؤمن بروح الريادة والابتكار، ربما أحوّل التحدّي إلى فرصة، وأطلق "مبادرة" لـ "تحويل" يافطات المرشحين إلى ملاذات لقطط الشوارع، وأقوم بنشر فيديو توضيحي مبسّط على طريقة "افعلها بنفسك" (DIY) لكيفيّة القيام بذلك، والذي سرعان ما سيتحوّل إلى (ترند) يدرّ عليّ آلاف المشاهدات و(اللايكات) و(الشيرات)، لـ "أتحوّل" أنا الآخر في غمضة عين إلى مشهور و(انفلونسر) وخبير انتخابات وقطط.. عفواً يافطات وقطط!
الكلاب الضالّة يمكن أن يطالها نصيب من هذه المبادرة أيضاً، لكن هذا يستدعي استخدام اليافطات الأكبر حجماً، والتعامل مع هذه اليافطات يحتاج إلى توفّر حدّ أدنى من التجهيزات والمعدّات، الأمر الذي قد يستدعي بدوره تقديم (بروبوزال) مصاغ بلغة إنجليزيّة احترافيّة، واستقطاب الدعم من إحدى الـ (NGOs) عبر أحد مشاريع التعاون الدوليّ المشتركة من أجل تأمين "اللوجستيّات" اللازمة، وقد يتطلّب الأمر كذلك تنظيم حملتي توعية و(آدفوكسي)!
وربما تتحوّل مبادرتي إلى (سكسس ستوري) وطنيّة ألقى نظيرها الحفاوة والتكريم على أعلى مستويات، وربما أيضاً يتم استلهام الفكرة واستنساخها لتطبيقها في دول ومناطق أخرى، وعندها سيعمّ فضل المرشحين ويافطاتهم على سائر قطط وكلاب المنطقة والعالم وليس فقط الحيوانات الضالّة المحليّة!
تبقى هناك معضلة إطعام هذه الحيوانات المسكينة بعد تأمينها بمأوى، لكن هذه المسألة يمكن إرجاؤها إلى مبادرة لاحقة يتمّ إطلاقها في انتخابات لاحقة.. انتخابات "اللامركزيّة" مثلاً!
انتخابات المجالس النقابيّة ما عادت تُسمن أو تغني من جوع، لذا هي لا تصلح لإطلاق مبادرات من هذا النوع وبمثل هذا الحجم. وكذلك الأمر بالنسبة لانتخابات اتحادات الطلبة رغم كبر أعداد القطط المشرّدة التي ترتع داخل حرم الجامعات ومرافقها.
بصدق، لطالما فكرتُ بإطلاق مبادرة من هذا النوع أيام استكمالي لدراستي العليا في إحدى الجامعات الحكوميّة، سيما وأن دوامنا كان مسائيّاً بما يتيح للقطط الخروج والتسكّع بعد أن يخفّ الازدحام وتهدأ الحركة. ومرّة أمضيت حوالي الساعة وأنا أحاول انقاذ قطّ صغير علق في أحد المناهل، لكن نظرة "الاستخفاف" و"الاستتفاه" التي نظّر بها إليّ حارس الأمن الجامعيّ وقتها جعلتني أخجل على شيبتي وأُحجم عن الإتيان بمثل هذه الحركات والتصرّفات على الملأ!
نفس نظرات الاستخفاف والاستتفاه أشعر بها عندما أخرج إلى شوارع حارتنا "أُبسبس" بحثاً عن قط مفقود أو متغيّب، أو عندما أنظر في حاويات القمامة خشية أن يكون أحد السائقين المتهوّرين قد دهس القط ورماه في "الحاوية" كما حدث غير مرّة!
بالعودة إلى مبادرتنا، بما أنّ "صفاء" أو "صفصف" هي أكبر قطط الحوش عمراً سأعهد إليها مهمة اختيار يافطات المرشحين التي سنستخدمها في تجديد المأوى، لكن "صفصف" كما هو معروف لكلّ من تعامل معها صعبة المِراس و"شرنّة" ولا تتقبّل الآخرين ولا تثق بهم بسهولة، وغالباً لن تراعي التوازن الديموغرافيّ والعدالة الجندريّة في اختياراتها!
قد يرى البعض أنّ قطّي "سِنْد" أصلح لهذه المهمة، لكن "سِنْد" قطّ ذكر مُعقّم يفتقر للدافعيّة والحماس!
ربما لو كان قطّي "علّوش" ما يزال على قيد الحياة لكان الخيار الأفضل، فلطالما تمتّع "علّوشي" بالرزانة والوقار ورجاحة العقل، لكن للأسف هذه الفئة من القطط هذه الأيام "قصيرة أعمار"!