الرد الإسرائيلي.. وتحديد مصير الحرب الإقليمية


 
 
بعد توسيع نطاق حرب الإبادة النازية على غزة باتجاه لبنان ، وبعد الضربة الإيرانية للكيان الصهيوني تتجه الانظار للرد الاسرائيلي المرتقب على ايران ، حجمها ، شكلها ، ماذا ستستهدف ؟ والى أي حد ستكون مؤذية ؟
وبناء عليها يمكن الحكم على مصير الحرب الاقليمية في المنطقة. هل سنذهب الى حرب مفتوحة تشترك فيها ايران نفسها بعد أن دخلت كل أذرعها في الحرب حتى الآن ؟
أم أنها ستقف عند حدودها الحالية ؟

من جهة نتنياهو وحكومته المتطرفة من الواضح أنه يسعى الى حلمه بضرب النووي الإيراني وتدميره اذا تمكن من جرّ الولايات المتحدة معه الى هذه الضربة .
ولكن الذي يحد من مغامرات نتنياهو أولاً هو الموقف الإيراني نفسه، وما في جعبته من أوراق قوة يمكن أن يشهرها في وجه نتنياهو وبالوقت المحدد ، بمعنى قدرة ايران على اللعب بالورقتين العسكرية والسياسية ؛ أما العسكرية فهي ما يتعلق باحتمالية امتلاكها بالفعل سلاحا نوويا، وتعمل على ايصال رسائل واضحة وحازمة للولايات المتحدة وإسرائيل بأنها لن تتردد في استخدامه عند لحظة الحسم وتستطيع من خلاله صياغة معادلة ردع نووي متبادل مع اسرائيل. ربما ، ولا ندري، ولكنه يبقى احتمال قائم.
أو بالاتجاه الآخر أن لديها قدرات صاروخية بالستية فرط صوتية قادرة على تدمير مواقع عسكرية وحيوية حساسة ، وهذا وارد وبقوة .
وامّا في الورقة السياسية فانها قادرة على ممارسة الدبلوماسية التصعيدية التي توظف القدرات العسكرية لديها و تتمكن من خلالها صياغة صفقة ما مع الولايات المتحدة والغرب تجنبها الدخول في الحرب وربما تنهي الحرب في المنطقة مرة واحدة في اطار حل كامل ومستدام.
أعتقد أن ايران قادرة على تجنيب نفسها الدخول في الحرب فعلا، ولكنها ليست معنية بشكل ملحّ على وقف الحرب على غزة ولبنان معها في ذات الصفقة على أساس العمل لاحقا على المساعدة في ذلك .

لكن في ظني أنّ العامل الحاسم والقادر على لجم نتنياهو و "اعادته الى الحظيرة" هو أداء حزب الله العسكري في الميدان -كما عبر عن ذلك الشيخ نعيم قاسم نائب الأمين العام للحزب- لأن حزب الله بعد أن امتص الصدمة الكبرى في القضاء على قياداته الكبيرة من الصف الأول وعلى رأسهم أمينه العام السيد حسن نصر الله من الواضح أنه بدأ يمسك بزمام المبادرة ويعيد التقاط الأنفاس ويقدم في كل يوم مفاجأة جديدة في الميدان تمكنه من إيصال رسائل واضحة بأن لديه القدرات العسكرية والصاروخية التي تؤذي العدو وتؤلمه أكثر وربما تقلب المعادلة بدرجة كبيرة، ليس آخرها المسيرة الهجومية التي اصابت منزل نتنياهو في رسالة مرعبة للجانب الاسرائيلي.
علاوة على قدرات صاروخية دقيقة ومنها بحرية نوعية قادرة على اصابة أهدافا حيوية وعسكرية وسط تقديرات تقول بأن لدى حزب الله ما يقارب ال300 الف صاروخ تنطلق من شبكة انفاق كبيرة ومعقدة تم نحتها في أرض صخرية وتضاريس وعوة ليست على شكل أنفاق حماس في غزة نظرا لاختلاف طبيعة الطبوغرافيا بين جنوب لبنان وغزة.

في تقديري أنّ عوامل توسيع الحرب الإقليمية التي تشمل ايران مستبعدة حاليا نظرا لانشغال الولايات المتحدة الأمريكية بانتخاباتها، وانتهاج سياسة البطة العرجاء حاليا حتى انقشاع غبار المعركة الانتخابية في واشنطن ومعرفة من سيسكن البيت الأبيض ، هاريس أم ترامب ، ومن الصعب ذهاب نتنياهو لحرب ايران دون المساعدة الأمريكية، كما أنه وفي الجهة المقابلة لا يمكنه الاستمرار في الحرب على لبنان طويلا نظرا للموقف الأوروبي وبالذات الفرنسي الذي صعّد بشكل كبير في وجه نتنياهو على النحو الذي دعا فيه ماكرون بوقف تزويد اسرائيل بالسلاح للجم نتنياهو، في المقابل رد نتنياهو بأن هذا الموقف يشكل عارا كبيرا سيلاحق ماكرون ، علاوة على وجود قرار أممي سابق يتمثل بالقرار ( 1701 ) الصادر عام 2006 ، يمثل هذا القرار أرضية جاهزة للبناء عليه لوقف الحرب على لبنان وحزب الله.
هنا تبقى غزة لا بواكي لها ، وتفتقد الى الغطاء السياسي للصد عنها لا من دول عربية ولا غيرها باستثناء دول غير عربية خارج الإقليم، بعيدة وغير مؤثرة بشكل مباشر مثل جنوب افريقيا واسبانيا وبعض الدول التي اعترفت بدولة فلسطين وبعض دول أمريكا اللاتينية التي طردت سفراء الكيان المجرم وسحبت سفراءها ، غير ذلك نحن أمام انكشاف كبير للعالم العربي باستثناء جهود الوساطة القطرية - المصرية والجهود الاغاثية والانسانية وبعض التحركات الدبلوماسية الجادة بضرورة وقف الحرب على النحو الذي يقوم به الأردن.