الدعايّة الحربيّة الصهيونية .. والعرب اذ يقعون في الفخ !




من وجهة نظر اتصاليّة/ دعائيّة، ما هو المغزى من نشر إعلام الكيان تقريراً مفاده أنّ مقاتلي "حزب الله" قد كانوا ينتوون اختطاف جثّة أحد الجنود الصهاينة الذين قُتلوا في كمين في جنوب لبنان، لكنّ قوّاتهم قد أحبطت هذا المحاولة تحت إطلاق كثيف للنار!

العدو يتكتّم عموماً على خسائره وتفاصيلها، فلماذا ينشر مثل هذا التقرير بمثل هذه الصياغة؟

الهدف هو تحويل الفشل إلى نجاح!

من حيث الأساس، وقوع الجنود الصهاينة في كمين ومصرعهم هو نجاح كبير لمقاتلي "حزب الله" خاصةً بعد الهزّات العنيفة التي تعرّض لها الحزب مؤخّراً.. وفشل ذريع لقوّات الكيان، خاصة بعد "الجعجعة" الكبيرة التي سبقت شروع الكيان بعمليّاته البريّة في الجنوب اللبنانيّ!

أنباء هذه الواقعة خرجت إلى الملأ وصارت معروفة للجميع لذا لا مجال لإخفائها والتكتم عليها.

ما هو الحلّ إذن من باب تخفيف الأثر أو (أو التربل شوتنج)؟ نشر هذا التقرير عن محاولة اختطاف الجثة!

صياغة الخبر وطريقة عرضه وتقديمه تريد أن توحي إليك بأنّ "حزب الله" قد "فشل" في اختطاف الجثة، وكأنّ اختطاف الجثّة هو الغاية وقد تمّ احباطها.. وفي المقابل فإنّ قوات العدو "البطلة" قد "نجحت" في إنقاذ جثّة الجندي "البطل" من براثن "الأشرار"!

وحيثيّة أنّ كلّ هذا قد تمّ "تحت إطلاق كثيف للنار" هي من أجل تعظيم قيمة وبطولة النجاح الصهيونيّ في إنقاذ الجثّة، وترسيخ انطباع ضمنيّ بعدم كفاءة مقاتلي حزب الله (كل هالطخ وما قدروا يصيبونا)، وأيضاً كي يستحضر المتلقّي في ذهنه بطريقة لا واعية كلّ الصور التي اختزنها مخياله من الأفلام الهوليوديّية للجنود الأمريكيّين "الأبطال" وهم يُنجزون مهامهم وبطولاتهم تحت الرصاص.. ويُسقطها على الجنود الصهاينة!

كما أنّ مثل هذا الخبر بصياغته يوجّه رسالة ضمنيّة ـ كاذبة ـ للجبهة الداخليّة بأنّنا لا نفرّط حتى بجثة من جثث أبنائكم، فهل سنفرّط بكم؟! أو نفرّط بأبنائكم الأسرى في غزّة؟! وذلك للتمويه على حقيقة أنّ ماكينة الحرب الصهيونيّة لا تأبه بالبشر عموماً، لا "الإسرائيليّين" ولا غير الإسرائيليّين، لا المقاتلين ولا غير المقاتلين (نحن نتحدث عن كيان يطبّق قانوناً مثل قانون هنيبال أو هنيبعل)!

وللأسف، إعلامنا العربيّ حتى ذلك الذي يعتبر نفسه مقاوماً أو مناصراً للمقاومة، يتلقّف مثل هذه التغطيات، وينشرها على عواهلها ظنّاً منه أنّه بذلك يحقّق سبقاً أو يواكب الحدث، دون وعي بوقع ومفاعيل مثل هذه التغطيات والصياغات على وجدان المتلقّي!

ملاحظة: حتى تسمية "قانون هنيبال" المشار إليه أعلاه لا يخلوا من تضمينات خبيثة؛ فمن ناحية استخدام الاسم قد يخلق انطباعاً لدى الكثيرين، خاصة اليافعين الذين لا يملكون معلومات وخلفية تاريخيّة، أنّ هذا البطل التاريخي "هانيبال" هو أحد أبطال بني صهيون. ومن ناحية أخرى نكايةً بالرومان الذين نكّل بهم "هانيبال" وأوشك أن يغزوهم في عقر دارهم "روما"، باعتبار أنّ الرومان قد سبق لهم وأن أدّبوا اليهود أيام سيدنا عيسى عليه السلام.