غضبة مضرية هاشمية والموقف الشعبي المطلوب
كلنا يعلم طبيعة الموقف الرسمي الاردني من القضية الفلسطينية،والقائم على مبدأ قرارات الشرعية الدولية بانسحاب قوات الاحتلال الصهيوني من اراضي الضفة الغربية،واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وعلى خطوط الرابع من حزيران عام 1967، هذا الموقف المنسجم مع مبادرة السلام العربية.
عملية التفاوض مع الكيان الصهيوني وصلت لتوقيع اتفاقية سلام مع بعض الدول العربية، وكانت اول اتفاقية مع جمهورية مصر العربية والمعروفة باتفاقية كامب ديفيد، تلاها الاردن ومنظمة التحرير الفلسطينية بتوقيع اتفاقية وادي عربة واتفاقية اوسلو، عدا عن توقيع دول عربية اخرى مع الكيان الصهيوني اتفاقيات وتبادل السفراء او فتح قنصليات دبلوماسية ، كل هذا وما كان يتم من جولات ومفاوضات لاجل وضع حل جذري للقضية الفلسطينية واقامة دولة مستقلة لم يجدي نفعا مع سلطات الاحتلال الصهيوني، حيث كان العدو الصهيوني يتهرب من تنفيذ الالتزامات المتفق عليها ويمارس التضليل بحجة الارهاب من خلال ما كان يجري بفلسطين المحتلة من مواجهات بين الفلسطينيين وجيش الاحتلال،هذه المواجهات كان سببها التضييق على الفلسطينين وعمليات الاعتقال والقتل من قبل جيش الاحتلال الصهيوني ، ولا ننسى عمليات تدنيس الاماكن المقدسة ومنع المصلين من الوصول اليها لتادية الصلوات بكثير من المناسبات ، بينما يتم السماح للمستوطنين المتطرفين وبحراسة قوات الامن الصهيوني بتدنيس الاماكن المقدسة ، وحدثت الكثير من المواجهات المسلحة بسبب هذه الممارسات ، الى ان جاء يوم السابع من تشرين الاول لعام 2023 ونتيجة الحصار المفروض على كامل قطاع غزة والذي خلق ظروف انسانية غير مقبولة لاهلنا بالقطاع،مما دفع المقاومة الفلسطينية للقيام بعملية عسكرية واجتياح الحدود والدخول للمستعمرات المقامة بالمناطق المحاذية لقطاع غزة واسر عدد من الصهاينة مدنيين وعسكريين ، هذه الحرب التي لا زالت مشتعلة منذ عام ولم تنجح اية مساعي لوقف اطلاق النار،وتم تدمير البنية التحتية لاغلب مدن القطاع ،وتشريد معظم سكان شمال غزة لمناطق بجنوب القطاع،ولا زال العالم يتفرج على المجازر وحرب الابادة الجماعية التي يمارسها العدو الصهيوني ،حيث تجاوز عدد الشهداء 41الف شهيد اما الجرحى والمصابين فقد فاق 95 الف واغلبهم من كبار السن والنساء والاطفال،لا نريدة التوسع بالحديث حول مجريات حرب الابادة بعد توسع نطاقها واشتعال الحرب بالجبهة اللبنانية، والعالم لا زال مشغولا بالتفاوض وطرح مبادرات لا تنفذ على ارض الواقع بسبب التعنت الصهيوني المدعوم من الغرب ، ولا ننسى الموقف الامريكي من خلال مجلس الامن واحباط اكثر من مشروع لوقف اطلاق النار من خلال حق النقض الفيتو.
بدات الجمعية العامة للامم المتحدة اجتماعها السنوي الشهر الحالي، ومن المعروف ان معظم الدول الاعضاء بالجمعية تحرص حضور هذا الاجتماع السنوي من خلال وفد رفيع المستوى، الاردن وبكل عام يحرص جلالة الملك حفظه الله ورعاه ان يتراس الوفد الاردني وسبق لولي العهد بدورة سابقة تراس الوفد الاردني، حرص جلالة الملك على الحضور يعود لتمتع جلالته بعلاقات دولية واسعة مع رؤوساء وحكام العالم،عدا عما يتمتع به جلالة الملك باستخدام خطاب قوي ومؤثر ،فالخطاب الملكي دائم الحضور وبقوة امام المنابر الدولية بما يتعلق بالقضايا العربية وقضيتها الام القضية الفلسطينية.
شاهدنا خطاب جلالة الملك على منبر الجمعية العامة للامم المتحدة والذي تطرق فيه حول صدقية الشرعية الدولية والية التعامل مع القرارات الصادرة عنها ،ودعوة جلالته للتعايش السلمي بين دول العالم،ومن خلال تطرقه للقضية الفلسطينية وما يجري بالمنطقة العربية من مواجهات وقتل ودمار ومجازر، كلنا شاهدنا ملامح وجه جلالته ومخارج كلماته القوية ولغة جسده واستخدام يديه ، خطاب يدل دلالة واضحة على غضبة ملكية هاشمية ، تحذر من القادم بحال استمرار التغاضي عن المجازر وحرب الابادة الجماعية التي يشنها العدو الصهيوني، وتاكيد جلالته بان ما يفكر به قادة الاحتلال الصهيوني لا يمكن فرضه والاردن ليس وطن بديل ، واذا ما ارادت اسرائيل العيش بسلام عليها الالتزام بتنفيذ القرارات الدولية، لا اريد ان اقتبس من خطاب جلالته القوي والمعبر عن ضمير الشعب فالخطاب منشور بوسائل الاعلام.
ما اريد قوله هنا ومن خلال طرح سؤال وهو ماذا علينا ان نفعل بعد هذا الخطاب؟ والذي اقل ما يمكن وصفه بانه غضبة هاشمية قوية بوجه العالم حيث تم تعرية المواقف الدولية التي تتعامل بانتقائية مع القضايا الدولية ولم تعد هناك ثقة بالشرعية الدولية، واود هنا ان اجيب هنا على سؤالي السابق حول المطلوب منا ان نفعله بعد خطاب جلالة الملك.
التغطية الاعلامية والنقل المباشر للخطاب والتفاعل معه ظهر من خلال وسائل اعلام كثيرة عدا ما تم تدواله من فقرات تلفزيونية وتسليط الكاميرا على ملامح وجه جلالته وحركة جسده ويده في تعبير قوي وصارم عن مدى الغضب لما وصل اليه الوضع بالمنطقة ،جلالة الملك عندما يخاطب العالم بهذه القوة النابعة من قوة الحق يعلم ان وراءه شعبه وقواته المسلحه ،ويستند لتاريخ طويل من التضحيات بالدفاع عن الاردن ،نقول وبالفم المليان لجلالة الملك ان ما قلته بالامم المتحدة يعبر عن ضمير احرار وشرفاء الاردن والوطن العربي ،ويتحتم علينا ان ان نكون متيقظين لما يحيكه العدو الصهيوني من مخططات تنفيذا لما يزعمه من نصوص توراتية زائفة.
خطاب جلالة الملك في مواجهة غطرسة الكيان الصهيوني وغياب للشرعية الدولية علينا ان نقف معه كالبنيان المرصوص مستعدين وجاهزين للتصدي لمخططات العدو الصهيوني بحال لا قدر الله ان حقق اهدافه بفلسطين فلا يوجد ما يمنع الصهاينة من البدء بتهجير اهلنا بفلسطين تجاه الاردن ،ولن يقف معنا لا دول عربية ولا غربية بذلك الوقت.
ونذكر ما قاله الشاعر بشار ابن برد حيث قال :-
ا ما غضبنا غضبة ً مضرية ً*** هَتَكْنَا حِجَابَ الشَّمْسِ أوْ أمطرت دما
إذا ما أعرنا سيداً من قبيلة ٍ** ذُرَى مِنْبَرٍ صَلَّى علَينا وسَلَّما
وإنا لقومٌ ما تزالُ جيادنا * تساورُ ملكاً أو تناهبُ مغنما
خلقنا سماءً فوقنا بنجومها ** سيوفا ونقعا يقبض الطرفَ أقتما
ولا ننسى ما قاله المغفور له باذن الله الملك حسين رحمه الله، القدس قدسنا وستبقى لنا ولن نفرط بذرة من ترابها الطهور ، وما قاله الحسين رحمه الله عن القدس نقوله ايضا عن فلسطين فلن نفرط بذرة من ترابها الطهور وباذن الله ستعود فلسطين حرة عربية ولو كره الخونة والعملاء والمرتدين واحفاد ابن العلقمي.