الزعبي والرأي وعشرات التساؤلات.. نقابة الصحفيين خارج التغطية!


كتب محرر الشؤون المحلية - أسقطت قضية فصل الزميل أحمد حسن الزعبي من عمله بصحيفة الرأي، هذا القرار المعيب ، آخر ورقة تغطي سوءة الإعلام الأردني، وكشفت الحالة المتردية التي وصل اليها الواقع الصحفي، في ظل نقابة فقدت هيبتها، وتنازلت عن ادوارها ومهامها ومسؤولياتها .

لقد دخل الإعلام الأردني الذي فقد بوصلته، وهويته، وأصبح كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء، في حلقة مفرغة، بعد أن قلمت اظافره، وكممت أفواهه، وألجمت خيوله عن المضي قدمًا في واجبه الوطني المقدس، وهرّب نصابه الشعبي الوطني إلى عوالم التواصل الموجهة عبر المحيطات، وأصبح الرأي العام المحلي، يشكله مارك، وماسك، وأدوات الإعلام التي تخدم الخارج على حساب الداخل!

نقابة الصحفيين التي كان يتغنى بها الصحفيون في أزمنة غابرة، أصبحت بلا لون ولا طعم ولا موقف، وتحولت إلى اطار نقابي أجوف، بعد أن رأينا كيف تابعت قضية الزميل احمد حسن الزعبي على سبيل المثال لا الحصر، وكأنه لا علاقة لها بكل أسف، بعدما أقدمت صحيفة الرأي العتيدة على قطع أرزاق أولاد وعائلة الزميل المسجون في "ام اللولو" الذين تمت معاقبتهم أيضًا مع رب أسرتهم، ولم نسمع للنقابة همسًا ولا ركزا!

الله أكبر.. لو كان الزعبي الذي أمضى سني عمره، وزهرة شبابه وهو يكدح في العمل الصحفي عضوا في جمعية خيرية لرأينا منها موقفًا مساندًا شجاعًا أكثر من موقف نقابة تضم مئات المثقفين والمفكرين والنخب الإعلامية التي  لم تتكبد عناء  مجرد اصدار بيان يدين فصل الزميل الزعبي من صحيفته!

والسؤال الذي نطرحه بلسان الهيئة العامة للنقابة : ما جدوى وجود النقابة لمنتسبيها الصحفيين اليوم بعد أن فقدت آخر مواطن هيبتها، ومقومات وجودها، كإطار صحافي جامع، مهمته الدفاع عن مصالح منتسبيه والذود عن امنهم الوظيفي على الاقل ؟ 

ولكي نضع الأمور في نصابها ، فإن حالة البؤس التي تمر بها نقابة الصحفيين بنسختها الحالية، غير مسبوقة في تاريخ النقابات الأردنية منذ أسست، ويطرح سلسلة طويلة من الاسئلة التي تبحث عن إجابات أمام هيئتها العامة: 

لماذا تغيب النقابة عن القضايا التي تتطلب موقفًا حازمًا سيما مع الزملاء المعرضين للتوقيف أو الحبس أو دفع غرامة، وتتركهم يواجهون مصيرهم وحدهم؟

لماذا فشلت نقابة الصحفيين في رفع سوية العاملين في المهنة، مثلما فشلت بتأمين إيرادات لخزينتها تنعكس على أوضاع الزملاء المعيشية الذين يرزح سوادهم الاعظم تحت ظل ظروف مادية صعبة؟

ولماذا يا ترى فشل مجلس النقابة المبجل في التأثير على تعديل التشريعات المقيدة للحريات الصحفية التي نحتكم لها اليوم، بل تم دعمها وتأييدها من قبل البعض بكل أسف.

أين دور مجلس النقابة بالوقوف في وجه التغول الحكومي على وسائل الإعلام، ولماذا لم ترتق إلى مصاف نظيراتها من النقابات المهنية الأخرى في اتخاذ مواقف سياسية وطنية من مختلف القضايا الوطنية والقومية وعلى رأسها المجازر التي تعرض لها عشرات الزملاء الصحفيين الفلسطينيين في غزة والضفة الفلسطينية المحتلة، ولم تتجرأ على اتخاذ مواقف ترتقي للموقف الرسمي الأردني المشرف من ومع أهلنا الصابرين في قطاع غزة؟

ولماذا ولماذا.. فشلت النقابة في حل مشكلة صندوق التقاعد، وحلته بدلا من إيجاد حلول له، وكذلك صندوق التأمين الصحي الذي يحتاج إلى تدخل طبي عاجل كل فترة وأخرى لعلاج مشاكله العصيّة المتواترة؟

ولماذا لم تعقد النقابة طيلة سنوات خلت، اجتماعًا واحدًا فقط مع أعضاء الهيئة العامة، ولو من باب التشاور والتباحث والمجاملة؟ وانشغلت بدلا من ذلك بتحريك دعاو جبائية على وسائل إعلام مداخيلها لا تكفي سداد رواتب صحفييها؟

وفي خضم هذا المشهد النقابي المثقل بالاحباط، والمشبع بالتشاؤم، ربما لم يعد للجسم الصحفي الذي خاب ظنه كثيرا بنقابته، من مطالب ترتجى بتحقيق اليسير من طموحهم، بعد أن يئست النفوس، وخابت الآمال، حتى يقضي الله في نقابة الصحفيين التي نبكي حالها، أمرًا كان مفعولا.