مبادىء الإعداد
تُعتبر الأفعال الإنسانية ، سواء كانت مادية أو نفسية ، من الركائز الأساسية التي تُعزز من مفهوم القوة في السياق الإسلامي و يٌجسد القرآن الكريم والسنّة النبوية أهمية الجهود الفردية والجماعية في تحقيق الأهداف وتجاوز التحديات و يُظهر هذا االمقال كيفية تأثير الأفعال في تعزيز القوة على مستوى الأفراد والجماعات والدول ، و تمثل الأفعال والجهود الإنسانية في القرآن والسنّة أبعاداً متعددة للقوة ، فالأفعال ليست مجرد حركات أو جهود ، بل تعبر عن قيم ومبادئ تعزز من قدرة الأفراد والمجتمعات على مواجهة التحديات وتحقيق الأهداف ، يتناول هذا المقال تحليل الأبعاد المادية و النفسية للأفعال التي تُعزز من مفهوم القوة في النصوص الإسلامية وفي الفهم الحديث لهذا المفهوم .
وتتجسد مبادئ الأعداد في مجالين هامين :
أولهما هو مجال الأفعال المادية ، و ثانيهما هو الأفعال النفسية ، أما الأفعال المادية فتتجسد بالعمل والإنتاجية ، وهو ذو قيمة محورية في الإسلام حيث يقول الله تعالى : " وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ" (التوبة : 105) ، تعكس هذه الآية أهمية العمل كوسيلة لتحقيق الذات والمساهمة في بناء المجتمع ، تُظهر الدراسات الحديثة أن المجتمعات التي تركز على الإنتاجية وتهيئة بيئة العمل الإيجابية تُحقق مستويات أعلى من الرفاهية لشعوبها ، كما أن الدول التي تعتمد إستراتيجيات تنموية مستدامة تكون أكثر قدرة على مواجهة التحديات البيئية و الإقتصادية ، مما يضمن إستمرارية قوتها على المدى الطويل .
و في السياقات الحديثة تكتسب التنمية الإقتصادية والإجتماعية أهمية بالغة في بناء قوة الدولة ، و تشير الأدبيات الإقتصادية إلى أن الدول التي تستثمر في التنمية المستدامة تتمتع بقوة إقتصادية أكبر وقدرة اكبرعلى التأقلم مع التحديات ، حيث يُعتبر الإستثمار في الموارد البشرية والطبيعية والإبتكار عنصراً محورياً في تعزيز القوة الوطنية ، التي تٌعد من المقومات الأساسية في تعزيز مبدأ الأعداد لتنمية قوة الدولة .
أما عن سياقات الأفعال النفسية التي تعزز الإيمان و الثقة بالنفس و الصبر والمثابرة و التعاون و التكاتف ، أما عن القوة النفسية للأفراد التي تتجلى في قول النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) : "إنما الأعمال بالنيات" ، مما يشير إلى أهمية النية في تشكيل الفعل ، فقد أظهرت الأبحاث النفسية أن الأفراد ذوي القيم و المبادئ الواضحة يمتلكون مستويات أعلى من الثقة بالنفس وقدرة أكبر على التحمل ، و يُعتبر الصبر قيمة مركزية في التراث الإسلامي ، حيث يُعبر عن القدرة على التحمل في مواجهة الصعوبات ، و تتجلى أهمية التعاون في العمل الجماعي ، حيث يُعتبر العمل الجماعي وسيلة لتعزيز القوة الجماعية حيث تشير الدراسات الإجتماعية إلى أن المجتمعات التي تدعم قيم التعاون والتكافل تمتلك قدرة أكبر على مواجهة الأزمات و التحديات الإجتماعية المختلفة .
نؤكد أن مبدأ الأعداد للقوة على مستوى المجتمع ، يمكن أن تُعتبر القوة عنصراً حاسماً في تشكيل الهوية الثقافية والسياسية ، و المجتمعات القوية تتمتع بالقدرة على مواجهة التحديات ، من خلال تعزيز قيم العدالة والتسامح والتضامن ، في هذا السياق ، تُصبح القوة أداة للتغيير الإجتماعي ، حيث تسهم في تعزيز حقوق الأفراد و المجتمع ، و تتداخل القوة أيضاً مع المعرفة ، فالمعرفة تُعتبر مصدراً قوياً يُمّكن الأفراد من فهم العالم من حولهم ، مما يمنحهم القدرة على إتخاذ قرارات مستنيرة ، لذلك تتجلى القوة في القدرة على التعلم ، و البحث ، و التفكير النقدي ، إن الأفراد الذين يسعون إلى المعرفة يمتلكون القوة لتغيير مساراتهم ومسارات مجتمعاتهم وبقوة .
والخلاصة فإن مفهوم مبدأ القوة يتجاوز حدود الفهم التقليدي ، ليشمل أبعاداً فلسفية وثقافية متعددة ، إنها ليست مجرد أداة للهيمنة ، بل هي قوة دافعة للتغيير، و التأثير، و النمو من خلال التأمل في هذه الأبعاد ، يمكننا أن نفهم القوة كطاقة خلّاقة تعزز من قدراتنا على الإبتكار و التقدم ، و تساهم في بناء مجتمعات أقوى وأكثر تماسكاً ونصرةً للحق ضد قوى البغي و الإستبداد ، وهذا ما أكدت عليه االثقافة العربية الاسلامية .
حمى الله الأُردن ملكاً وشعباً وسدد على طريق الحق خطاه.