رسائل السنوار الثلاث.. تحد للاحتلال وإثبات لصمود المقاومة
منذ انتخابه في 7 أغسطس/آب الماضي رئيسا لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) خلفا للشهيد إسماعيل هنية لم يصدر عن يحيى السنوار أي تصريح نظرا لطبيعة المعركة في قطاع غزة.
وذلك رغم أن مصادر الحركة تشير إلى أن السنوار منذ انتخابه أعاد ترتيب البيت الداخلي للحركة بعد اغتيال هنية، وكلف شخصيات من الحركة بتولي بعض المسؤوليات والمناصب وأقر البعض الآخر في مناصبهم إلا أن ذلك بقي في إطار العمل والتنظيم الداخلي.
وتظهر الرسائل الثلاث التي بعثها السنوار لكل من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، وأمين عام حزب الله اللبناني حسن نصر الله، وزعيم جماعة أنصار الله اليمنية عبد الملك الحوثي، بعد توليه رئاسة الحركة أنه بدأ في التحرك سياسيا والتعامل مع الملفات السياسية التي تطلبها المرحلة.
كما تظهر تلك الرسائل أن "الاحتلال غير قادر على إنجاز أحد أهم أهدافه وهو تفكيك حركة حماس والوصول لقادتها"، وفقا للكاتب والباحث ساري عرابي.
الجزائر ورسائل دبلوماسية
جاءت رسالة السنوار للرئيس الجزائري لتهنئته بالفوز بالانتخابات الرئاسية لتكون باكورة تحرك الرجل خارجيا وقد كانت لهذا الاختيار دلالات عدة.
فالجزائر من الدول التي تمتلك علاقات مع الحركة ولها ممثل فيها كما أنها من الدول التي تدعم القضية الفلسطينية، وسعت لعقد مصالحة بين الفصائل الفلسطينية.
كما أن الجزائر عضو مؤقت في مجلس الأمن الدولي وقد لعبت دورا مهما منذ العدوان على غزة في جلسات مجلس الأمن والدفاع عن القضية الفلسطينية من خلال وجودها بالمجلس.
وثمّن السنوار في رسالته "الدور الجزائري في الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني والدفاع عن حقوقه في المحافل الدولية".
وأعرب في رسالته عن تطلعاته إلى "استمرار وتطوير هذا الدور الداعم والمساند للفلسطينيين"، وربط بين الثورة الجزائرية ومقاومة الشعب الفلسطيني لتحقيق "التحرير والعودة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس".
وبعد يومين من رسالة الرئيس تبون أعلن حزب الله أن أمينه العام حسن نصر الله تلقى رسالة من السنوار.
ولئن جاءت رسالة السنوار لتبون سياسية ودبلوماسية في الدرجة الأولى فإن رسالته لنصر الله حملت أبعادا عسكرية وكانت أكثر عمقا.
فقد جاءت الرسالة لتؤكد على وحدة الساحات وطبيعة العلاقة بين حماس وحزب الله خاصة في خضم معركة طوفان الأقصى، فعمل جبهات الإسناد وتطوره "يدعم المقاومة في غزة" وفقا للباحث والمختص بالشأن الإستراتيجي سعيد زياد في حديثه للجزيرة.
كما جاءت الرسالة تقديرا لموقف الحزب خلال الحرب، إذ قالت مصادر خاصة للجزيرة نت إن نصر الله قرر مع المجلس العسكري للحزب منذ اليوم الأول للحرب على قطاع غزة دعم المقاومة هناك وإسنادها، وهو ما حصل فعلا وأثر على شكل المعركة وطبيعتها وشكل جبهة إشغال لإسرائيل.
كما تظهر الرسالة بأن وحدة الساحات متحققة، كما يقول العميد محمد عباس الخبير في الشؤون العسكرية والإستراتيجية للجزيرة.
الحوثي.. رسائل متعددة
ولم تكد تمضي 3 أيام على رسالة السنوار إلى حسن نصر الله حتى بعث برسالة لزعيم أنصار الله عبد الملك الحوثي بعد عملية إطلاق الصاروخ الفرط صوتي على تل أبيب يوم أمس.
ووفقا للعديد من المراقبين فقد حملت رسالة السنوار للحوثي العديد من الرسائل من أبرزها قوة المقاومة وأنها ما زالت قادرة على إدارة المعركة، وتعبر عن رؤية المقاومة لمستقبل المعركة وإسرائيل.
فقد ورد في الرسالة أن "القسام خاضت هجوم 7 أكتوبر باقتدار قلّ نظيره وتخوض معركة دفاعية على مدار عام كامل أرهقت العدو وأثخنت فيه"، كما أكد للحوثي أن "المقاومة بخير وأنّ ما يعلنه العدو محض أكاذيب وحرب نفسية".
كما يظهر من خلال الرسالة وفقا لسعيد زياد أن "السنوار المخطط لطوفان الأقصى كان مدركا لما قد يجري خلال المعركة وأن المقاومة استعدت لمعركة كهذه، وإنها حضرت نفسها لمعركة استنزاف".
وهو ما أكد عليه السنوار في رسالته التي ذكر فيها أن المقاومة أعدت نفسها "لخوض معركة استنزاف طويلة تكسر إرادة العدو السياسية كما كسر (طوفان الأقصى) إرادته العسكرية".
ويلاحظ أن ما ذكره السنوار في رسالته للحوثي يعد تأكيدا لما كان قد ذكره سابقا في رسالة مطولة كان قد وجهها لقيادة حركة حماس في الخارج قبل أشهر، حيث أشار فيها إلى أن "كتائب عز الدين القسّام تخوض معركة شرسة وعنيفة وغير مسبوقة ضد قوات الاحتلال الصهيوني".
وأكد في الرسالة أن "كتائب القسام همشت جيش الاحتلال، وهي ماضية في مسار تهميشه، ولن تخضع لشروط الاحتلال".
ومن هنا يمكن القول إن ما شهدته المقاومة من معارك خلال الأشهر الـ11 الماضية لم يضعفها وأنها ما زالت قادرة على خوض المعركة باقتدار وتمكن، وأن رؤيتها للمعركة ومسارها لم يتغير، كما يقول مراقبون.
ويرى الخبير بالشؤون الإسرائيلية، الدكتور أشرف بدر، في حديث للجزيرة، أن هذه الرسائل تظهر أن "السنوار ما زال ذا صلة ومطلعا على الأحداث وأنه يقود هناك في غرفة تحكم وسيطرة ومطلع على ما يجري".
كما تظهر رسائل السنوار أن "إسرائيل لم تستطع إنجاز شيء خلال المعركة"، وفقا لإيهاب جبارين المختص بالشأن لإسرائيلي.
كما فشلت إسرائيل في تفكيك جبهات الإسناد وتحييدها، فقد أكد السنوار في رسالته أن إطلاق الصاروخ الفرط صوتي أرسل "رسالة للعدو عنوانها أن خطط الاحتواء والتحييد قد فشلت وأن تأثير جبهات الإسناد يأخذ منحى أكثر فعالية وتأثيرا".
وهو ما يذهب إليه سعيد زياد حيث عملت إسرائيل على عزل جبهات المقاومة وتحييد الشركاء ولكنها فشلت بذلك، وجاءت رسالة السنوار لتعزز العلاقة بين جبهات المقاومة والدعم لغزة.
ولئن فشلت إسرائيل في تحييد جبهات الإسناد، فإن المقاومة ما زالت بحاجة لهذه الجبهات لأن الاستعداد لحرب استنزاف، يتطلب من جبهات الإسناد أن تعزز دورها للمساعدة في هذه الحرب، وفق ساري عرابي.
وفشلت "خطط الاحتواء والتحييد لجبهات المقاومة وسيجعلها أكثر تأثيرا في حسم المعركة" وفقا لما يقول السنوار في رسالته للحوثي.
يمكن القول إن رسائل يحيى السنوار جاءت لتدلل على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم تستطع الإطاحة بحماس أو تفكيك قدراتها العسكرية والسياسية، فرئيس الحركة يخرج ويتحدى نتنياهو مما يدلل على الفشل الذي رافق نتنياهو خلال الحرب، وفقا لإيهاب جبارين.
وليس أدل على ذلك من صمود المفاوض الفلسطيني خلال مفاوضات تبادل الأسرى مع إسرائيل إذ لم يخضع للضغوط التي تمارس عليه، ويعود ذلك لامتلاكه القوة على الأرض وحاضنة شعبية ما زالت صامدة وداعمة للمقاومة وجبهات إسناد ترفع من وتيرة مواجهاتها لإسرائيل وفقا لمسار المعركة ومتطلباتها.
كما سعى السنوار لاستنهاض همم العرب والمسلمين خلال رسالته حيث تطرق إلى ما يعانيه أهل القطاع من "حرب إبادة جماعية وحصار وتجويع، وهو ما يتطلب من الأمة مساندتهم".
المصدر : الجزيرة