ليس رثاء لـ"نصر الله"، ولكن تحية لروحه الصادقة
من الطبيعي أن يكون لخبر اغتيال السيد حسن نصر الله وقع الصدمة، فهو سيّد المقاومة الذي لا يختلف إثنان على ريادته وقيادته وأصالته، ولكنّ من الطبيعي أيضاً أن نكون حضّرنا أنفسنا لمثل ذلك الخبر المشؤوم.
عاش الرجل، منذ عشرات السنوات، تحت الأرض، فهو الهدف الأوّل المطلوب، ومن هناك كان يقود ويؤثّر، والمعروف أنّه مُصدّق من أعدائه قبل رفاقه، وإذا كانت إسرائيل تحتفل فهذا من أبسط حقوقها، وإذا كان الحزن والبكاء في العالم الحرّ يسود، فهذا أقلّ تعبير عن فقدانه الصعب.
صحّ منه العزم ولكنّ الدهر أبى، وراح ضحيّة كغيره من مئات القادة، ومئات آلاف الشهداء، ولو لم تأت تلك الجريمة قبل أيام، فكانت ستأتي محتومة بعدها، لأنّ آلة القتل والدمار لن تتركه، وقدّر الله وما شاء فعل مع نصر الله.
والرجل كان يمهّد في كلّ خطاباته لتلك اللحظة، حيث الاعلان عن استشهاده، وهو الذي شاهد ولده البكر يغيب عنه ضحية غارة، وهو الذي شهد سلّم رفاقه يذهبون إلى رحمة الله، ودون رحمة من العدو.
قصّة حسن نصر الله ليست لبنانية، ولا فلسطينية، ولا عربية، ولا إسلامية، بل هي إنسانية مؤكدة، تجمع كلّ عناصر رجل قدّم عمره من أجل الحرية والتحرير ورفع الرأس، ولست أكتب هنا رثاء له بل أسجّل أنّه سيظلّ حيّاً في ضمير الناس، وبالضرورة في بأس جماعته ودائرته الصغيرة "حزب الله"، وأبعد أبعد أبعد من ذلك، وللحديث بقية!