"تجار الحروب" في غزة.. تفاصيل خطيرة



منذ ساعات الصباح شهدت أسواق جنوبي غزة، وتحديدا مدينتي دير البلح وخان يونس إضرابا عاما وإغلاقا للمحال التجارية والبسطات كافة، استجابة لدعوات أطلقها تجمع كبار العائلات في جنوبd القطاع، احتجاجا على سياسات التجار برفع أسعار المواد الغذائية لدرجة لم يعد بإمكان المواطنين شرائها.

جاءت هذه الخطوة الاحتجاجية، بعد أن "احتكر التجار أغلب السلع الغذائية، وقاموا بتخزينها ثم بيعها لصغار الباعة بأسعار تفوق قيمتها الحقيقية بأكثر من خمسة أضعاف، ووصلت في بعض السلع لأكثر من عشرين ضعفا".

كيف بدأت الأزمة؟

ويشير مصدر في وزارة الاقتصاد بغزة إلى أنه "وخلال العداون على غزة منذ ثلاثة عشر شهرا، أفرزت الحرب طبقة جديدة من التجار ورؤوس الأموال الجدد، الذين استطاعوا أن يزاحموا الطبقة التقليدية، بعد أن قرر أغلبهم السفر والخروج من القطاع".

وتابع المصدر: "سد هذا الفراغ طبقة جديدة من التجار استطاعوا في الأشهر الأولى من الحرب استغلال حالة الفوضى التي تسببت بها الحرب، فقاموا بجمع المال والسلاح وشراء الذمم، وامتهنوا سرقة شاحنات المساعدات بحماية جيش الاحتلال".

"يتخذ هؤلاء التجار من منطقة شرق القطاع ملاذ لهم، بعيدا عن سيطرة الحكومة وجهاز الشرطة الذي لا يستطيع أن يصل لهذه المناطق لفرض سيطرته بسبب الملاحقة الإسرائيلية، ونمت هذه الظاهرة من التجار واختبأ بعضهم خلف عائلات كبيرة، وباتوا معروفين في القطاع، وأطلق عليهم "تجار الحروب" أو "مافيا التجار"، وفق المصادر.

دور الاحتلال في الأزمة

وذكرت المصادر أن "دولة الاحتلال لعبت دورا في توفير غطاء لهؤلاء التجار وتأمينهم من أي ملاحقة من قبل حكومة غزة، مقابل تنفيذ أوامر إسرائيلية بنشر الفوضى وإضعاف السلم الأهلي من خلال الاستيلاء على شاحنات المساعدات".

ومنذ شروع "إسرائيل" بالعدوان البري في مدينة رفح أوائل أيار/ مايو 2024، بات المنفذ التجاري الوحيد بين غزة و"إسرائيل" هو معبر كرم أبو سالم الخاضع لسيطرة مطلقة من قبل دولة الاحتلال.

وتتحكم دولة الاحتلال بنوعية السلع الواردة لغزة، بحكم سيطرتها على المنفذ التجاري، واستنادا لذلك فهي تستطيع أيضا أن تمنح رخصة الاستيراد لمن ترغب.

ووفق المصادر: "يحتكر التاجر سلعة معينة، ويبدأ بالتحكم بكمية وسعر السلعة، عند بيعها في السوق".

ويطلق على هذا مبدأ "تعطيش السوق" أي إبقاء السلعة في المخازن لفترة زمنية طويلة تمتد من أسبوعين وقد تصل إلى ست أسابيع، ليتم بيعها لصغار الباعة بكميات محدودة جدا وبأسعار فلكية.

على سبيل المثال لا الحصر، وصل سعر كيس الطحين الـ(25) كيلو لأكثر من (160 دولار) رغم أن سعره في الوضع الطبيعي لا يتجاوز (5 دولار).

كما بيع كيلو السكر بـ(9 دولار) رغم أن سعره قبل الحرب (1 دولار)، أما الزيت النباتي فتضاعف سعره أكثر من سبعة أضعاف.

ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، مدعوما من الولايات المتحدة وأوروبا، للعام الثاني على التوالي، عدوانه على قطاع غزة، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.

وخلّف العدوان نحو 145 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.


(قدس برس)