سياسيون لـ الاردن24: حكومة جعفر حسان بلا لون واستمرار لذات النهج ولن تدوم طويلا ..
مالك عبيدات - بعدما أدت حكومة الدكتور جعفر حسان اليمين الدستورية، صباح الأربعاء، فلقد انجلت الصورة واتضحت الرؤية .. التشكيل الوزاري ضم 31 وزيرا جلهم من الوزراء القدامى ، (14) وزيرا من حكومة الدكتور بشر الخصاونة التي غادرت بزفة شعبية وكسر جرار بالجملة ، و(8) وزراء من الحكومات التي سبقتها، بالإضافة إلى (9) وزراء جدد -ثلاثة نواب وأربعة أعيان وأمين عام وزارة -، أي أن التشكيل لم يكن من خارج دائرة المعارف والاصدقاء والمقربين والمجربين ..
وإذا ما نظرنا إلى رئيس الوزراء نفسه، فإننا نجد أنفسنا أمام رئيس لم يغب عن واجهة صنع القرار منذ نحو (20) عاما، فهو يُشرف ويتابع وربما يدير الملفّ الاقتصادي برمّته. والسؤال المطروح اليوم؛ ما الذي ننتظره من الرئيس وطاقمه المجرّب، ماذا في جراب الرئيس او في جعبته ، سيّما وأن غالبية الوزراء جاؤوا من حكومة أثبتت فشلها على مدار الأربع سنوات الماضية؟!
وإذا ما أخذنا الأداء الفردي لطاقم جعفر حسان، فإننا وباستثناء وزير الخارجية وشؤون المغتربين ووزير الاتصال الحكومي، لا نجد أن أحدا يمكنه أن يشكّل فارقا في الحكومة الحالية، سواء أكان الشخص وزيرا سابقا أو حتى عضو مجلس نواب.
الاردن24 تحدّثت إلى سياسيين وأكاديميين مخضرمين، وأجمعوا على أن التشكيل الحكومي جاء مخيبا للامال ولم يأتِ بجديد ، في حقبة مختلفة نواجه بها تحديات داخلية وخارجية ذات طبيعة صعبة واستثنائية .
السياسيون اكدوا إن استمرار ذات النهج سيضعنا امام حالة استعصاء سياسي خطيرة ، وسيفاقم من ازمتنا الاقتصادية التي بلغت ذروتها ولا مجال لمزيد من التجريب والارتهان وغياب الرؤى والبرامج .
سالم الفلاحات: حكومة بلا لون
السياسي البارز ، سالم الفلاحات، رأى أن الحكومة لم يتغير عليها شيء، و لم تعكس لونا محددا منسجما مع الحديث الرسمي عن التحديث السياسي، فبقيت الأسماء كما هي، وبما يوحي باستمرار سيادة النهج السابق.
وأضاف الفلاحات لـ الاردن24 أن الحكومة لم تضمّ خبراء من التكنوقراط، فيما بدا ملاحظا الحفاظ على وزراء من الحكومة السابقة، إلى جانب توزير آخرين على مبدأ "توزيع الجوائز".
وأكد الفلاحات على أن "لا جديد في هذه الحكومة، وطالما أن نهج التشكيل لم يتغير، فلا فائدة من الحديث عن التحديث السياسي".
لبيب قمحاوي: كنا امام فرصة ذهبية
الأكاديمي والكاتب السياسي، الدكتور لبيب قمحاوي قال أن المشكلة ليست مشكلة أسماء أو أشخاص، بل مشكلة في النهج السياسي، مضيفا: "هل هذه الحكومة تختلف في نهجها عن ما سابقاتها من الحكومات؟ الاجابة لا. وهل هذه الحكومة ستسعى لاستعادة الولاية العامة المفقودة؟ الاجابة لا. وهل هذه الحكومة تملك برنامجا سياسيا واقتصاديا وبرنامج عمل واضح يعالج الاختلالات القائمة منذ عقود في البلد وتم الاعلان عن مثل هذا البرنامج؟ الاجابة لا".
وأضاف قمحاوي لـ الاردن24 أن حصر التغيير بالأشخاص والأسماء أمر يبعث على الحزن، سيّما وأننا كنّا أمام فرصة ذهبية لإعادة ترتيب الوضع بالأردن في ظلّ وجود مجلس نواب منتخب وأكثر حيوية من سابقه.
ورأى قمحاوي أن الأمل الآن في اختيار شخصية قوية لقيادة مجلس النواب لنتمكن من القول إننا سنشهد تغييرا في نمط التفكير والنهج السائد، أما إذا جاء رئيس لمجلس النواب بالأسلوب التقليدي، فهذا يعني أن البلاد لن تشهد أي تغيير حقيقي.
وقال قمحاوي: "ما زلنا في وضع الأماني والتمنيات، ولسنا في وضع ينطلق من تغيير حقيقي تم الاعلان عنه والإشارة إليه بأننا سنكون قادرين على التغيير".
بسام بدارين: حكومة اعتيادية ضمن حسابات المحاصصة المألوفة
الكاتب السياسي ، الصحفي بسام بدارين، اكد إن تشكيلة حكومة جعفر حسان جاءت اعتيادية وضمن حسابات المحاصصة المألوفة، كما أنها ضمّت عددا كبيرا من الوزراء وزيادة في عدد "وزراء الدولة" التي تأتي عادة لاسترضاء بعض المكوّنات.
وأضاف بدارين لـ الاردن24 أن الوزراء من الحزبيين جاؤوا بدون أحزابهم، حيث تمّ سحب أمناء عامين لأحزاب سياسية ليكونوا وزراء، وهذا خطر على التجربة الحزبية ومخالف لمسار تحديث المنظومة السياسية.
وأشار بدارين إلى أن الطروحات التي عبّر عنها رئيس الوزراء الجديد طموحات كبيرة، وكان عليه أن يتواضع بالطموحات نظرا لكون جسم الحكومة كبير ولا يتناسب مع تلك الطروحات.
وطرح بدارين العديد من التساؤلات حول خطة الرئيس للتعاطي مع البرلمان الجديد رغم وجود وزير شؤون برلمانية يعرف كيفية التعامل مع النواب؟ وكيف سينسجم وزير الصناعة والتجارة مع وزير الدولة لشؤون رئاسة الوزراء وهما من مدرستين مختلفتين؟ ولماذا تمّ تعيين مختصّ بالاتصالات كوزير استثمار، بينما الشخص المختص بالاستثمار يقود وزارة تطوير القطاع العام؟ ثمّ لماذا تمّ تعيين وزير لتطوير القطاع العام في الوقت الذي يُفترض أن تكون الحكومة قد أغلقت هذا الملفّ تماما؟
ورأى بدارين أن التشكيل الوزاري لا يتسق مع الالتزامات المحددة في الوثائق المرتبطة بالتمكين الاقتصادي والاصلاح الاداري، كما أنها لم تُراعِ خطط دمج الوزارات وضبط النفقات، فجاءت الحكومة بتشكيل من الأوسع في التاريخ الحديث، متسائلا عن الداعي لوجود وزير دولة للشؤون الخارجية.
حسين الخزاعي: ثلاثة اخطاء واضحة.. وحكومة لن تستمر لعامين
أستاذ علم الاجتماعي، الدكتور حسين الخزاعي، رأى من جانبه أن التشكيل الوزاري لحكومة الدكتور جعفر حسان جاء مخيّبا للآمال ولا يلبّي طموحات الأردنيين، مبيّنا أن الرئيس ارتكب ثلاثة أخطاء واضحة في تشكيله الوزاري، بالإضافة إلى كونه بعث برسالة سلبية حول أداء الحكومة السابقة.
وقال الخزاعي لـ الاردن24: "إن كتاب التكليف السامي وما تضمّنه من ايكال مهمات بالحكومة الجديدة يعني أن هناك إخفاقا لدى الحكومة السابقة، ولكن عندما يعود (14) وزيرا من حكومة بشر الخصاونة، فهذه رسالة بأن الخلل كان في شخص رئيس الوزراء، وأن الخصاونة لم يكن ناجحا في ادارة الملفّات المختلفة، الأمر الذي يطرح تساؤلا حول سبب السماح ببقائه أربع سنوات قام خلالها بتوزير (58) شخصا"، مشددا على ضرورة أن يخرج الرئيس الجديد جعفر حسان إلى الرأي العام لإقناعه بأسباب ومبررات إعادة توزير (14) وزيرا من حكومة الخصاونة.
وأضاف الخزاعي أن كتاب التكليف السامي ركّز على أهمية الملفّين الاقتصادي والاجتماعي وضرورة تحقيق الاكتفاء الذاتي ووضع خطة طموحة لمعالجة معدلات الفقر، إذ أن (75) ألف أسرة أردنية دخلت إلى مظلّة صندوق المعونة الوطنية في عهد الخصاونة وصارت تطلب معونة من الدولة لتتمكن من العيش، مبيّنا أن (31%) من الأسر الاردنية أربابها متعطلون عن العمل، أي أن هناك نصف مليون أسرة بلا مصدر دخل، بالاضافة الى 235 ألف أسرة تتلقى المعونة من صندوق المعونة، وهذه مسؤولية كبيرة لن تتمكّن الحكومة الحالية من القيام بها.
وتوقّع الخزاعي أن لا تستمرّ الحكومة الحالية أكثر من عامين، سيّما وأنها ستكون مساءلة أمام مجلس نواب مسيّس ومتحمّس ولن يضحّي بقواعده الانتخابية، مشيرا إلى أن هذه الحكومة ستدخل في صراع وصدام مع مجلس النواب بشكل سيشغل البرلمان عن أداء أي مهمة أخرى.
أما أبرز الأخطاء التي وقع فيها الرئيس جعفر حسان، فهي توزير أمناء عامين أحزاب سياسية، وإعادة "تدوير الكراسي" من خلال إعادة توزير أشخاص من الحكومات السابقة ومن مجلسي النواب والأعيان، وتعيين رئيس سابق للسلطة التشريعية كوزير، متسائلا: "إذا كان الوزير السابق ناجحا في عمله، فلماذا جرى الاستغناء عنه سابقا؟".
ورأى الخزاعي أن "موقع الوزير أصبح تنفيعة أكثر من كونه موقعا يحتاج إلى شخص خبير ذو كفاءة عالية وقادر على تحقيق متطلبات عمله، وما جرى في هذه الحكومة هو إعادة تدوير الكراسي، ما يعطي انطباعا بأن هذه الحكومة لن تكون مختلفة عن سابقتها".
وشدد الخزاعي على ضرورة أن يخرج رئيس الوزراء إلى الرأي العام من أجل اقناعه -قبل إقناع مجلس النواب- بمبررات هذا التشكيل، خاصة وأن (68%) من المجتمع الأردني لم يشارك في انتخاب النواب، لكن هؤلاء الـ(68%) لهم رأي، والرئيس أعطاهم فرصة للانتقاد.
وختم الخزاعي حديثه بالقول: "إن المجتمع الأردني واعٍ جدا، وإذا كان المجتمع انشغل أسبوعا بـ "تنخيل رئيس الوزراء"، فإن الشعب سيتابع ويراقب بدقة أداء الوزراء الجدد، فالشعب واعٍ لكلّ ما يشهده الوطن".
الحوارات: التشكيل الوزاري بلا تغيير جوهري
الكاتب السياسي، الدكتور منذر الحورات، بين أن السلوك والنهج المتبع في تشكيل الحكومات لم يتغير، وأن ما جرى هو مجرّد تغيير أسماء وإعادة توزيع للحقائب الوزارية دون تغيير جوهري على الحكومة.
وأضاف الحوارات لـ الاردن24 أن التشكيل الوزاري لم يعكس التفاؤل الذي جرى الحديث عنه بعد الانتخابات النيابية.
وختم الحوارات حديثه بالقول: "كنا نتمنى أن ينعكس الانفتاح الذي ظهر بعد إعلان نتائج الانتخابات على التشكيل الحكومي، ويبدو أن مشاورات الرئيس مع الأحزاب السياسية اقتصرت على الحديث عن التشاركية ولم تكن مشاورات حقيقية"..