لماذا نكتئب ليلا؟
تطلق عقولنا سيلا من المشاعر السلبية تحت جنح الظلام، مما يجعل النوم صعبا. ويشير الناس إلى هذه المشاعر السلبية على وسائل التواصل وأماكن أخرى باسم "الاكتئاب الليلي". ولكن هل هذا حقيقي؟ وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا يصاب بعض الناس بالحزن ليلا؟
ووفقا لخبراء فإن الشعور بالاكتئاب في الليل لا يعني بالضرورة أنك تعاني من حالة مرضية مرتبطة بالصحة عقلية، وأن فهم سبب حدوث ذلك يمكن أن يساعدك في اتخاذ خطوات للشعور بالتحسن.
ما الاكتئاب الليلي؟
يعبر الاكتئاب الليلي -وهو مصطلح عامي وليس تشخيص مرض- عن الأعراض الاكتئابية التي تظهر أو تتفاقم في وقت متأخر من الليل. وفي حين أن القلق يمكن أن يتصاعد أيضا في الليل، ويميل إلى جعل الناس يشعرون بالانزعاج والتوتر، فإن الاكتئاب الليلي يمكن وصفه بأنه مزاج منخفض، وهذا وفقا لتقرير للكاتبة كريستينا كارون في صحيفة نيويورك تايمز.
ونقل التقرير عن الدكتورة تيريزا ميسكيمن ريفيرا أستاذة الطب النفسي السريري في جامعة روتجرز بالولايات المتحدة ورئيسة جمعية الطب النفسي، قولها "إنه شعور بالحزن أو ذلك الشعور: لا يوجد فرح. حياتي مملة للغاية".
ويمكن أن يتجاوز الاكتئاب الليلي إلى الصحة الجسدية خاصة إذا كانت هذه المشاعر تحول دون الحصول على قسط كاف من النوم.
لماذا يؤثر الليل على مزاجك؟
هناك العديد من العوامل التي يمكن أن تفسد مزاجك في وقت متأخر من الليل، بما في ذلك الأرق، والشعور بالوحدة. وقد تلعب إيقاعات الساعة البيولوجية دورا أيضا.
والساعة البيولوجية هي ما يساعد في التحكم في وقت شعورنا باليقظة في الصباح، والجوع في أوقات الوجبات والنعاس في الليل. كما أنها تساعد في تنظيم العمليات المهمة مثل درجة حرارة الجسم، ومستويات الهرمونات. وتتحكم الإيقاعات اليومية بداية "ليلتك البيولوجية" وتخبر الغدة الصنوبرية بإنتاج هرمون الميلاتونين الذي يساعد في تحفيز النوم. وإذا لم تكن ساعة جسمك متوافقة مع دورة النوم والاستيقاظ، فقد يكون لها آثار سلبية على الحالة المزاجية.
ويمكن أن يكون الاكتئاب الليلي أحد أعراض الاكتئاب المرضي، إلا أن الأبحاث تشير إلى أن معظم الأشخاص، بما في ذلك الذين لا يعانون من اضطرابات المزاج، سيشعرون بالسوء نتيجة للبقاء مستيقظين حتى وقت متأخر أو الاستيقاظ مبكرا جدا.
وقامت إحدى الدراسات -التي أجريت على 21 بالغا سليما- بقياس المشاعر الإيجابية والسلبية على فترات مدتها 4 ساعات، ووجدت أن المشاعر السلبية بلغت ذروتها حوالي الساعة 3 صباحا.
ماذا يمكنك أن تفعل لتشعر بالتحسن ليلا؟
لتجنب أعراض الاكتئاب في الليل، ابدأ بأساسيات النوم الجيدة. فقد أوصت الدكتورة سارة إل شيلابا الأستاذة المساعدة في جامعة ساوثهامبتون بالولايات المتحدة -والتي درست العلاقة بين الإيقاعات اليومية والمزاج- بتحديد أوقات نوم واستيقاظ ثابتة، وتجنب القيلولة نهارا ووضع الأجهزة الإلكترونية قبل ساعة على الأقل من موعد النوم بعيدا، والحفاظ على غرفة النوم بدرجة حرارة مريحة.
وتحول بعض الأشياء دون الحصول على قسط جيد من الراحة ليلا، مثل شرب القهوة أو تناول وجبة ثقيلة قبل النوم، مما قد يؤدي إلى أعراض الاكتئاب. كما أن التفكير في المشكلات ليلا قد يجعلك تكتئب، عادة ما يكون هناك القليل جدا مما يمكن فعله حيال هذه المشكلات الساعة 2 صباحا. وقد نصحت الدكتورة ريفيرا بالحفاظ على قلم وورقة بجانب السرير لتدوين أي أفكار ثم إلقاء نظرة جديدة عليها خلال النهار، وهو ما يتيح لك معالجة مخاوفك لاحقا.
وإذا وجدت أن مزاجك السيئ لا يتحسن خلال أسابيع، فمن المهم استشارة الطبيب، وإذا أصبحت مشاعرك ليلا شديدة وتشمل الخوف والاندفاع أو الأفكار السيئة، فمن الضروري طلب الرعاية الصحية بسرعة.
المصدر : نيويورك تايمز