السنوار عاش كما أحب ورحل كما تمنى
عندَمَا يَرحلُ الرجلُ العَظيمُ تنقصُ الأرضُ مِن أطرافِها، وتنطفئُ منارةٌ كُبرَى، كانتْ تُرسلُ إشعاعاتِ خيرِها ونورِها في رِبوعِ العَالمِين.
عنَدمَا يَرحلُ الرجلُ العظيمُ، تنفطرُ لذهابِهِ القُلوبُ لكونِه مِن حُمَاةِ الأمّةِ وركنِها الركِين، وصَمّامِ أمنِ قِيمِها ومبادئِها، التي ترتفعُ بها إلى مَصافِّ الأُمَمِ الخَالدةِ ذاتِ الإسهامَاتِ الكُبرَى في حياةِ البَشريّةِ.
عندما يرحلُ الرجلُ العظيمُ، يتركُ الآخرين في حِيرةٍ بعد رحيلهِ، الرجلُ العظيمُ هو الذي يعرفُ كيفَ يموتُ لمْ يشأ أن يموتَ كمَا قالَ في حياته: كمَا يَموتُ البعيرُ - بتعبير سيفِ اللهِ المسلولِ - بوباءِ الكُورُونا، أو بالسكتة القلبية أو الدماغية، ولكنْ بطائرةِ إف 15 أو بقذيفةِ دبابةٍ أو بصاروخٍ، لكي لا تَعرِفَ عيونُ الجبناءِ للنومِ طعمًا، فكانَ له كمَا أرادَ!!
أنا لا أتحدثُ عن رجلٍ عاديٍّ أو شخصٍ عابرٍ أو حتّى عن رمزٍ من رموزِ الأمةِ، بلْ أقفُ اليومَ بمشاعرَ عميقةٍ تشتعلُ فيها الحسرةُ والألمُ في موقعِ الحديثِ عن رجلٍ بأمةٍ.
أقلُّ ما يُمكنُ أنْ يُوصَفَ بهِ أنّه قائدٌ شَهمٌ مِن قياداتِ أمّتِنا، وبطلٌ من أبطالِ عزّتِنا وكرامتِنا، عاشَ واقفاً كالطودِ لا يتزحزحُ ولا يلينُ، وماتَ واقفاً شامخاً كمَا يموتُ الرجالُ الأبطالُ، إنّه أسدٌ من أسودِ اللهِ ورسولهِ، فللهِ ولرسولهِ أسوداً في كلّ زمانٍ يذودونَ عن حِمَى الإسلامِ وكرامةِ الأمّةِ.
ولكنّ العظماءَ مِن القادةِ والأبطالِ، ليست حَياتُهم وَحدَها عظيمةً بلْ مَوتُهم كذلك، فحياتُهم حياةٌ للأمةِ وموتُهم مِشعلُ الزيتِ الذي يشعلُ روحُ الأمّةِ وينيرُ دروبَها.
لقد كنتَ يا "أبا إبراهيم" بطلًا عظيمًا يومَ وقفتَ وحواريُوك في وجهِ آلةِ الإجرامِ الصهيونِيّةِ، تذودُونَ عن مقدساتِنا وكرامتِنا، وتُشعِرونَنَا بشيءٍ مِن العِزّةِ في زمنِ المَذَلّةِ والهوانِ، يومَ أنْ كُنتُم أنتم وأبناؤكم ونساؤكم وشبابُكم وأطفالُكم أصحابَ الزعَامةِ والقَرارِ، يومَ أنْ تَخَلّى أدعِيَاءُ الزّعّامّةِ والقّرارِ.
عصاكَ يا "أبا ابراهيم" التي هششتَ بهَا علَى الطائِرةِ الصِهيونيَّةِ التِي كانت تطاردُكَ فوقَ أرضِ المعركَةِ، هي مِن جنسِ العصَا التي هزَمَتْ سَحرَةُ فِرعَون، والتي شقَّ بها البَحرَ، وأغرقَ بها فرعونَ وجنودَهُ المجرِمِين. وبكلِّ تأكيدٍ، فإنّ عصَاكَ هي التي سَتُغرِقُ فرعونَ العَصرِ "النِتِنْ يَاهُو” في دماءِ الفِلسطينيين.
راجيًا من الله – عَزّ وجلّ - أنَّ لا يَسمَحَ رحيلُكُم، للخفافيشِ والغِربانِ أنْ تَسكنَ أرضكُم، فتنصدعَ القلوبُ - لا سمحَ اللهُ - ألمًا وحسرةً، لكونِكُم مِلحُ الأرضِ وزادُها، الذي بَدا طعمُهَا يسوءُ برحيلِكُم.