" وقفات مع نتائج الانتخابات النيابية ٢٠٢٤ "


 

- اولا وقبل كل شيء، لا بد من التنويه ان نزاهة وشفافية الانتخابات ( اي انتخابات ) هي حق للشعب في دولتنا الاردنية التي أطلقت قبل عامين مشروعا اسمته " مشروع تحديث المنظومة السياسية "؛ لذلك حديث البعض عن "شكر " الدولة لانجازها انتخابات بلا تدخلات وبحيادية وشفافية؛ لا يليق بمشروع الدولة الإصلاحي والدعم الملكي المعلن له.

- اثبتت نتائج الانتخابات فشلا ذريعا للأحزاب التي اوجدتها الدولة في المكاتب المغلقة، والتي حاولت فرضها على الشعب دون أن يكون مقتنعاً بها او بشخوص قياداتها، هذه الأحزاب وقياداتها التي خرجت من رحم السلطة على مدار عقود ماضية؛ والتي نظر لها الشعب أنها جزء رئيسي من حالة البلاد السياسية والاقتصادية المتردية.

- النصائح التي يوجهها بعض الغيورين على الحركة الاسلامية، بترشيد خطابها السياسي تحت قبة البرلمان؛ نصائح يجب ان تاخذ بها الحركة الاسلامية بجدية وتمعن، ولكن هذا ليس كافيا بكل حال؛ لأنها نصائح في اتجاه واحد وليس في اتجاهين، اي بمعنى أن نصائحهم للحركة الإسلامية يجب ان يوازيها نصائح للدولة واجهزتها المعنية؛ حيث لا يجوز مطالبة الحركة الاسلامية بترشيد خطابها وممارستها السياسية تحت قبة البرلمان، دون أن نطالب بنفس الوقت الدولة واجهزتها بترشيد ممارساتها السياسية؛ فلا نسمع عن محاولات للتحشيد ضد الاسلاميين في مجلس النواب ومحاولات إقصاؤهم من اللجان النيابية او المكتب الدائم التي يمكن أن يقدموا فيها أداها نيابيا متميزا.

- نتائج الانتخابات المفاجأة للجميع، لا بد وان ينتج عنها تغيير إيجابي في المشهد السياسي الأردني؛ وهذا التغيير يجب ان تقوده الدولة قبل المعارضة، بأن يكون تعاملها مع نتائج الانتخابات بإيجابية دون أي تشنج او محاولة الانقلاب على نتائج هذه الانتخابات باي طريقة كانت، وان تبحث الدولة واجهزتها عن القواسم المشتركة مع المعارضة السياسية في البرلمان وخارجه والتي يجتمع عليها الشعب الأردني من الحرص على استقرار الوطن والنظام السياسي، وتخفيف معاناة الشعب الأردني اقتصاديا. والحوار البناء الهادف دون قيود او شروط من اي طرف هو السبيل لتحقيق الأفضل للشعب والدولة بمؤسساتها المختلفة.
************
- نتائج الانتخابات اوصلت رسالة للدولة، ان بعض السياسات سواء الداخلية او الخارجية هي التي دفعت الأردنيين للتعبير عن رفضهم لها من خلال التصويت بكثافة للمعارضة التي تبنت مواقف معارضة للدولة في كثير من السياسات والقوانين الاقتصادية التي اضرت بالبلاد والعباد.


- كذلك فإن نتائج الانتخابات اوصلت رسالة للدولة ان بعض "خيارات الدولة" فيما يتعلق بالقضايا السياسية الرئيسية؛ لم تكن مقبولة من الشعب وخصوصا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وعدم فتح قنوات حوار مع المقاومة، وعدم إعطاء أجوبة مقنعة للشعب فيما يتعلق بأدوات الدولة الفاعلة للتصدي للتهديدات الوحودية للدولة والشعب والنظام من قبل اليمين الصهيوني المتطرف الذي لا يتورع عن الاعلان عن خططه التوسعية والاستعمارية ضد وطننا الأردن؛ لذلك لن تكون جريمة من المعارضة او ذنبا عظيما إذا قدمت خيارات سياسية واقتصادية للدولة فيما يتعلق بمعاهدة وادي عربة او الاتفاقيات الاقتصادية مع الكيان الصهيو.ني، فهذه المعاهدة والاتفاقيات ليس قدرا محتوما لا يمكن التراجع عنه او إلغاوه إذا كان في ذلك مصلحة بلادنا وشعبنا.
************
وأخيرا، وليعذرني الرفاق اليساريون، فإن تحالف الدولة مع بعض قوى اليسار في الأردن منذ عقد من الزمان وتدليلهم بالمناصب المختلفة سواء في الوزارات او مجلس الاعيان او الهيئات الرسمية او اللجان الملكية؛ لم يكن له أي انعكاس على دعم مواقف الدولة في العديد من القضايا المفصلية سواء السياسية منها او الاقتصادية، فلم نسمع او نقرأ يوما لهم رأي يقدم النصيحة للحكومة في بعض السياسات؛ ولم يكن لهم دور في الشارع الأردني يمكن الاستناد عليه سياسيا او اقتصاديا من الدولة؛ بل على العكس فإن كثيرآ منهم ينقلبون إلى حكوميون أكثر من الحكومات نفسها فيزيدوا من احتقان الشارع بدل ان يساهموا في تخفيفه، وهذا يؤكد أن محاولة الدولة للاستثمار بالتحالف مع بعض القوى اليسارية لم يكن منتجا إيجابيا للدولة.
 
وبعد،
انتهت هذه الانتخابات بنتائجها التي ينبغي للجميع أن يبني عليها ايجابيا، وهذا يستدعي حوارات لا تنتهي بين مختلف الأطراف الفاعلة في الدولة وبين القوى السياسية الفاعلة بلا استثناء، كما اتمنى ان تنعكس نتائج الانتخابات على المشهد الاعلامي الرسمي والخاص فنشهد تنويعا وانفتاحا على مختلف القوى السياسية وعدم الاقتصار على من يحملون وجهة نظر السلطة السياسية دون غيرهم.
رب اجعل بلدنا الحبيب آمنا مطمئنا