أطفال غزة البحث عن الأمل
سمية طفلة غزية كانت تحلم بطفولة سعيدة آمنة، ومستقبل باهر تحقق فيه كل ما تصبو إليه، لكن وبعد السابع من أكتوبر تحولت حياتها وحياة العديد من الأطفال إلى كابوس لا ينتهي من المعاناة والألم، فقد استهدف منزل أهلها، فأصيبت بشظية فقدت يدها بالكامل، نقلت إلى المشفى بحالة صعبة، أنقذت حياتها لكن معاناتها لم تنته، آلام حادة في موضع بتر يدها ينغص عليها حياتها، فلا يوجد مسكنات تسكن آلامها الشديدة، لأن الاحتلال يمنع دخول أي شاحنات مساعدات طبية لغزة منذ احتلال معبر رفح، ومعاناتها للأسف مازالت مستمرة، وتحتاج إلى يد العون لمساعدتها على السفر إلى الخارج وتركيب طرف اصطناعي، لتكمل حياتها وتعيش كباقي أطفال العالم، لعلها تنسى وحشية الاحتلال وخذلان المجتمع الدولي لها ولغيرها من الأطفال في غزة.
وقصة الطفلة هند التي لم تتجاوز السادسة من عمرها، اغتال أحد قناصي الاحتلال أقاربها أثناء نزوحهم، ومكثت اثنى عشر يوماً تبعث بنداءات استغاثة، لم يستطع أحد في كل هذا العالم أن ينقذ طفلة يحاصرها جنود مدججون بالسلاح لا يعرفون معنى الرحمة، بقيت اثني عشرة يوماً بنهارها وليلها وساعاتها ودقائقها، في المركبة التي كانت بداخلها مع أقاربها، والتي استهدفها الاحتلال وقتل كل من فيها إلا هي، لتعيش لحظات خوف لا يمكن لطفلة صغيرة أن تتحملها، شاهدت بأم عينها استشهاد كل من كان معها، ظلت وحيدة، والموت يحوم حولها يحاصرها في كل مكان، تناشد الضمائر الحية لعلها تستجيب لها وتنقذها! بطفولتها البريئة تصورت أن الجميع سيهب لإنقاذها، بيد أن المجتمع الدولي خذلها، فقضت كما من كان معها في المركبة.
أما حنين التي نجت من الموت بأعجوبة، أصيبت إصابة حادة في بطنها، وأجريت لها عملية جراحية عاجلة، وحالها كحال سمية تحتاج إلى السفر خارج القطاع لاستكمال علاجها، وعمليات جراحية وأخرى تجميلية لبطنها وسرتها. ومع تشديد قوات الاحتلال إجراءات دخول شاحنات المساعدات، وحصارها المشدد على القطاع، وإغلاق كافة المعابر ورفض أي نداءات إنسانية لإدخال المساعدات الطبية، لإنقاذ أرواح الأبرياء من الأطفال والنساء والمدنيين الذين أصيبوا في حرب الاحتلال على قطاع غزة، يظل الوضع يزداد قتامة و سوءاً.
لقد كبر أطفال غزة قبل أوانهم، فحملوا المسؤولية باكراً، فتراهم يحملون زجاجات المياه الفارغة، ويقفون على طوابير لتعبئة المياه، وآخرون يبيعون ما تيسر في الطرقات لتأمين احتياجات اهلهم، تعاظم حمل المسؤولية على ظهورهم الغضة، خاصة أولئك الذين فقدوا معيلهم أو والديهم، و صار في رقابهم أمانة رعاية إخوتهم الصغار، ومعاناة أخرى يذوق طعمها الأطفال، يحملون القدور والأوعية منذ الصباح، يقفون ينتظرون دورهم للحصول على حصتهم من الطعام، قليل من الحساء أو بعض من أرز وقليل من اللحم لا تسد جوعهم وجوع أسرهم.
الحرب على غزة آثارها مدمرة وقاسية، وشديدة الوطأة على الكبار فكيف بالصغار ذوي القلوب اليانعة.
للأسف لا يلوح في الأفق حل، يزداد الوضع سوءاً يوماً بعد يوم، على الأطفال وخاصة أولئك الذين يعانون من الإصابات الحرجة أو الحروق الخطيرة، والتي أدت إلى أحيان كثيرة بتر بعض أطرافهم، و أيضا أولئك الذين يحتاجون إلى إجراء عمليات جراحية عاجلة حفاظاً على حياتهم.
حرب الاحتلال على غزة، انعكس بشكل عنيف ومروع على حياة الأطفال الجسدية والنفسية، وضرورة وقفها من الأهمية بمكان لإنقاذ الطفولة في غزة.