حماس لو امتلكت سلاح حزب الله والجغرافيا المفتوحة
في ظل مرور عام على الصراع المستمر بين حماس و المنظومة الصهيوغربية، نجد أنفسنا أمام حقيقة واضحة: رغم القوة العسكرية والاستخباراتية اللامحدودة الهائلة التي حشدها العالم لدعم حليفتهم إسرائيل، لم تنجح هذه المنظومة في تحقيق أهدافها الاستراتيجية و ذلك باعتراف الكيان نفسه. حماس اليوم و بعد حرب ضارية ما زالت تحتفظ بصلابة بنيتها التنظيمية و قدراتها العسكرية والامنية، رغم الحصار الخانق المفروض عليها لأكثر من 17 عامًا، والذي كان يهدف إلى إضعاف قدراتها وعرقلة تقدمها.
في هذا السياق، يظهر فشل المنظومة الغربية في إخضاع حماس، ويعزز من مكانة الحركة كلاعب رئيسي في الصراع الإقليمي، ويوضح كيف أنها استطاعت بناء منظومة دفاعية وهجومية فعالة، على الرغم من القيود المفروضة على القطاع والانقطاع الدائم عن المصادر الخارجية. ويعكس مدى قدرة الحركة على الصمود والمقاومة في وجه آلة الحرب الإسرائيلية المدعومة بموارد هائلة وتقنيات متطورة.
بالمقابل شهدنا تراجعًا سريعًا و خاطفا في القدرات الأمنية لحزب الله وذلك خلال المرحلة الاولى فقط من دخول المواجهة تصاعدا عسكريا بدأ باختراقات خطيرة في المنظومة الأمنية للحزب,و اغتيالات طالت كبار قادته وفي صفوفه الأولى, ووصولا إلى عدم تمكنه من الحفاظ على توازن الردع التقليدي بعد الهجوم الواسع الذي شنه الجيش الإسرائيلي على بنيته التحتية العسكرية والأمنية في فترة زمنية قصيرة. هذه المعطيات تدفعنا للتفكير فيما لو كانت حماس بما تميزت به من قدرات تكتيكية و امنية فاقت قدرة الحزب من تمتلك تلك القدرات الصاروخية و التقنيات الدقيقة والجغرافيا الواسعة و المفتوحة التي يتمتع بها حزب الله، وما تأثير ذلك على مسار هذا الصراع.
سيناريو مختلف تمامًا
في ظل الثبات العسكري والأمني الذي استطاعت حركة المقاومة الاسلامية المحافظة عليه طوال الاثنا عشر شهرا الفائتة, وقدرتها "تكتيكيا"على كسر جميع معادلات فرض امتلاك الارض والحكم العسكري للقطاع الذي لطالما كان يحلم به عتاولة اليمين الإسرائيلي,وقدرتها على تحصين المعلومة من الاختراق,ماذا لو امتلكت حماس القدرات اللوجستية التي يمتلكها حزب الله، والتي تشمل آلاف الصواريخ الدقيقة بعيدة المدى والتقنيات المتطورة في التصنيع العسكري، ماذا لو امتلكت حماس ترف الجغرافيا المفتوحة والامتداد الجيوسياسي على الحدود الشمالية للأراضي المحتلة.
الحصار المفروض على غزة منذ 17 عامًا كان يمثل في المرحلة الماضية واحدة من أكبر العوائق التي حدت من قدرة حماس على التوسع الاقتصادي و بالتالي العسكري و امتلاك القدرة و المبادرة ، بدءًا من تدفق المواد الأساسية للتصنيع وصولاً إلى الأسلحة والتقنيات والانظمة التي تمتلكها اليوم ترسانة حزب الله و بكميات تجعل من حزب الله اكبر حركة مقاومة في المنطقة.
فك القيود وتوسيع نطاق العمليات
لو لم تعاني حماس من الحصار الذي ضرب عمق تطوير الحركة لمنظومتها الصاروخية والعسكرية "تقنيا" ولسنوات عديدة، ولو كان لديها حدودا مفتوحة مع دول داعمة مثل إيران وسوريا، لكانت قدرتها على تطوير تقنياتها العسكرية وتوسيع نفوذها قد وصلت إلى مستويات غير مسبوقة وغير مقيدة, كان سيتيح لها بناء مصانع صواريخ متطورة، وتطوير أنظمة دفاع جوي، والحصول على أسلحة دقيقة بعيدة المدى اضافة ما تمتلكه الحركة من توازنات داخلية و تحصينات امنية لقادتها و و تحركاتها العسكرية و كانت ستكون قادرة على قلب موازين القوى مع العدو في وقت قياسي .
لو امتلكت حماس ترسانة حزب الله والجغرافيا المفتوحة، لكان العدو الصهيوني اليوم أمام حالة ردع استراتيجي طويل الأمد ,وستصبح قوة لا يمكن تجاهلها في المنطقة،و لكانت هذه العوامل ستؤدي الى تفتيت عوامل اخرى يعتمد عليها الكيان لكسب وقت اكبر على مستوى عمر الصراع و طريقة ادارته, إضافة الى أن الجبهة الداخلية للعدو كانت ستتعرض لضغوط هائلة، حيث سيواجه الداخل تهديدًا مستمرًا من الصواريخ بعيدة المدى التي تستهدف المستوطنات و المدن والمرافق الحيوية.
هذا السيناريو كان سيغير قواعد اللعبة في المنطقة؛ فبدلاً من الحصار المفروض على القطاع والتضييق المستمر على حماس، لكان العدو الإسرائيلي سيضطر إلى التكيف مع واقع جديد، وربما أكثر تهديدًا بسبب قربها الجغرافي من العمق الإسرائيلي.
الانعكاسات الإقليمية والدولية
هذا التغير في ميزان القوى كان سيؤثر بشكل كبير على مخرجات صراع ما بعد السابع من أكتوبر. الدول المحيطة بالعدو الإسرائيلي كانت ستعيد حساباتها، دول المنطقة بأكملها كانت ستجد نفسها أمام حركة مقاومة شرسة و طويلة الذراع و التأثير ، مما قد يدفعها لإعادة النظر في استراتيجياتها الأمنية.
على المستوى الدولي، كانت الولايات المتحدة والدول الأوروبية ستواجه تحديات أكبر في إدارة الصراع، حيث كان الضغط على إسرائيل سيتزايد للتوصل إلى حلول سياسية بدلًا من الحلول العسكرية. الأطراف الدولية ربما كانت ستسعى لوساطة جديدة لتهدئة الوضع، مع ضمان حماية المصالح الإسرائيلية والفلسطينية على حد سواء.
صراع أكبر وتوازنات جديدة
لو امتلكت حماس اليوم قدرات حزب الله وجغرافيا مفتوحة بلا حصار، كان الصراع مع العدو سيأخذ أبعادًا جديدة تمامًا. إسرائيل كانت ستواجه تهديدًا مزدوجًا ، مما سيقلب الموازين تماما ,لو تحقق هذا السيناريو الافتراضي لم يكن جيش العدو الاسرائيلي قادرًا على تحقيق هذا الدمار كما هو الحال اليوم، وكان هذا الصراع سيأخذ منحى أكثر تطرفًا مع امتداد نطاق العمليات وتزايد الضغوط الداخلية والخارجية. كما ان القدرة على الردع وتوجيه الضربات الدقيقة كانت ستصبح عاملًا أساسيًا في إعادة تشكيل خارطة الصراع الإقليمي، مع بروز حماس كلاعب رئيسي في الساحة الفلسطينية والإقليمية في ظل قدرات حماس النوعية و التكتيكية وكيفية ادارة الصراع .