حرية التعبير بين القانون والإنسانية: قضية احمد حسن الزعبي
في لحظة تاريخية فارقة، حيث تلتقي القوانين الصارمة مع الروح الإنسانية، نقف مرة اخرى أمام قضية الكاتب الوطني الأردني أحمد حسن الزعبي بقلوب مفعمة بالحزن والأسى. هذا الكاتب، الذي لم يكن مجرد ناقدا للحكومة، بل كان صوتًا حرًا يجسد نبض الشعب الأردني، دفع ثمنًا باهظًا لموقفه الجريء بالدفاع عن قضايا وطنية تلامس حياة كل مواطن أردني. مرضه الشديد داخل السجن يجعلنا نتساءل: أين هي الإنسانية في هذا الوضع؟ أين هو الإرث الاردني من التسامح والرحمة الذي عرفناه على مر العقود؟
أحمد حسن الزعبي لم يكن صوتًا عابرًا، بل كان مرآة تعكس هموم الشعب واماله و وتطلعاته، هو رجل جسّد حرية التعبير في أرقى صورها، تلك الحرية التي كفلها دستور الأردن، الذي نفخر به جميعًا. لكنها اليوم، تبدو وكأنها تخضع لاختبار قاسٍ. فالزعبي يمثل قضية أكبر من مجرد شخص، إنه رمز لصراع مستمر بين القانون الجامد وحق الإنسان في أن يقول ما يؤمن به دون خوف من السجن أو القمع.
إن حرية التعبير ليست مجرد حق قانوني، بل هي روح الديمقراطية، وهي الجسر الذي يعبر منه الوطن نحو مستقبل أكثر إشراقًا وعدالة. الزعبي، طوال مسيرته، لم يكن سوى ناقد بناء يسعى إلى إصلاح الأوضاع، وليس تهديدًا لأمن الوطن واستقراره . هذا ما يجب أن ندركه جميعًا. صوته هو صوت الشعب، وآلامه هي آلامنا، ومعاناته هي جرح في ضمير كل مواطن يؤمن بالحرية والكرامة.
وفي ظل هذه الظروف القاسية التي يمر بها الزعبي، يجب أن نتذكر أن العدالة ليست فقط في تطبيق القوانين بحذافيرها، بل في مراعاة الإنسان ككيان يحمل في داخله الكرامة والحقوق. لا يمكن أن يكون السجن هو الحل لكل معارض أو ناقد. بل يجب أن نعود إلى قيمنا الأصيلة التي تنادي بالتسامح والرحمة، خاصة في ظل الظروف الصحية الصعبة التي يمر بها هذا الكاتب الوطني.
إننا نعيش في زمن لا يحتمل الانقسامات، فالنيران التي تشتعل حولنا في فلسطين ولبنان وسوريا واليمن تتطلب وحدة الصف وتلاحم الجهود خلف القيادة الهاشمية الحكيمة دفاعا عن الوطن الغالي . وفي هذا السياق، يصبح من الضروري أن نحافظ على كل صوت وطني حر، مثل صوت أحمد حسن الزعبي، الذي طالما دافع عن الوطن وحقوق مواطنيه. رسالته من داخل السجن، حين قال "الوطن لم يظلمني"، تحمل في طياتها معانٍ عظيمة، تدعو الجميع إلى إعادة النظر في قضيته من منطلق إنساني ووطني.
وفي هذا الوقت الذي نشهد فيه تحديثًا سياسيًا حقيقيا يقوده جلالة الملك عبدالله الثاني، والذي تجسد بإجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة ، نرى أن إطلاق سراح معتقلي الرأي هو خطوة ضرورية لتعزيز مسيرة الإصلاحات. هذه الإصلاحات التي تعد بُشرى أمل لكل من يؤمن بأن الحرية والأمن يمكن أن يتعايشا في وطن واحد وهي تبعث برسائل للداخل والخارج على حد سواء ،فمشروع التحديث السياسي يمضي بخطى واثقة وحثيثة ،والأردن امن مستقر بفضل حنكة القيادة ووعي الشعب .
يجب أن نبرهن للعالم أننا دولة تؤمن بالديمقراطية وتحترم حقوق الإنسان، وأن صوت الحق والعدالة لن يخبو فيها، مهما كانت المصاعب والتحديات. إن احترامنا لحقوق الإنسان هو السبيل الوحيد لبناء مستقبل مزدهر ومستقر لوطننا الغالي وشعبنا الاردني الحر الابي .
وفي الختام، لا يسعنا سوى أن نناشد الحكمة والرأفة في التعامل مع هذه القضية، وأن نعي أن حلها يجب أن ينبع من قيم التسامح والإنسانية التي تربينا عليها في هذا الوطن. إن صوت أحمد حسن الزعبي وصوت كل الوطنين المخلصين للبلاد والعباد يجب أن يكون جزءًا من مسيرة الإصلاح التي نسعى لتحقيقها ، ليظل الأردن واحة للحرية والديمقراطية وملاذ للاحرار للأمن ونموذج للامن والاستقرار في منطقة تموج بالتحديات.
بالتسامح والإنسانية، نؤمن بأننا سنصل إلى ما نصبو إليه من مستقبل أفضل.