لم يبق جرار نكسرها ... ليته قبل أن غادر تذكر أحمد و رفاقه




حالة التشفي ليست من أرق الأدب و لا من الذوق الذوق العام أو ال Common sense حسب التعبير الإنجليزي الدارج أكثر على ألسنة النخب الأردنية السياسية ، لكن يغلب علينا حالة الشفقة بالموظف او المسؤول الكبير الذي يكون و هو مقبل على الناس و هو في منصبه كجلمود صخر حطه السيل من عل ، ثم اذا زال سلطان الوظيفة اذا به يعود الى بيته يتمطى و ما أن يصل حتى يتزمل او يتدثر ، فالهاتف الخلوي الذي كان يرن طوال النهار و أناء الليل يصمت دفعة واحدة ، و اذا بمدير المكتب و السكرتيرة اللذان يتملقانه طوال ساعات النهار لا وجود لهما و اذا بالموكب يتقلص في طرفة عين من سيارات كثيرة و لواحات و زوامير يتقلص فيصبح سيارة واحدة مع سائق و اذا الدنيا تمشي بالمقلوب .

رحل الرجل و لم يوظف المليون عاطل عن العمل ، رحل و لم تصل ايام الأردنيين الجميلة التي لم تأت بعد ، و رحل من الطابق الرابع في الدوار الرابع الى حيث لا ندري ، و لو دامت لغيرك ما وصلت اليك ، و نحاول أن نتقمص شخصية المواطن الطيب المتسامح لنجرد المحاسن و الإنجازات على مدى أربع سنوات عجاف ، اكلت لحم الأردنيين و أذابت ما تبقى من شحمهم و دقت عظامهم ، و أوصلتهم الى الديار السودا او كادت ، فنجد أن الإنجاز الأكبر هو زيادة المديونية الأكبر في عهد الرئيس الى عشرات المليارات ، و انتصاره في مجلس النواب و استعادة مكانه الذي احتله أحد النواب احتجاجا على أمر ما ، و انجازات أخرى كثيرة...

حدثني مواطن أردني كان عمه أو خاله حتى وقت قريب من أرفع رجال الدول مناصبا و قوة و شهرة و لم يبق منصبا لم يتقلده ، مرض الرجل و كان الناس يحجون الى مكتبه و بيته كل يوم قبل المرض و هواتفه الخلوية لا تصمت و لا نستمتع بالقعدة معه حينما يزورنا لأنه يقضي السهرة و هو يرد على السفير الفلاني و يقبل دعوات العشاء و الغداء على الدور و يعتذر عن استقبال أحد الوزراء و الى أخر السهرة ، مرض الرجل و غادر المكتب الى المستشفى و اعلنت استقالته من منصبه ، و كنت أذهب لزيارته في المستشفى يقول الصديق الذي يحدثني ، فأجد عمي يبكي و الدموع تملأ عينيه ، و اقول يا عم مالي اراك تبكي هل تتألم ستشفى ان شاء الله و كان يقول لا يؤلمني جسدي و لا يحزنني موتي ، أتألم لان احدا من الذين كانوا يتمنون أن يحظوا بخمس دقائق من وقتي لم يأت لزيارتي أو حتى يكلف خاطره للإتصال بي هاتفيا و الوحيد الذي اتصل بي الرجل الذي حل مكاني قائلا انهم لا يستطيعون دفع فاتورة علاجي و علي ان اتدبر الأمر ...

قلت و أنا مشدوه من القصة ، و هل هذا صحيح فعلا ، قال الراوي قرابة الرجل من الدرجة الأولة او الثانية و الله العظيم هذا ما حصل ، تنهدت و قلت لا حول و لا قوة الا بالله ، لكن كل تلك القوة و الجدية و النفوذ و المال و المواكب الذي كانن تحيط بعمك الم تلفت نظره أن عليه أن يكون له اصدقاء حقيقيين و هو في مناصبه بدل سيل المنافقين و السحيجة ، قال الرجل كان يطن أن الموت لن يصل اليه كالكثيرين من اصحاب المناصب العليا و قد مات حزينا و أحزنتني جنازته و عزاءه كثيرا فلم يكن على قدر ما كان يتوقع او يظن.

لا حول و لا قوة الا بالله...

كان الخليفة العباسي هارون الرشيد و هو في نزعات الموت الأخيرة يدعوا " يامن لا يزول ملكه ارحم من زال ملكه "

غادرنا دولة بشر الخصاونة ، و لن أتشفى به لأنه لم يتبقى عندنا جرار نكسرها وراءه من كثرة ما كسرنا من جرار ، و ندعوا له بالسلامة عسى الأيام الجميلة يأت بها من لم يعد بها ، ليته قبل ان يغادر " و يارايح كثر ملايح " ليته فعل شيئا بملف أحمد حسن الزعبي و موقوفي الرأي من السياسيين .
و للحديث بقية ان شاء الله