نظمي السعيد.. الإرث الوطني والرياضي والثقافي


كتب حسان التميمي - 

الإرث الحقيقي يُقاس بالتأثير الذي يتركه الإنسان خلفه، ونظمي السعيد لم يكن مجرد مؤسس للصحافة الرياضية المهنية في الأردن، بل شكّل حياة الكثيرين بحكمته وتواضعه، وإرثه لا يزال حاضرًا، وإرشاداته ما زالت تُلهمنا بقيمة الخلق الحسن والمهنية العالية.

في الذكرى السادسة والعشرين لرحيل أبو السعيد، نستذكر تلك الشخصية الوطنية الرائدة في مجال الصحافة الرياضية، فعلى الرغم أن لقاءي الأول بالعم أبو السعيد كان دافئا ومع ذلك لم يكن كافيًا لاكتشاف عظمته، ومع كل لقاء لاحق كان يضيف لي شيئًا جديدًا وبفضل حكمته وكلماته البسيطة، رفع معنويات كل من حوله، مما جعله شخصية استثنائية.

عرف أبو السعيد كأحد أعمدة الإعلام الرياضي في الأردن، وأول من قدم البرامج الرياضية الأسبوعية منذ الستينيات، كما أسس اتحاد الإعلام الرياضي الأردني وترأسه، لكنه قبل ذلك كان بوصلة وطنية، لا تحيد عن الحق، ورغم ذلك أحبّه الجميع حتى من اختلف معه، لدماثة أخلاقه وكرم نفسه.

أذكر أول مرة قررت فيها زيارته في صحيفة "الرأي"، بعد أن شجعني والدي، الذي قال لي: "إذا كان هو نفسه الشركسي النبيل الذي أعرفه، فستجد شخصًا مختلفًا عن أي مسؤول"، وعندما بدأت العمل في القسم الرياضي بجريدة "العرب اليوم"، كان العم أبو السعيد دائمًا مشجعًا وداعمًا، فقد كان يعكس شخصية عاشت العطاء في كل تفاصيل حياتها.

مسيرة أبو السعيد امتدت لعقود، وكان فيها مثالًا للالتزام والمهنية، إذ لم يتردد يومًا في قول الحقيقة، رغم ما قد يجلبه ذلك من انتقادات، لكنه كان يعرف كيف يحافظ على كرامة الآخرين، غير أن هذا المزيج من الصدق والاحترام أكسبه تقدير الجميع.

لم يكن السعيد مجرد إعلامي، بل كان رياضيًا في روحه وفكره، وكانت إسهاماته في الرياضة الأردنية لا تُقدر بثمن، فهو من الجيل الذي وضع الأسس للثقافة الرياضية التي نفتخر بها اليوم، وإرثه لا يظهر فقط في المناصب التي شغلها أو الأفكار التي دافع عنها، بل في حياة من أرشدهم وألهمهم.

شخصية نظمي السعيد ليست مجرد صفحة في تاريخ الرياضة الأردنية، بل هي نموذج يجب أن يُحتذى به، ومن من المهم تدريس سيرته للأجيال القادمة في المدارس والجامعات، لأنها تمثل قدوة حقيقية في الإخلاص والعمل الجاد لان العظمة الحقيقية، كما علمنا العم أبو السعيد، لا تقاس بالمناصب، بل بالتأثير الإيجابي الذي يتركه الإنسان في مجتمعه.

تعريف الأجيال الجديدة بإرث نظمي السعيد سيؤسس لثقافة جديدة تحتفي بالقدوات الوطنية، ويشجع الشباب على السير على خطاه، والعمل بجد وإخلاص من أجل رفعة الوطن.