كلمة الملك أمام جنده و"الخلّ ليس أخّ الخردل"!



خاب تحليلنا السابق بشكل كبير، فلم تخسر كاميلا هاريس فحسب، بل وفاز دونالد ترامب بشكل حاسم، وسيعود رئيساً للولايات المتحدة مرّة ثانية على الرغم من كلّ شيئ.

نقول في ثقافتنا إنّ الخلّ أخ الخردل، وبصراحة نسأل أنفسنا، من هو الخلّ: هاريس أم ترامب، ومن هو الخردل: ترامب أم هاريس، ولكنّنا أمام واقع جديد قديم، فقد عرفناه واختربناه، وعلينا أن نعيد اختباره مرّة ثانية.

من الطبيعي أن نقول إنّ مياهاً كثيرة جرت تحت الجسر خلال السنوات الأربع الماضية، وقد لا تكون "صفقة القرن" المزعومة عنوان عمل إدارة ترامب المقبلة، وعلينا أن نتذكّر ما جرى ويجري على ساحتي غزّة ولبنان، ودون أن ننسى أنّ تغوّل إسرائيل نتنياهو يكاد يصل إلى استكمال الأمر في الضفة الغربية.

ألقى الملك كلمة أمام عسكره في الواجهة الشمالية، وحفلت بالمعاني التي ينبغي ألاّ تمرّ مرور الكرام، فالأردن بجيشه العربي قادر على التعامل مع أيّ واقع تفرضه الظروف، وذكّر بثلاث معارك كان لنا النصر فيها: الكرامة والسموع وباب الواد.

كلمة الفوز لدونالد ترامب أكّدت أنّه سينهي الحروب، مذكّراً أنّ عهده لم يشهد حرباً، ولعلّ ذلك يكون عنوان المرحلة المقبلة، ليطغى على "صفقة القرن"، وليس علينا سوى أن ننتظر ونتابع ونرى!

أقتبس من مقالتي يوم أمس الأول كلماتي: "صحيح أنّ علاقتنا مع ترامب ظلّت بين الهدوء من ثمّ الفتور وبعدها البرود، ولكنّ سنواته الأربع في البيت الأبيض حملت زيادات في المساعدات!

دونالد ترامب وصف الملك عبد الله الثاني بالمحارب القويّ، في أوّل لقاء بينهما، ولكنّ سياساته باعدت بين الرجلين، فصاحب البيت الأبيض أعلن عن نقل سفارته إلى القُدس، ولكنّه لم يعترف بأنّ القدس كلّها لإسرائيل، وأكثر من ذلك فقد اختار موقعاً يمكنه أن يكون محايداً بين عاصمتين.

ترامب تحدّث عن "صفقة القرن" عبر صهره الذي كان مندوبه السامي، ولكنّ شيئاً لم يحصل سوى اتفاقيات إبراهيمية باهتة أثبتت الأيام هشاشتها، ولكنّ الأردن كان ثابتاً في كلّ ما مرّ من خلال ذلك.

العلاقات الأردنية الأميركية لم تكن في يوم عابرة، بل ترسّخت عبر رؤساء كثيرين، ولا ننسى أنّ الملك قدّم أجمل وأصدق وأجرأ الكلمات أمام الكونغرس، وحظي بأكبر قدر من الوقوف والتصفيق، على طرفي القاعة، مع أنّ جورج بوش كان حاكم واشنطن، والملك عارض بصراحة اجتياحه واحتلاله العراق".

ينتهي الاقتباس هنا، فنعود لنؤكد على أهمية ما قاله الملك أمام جنده أمس، في يوم الانتخابات الأميركية قُبيل معرفة من هو الفائز، ويبقى أنّ تقديرنا يفيد بأنّ ترامب الجديد قد يحمل لنا مفاجآت باعتباره أقوى الآن، نتمنى أن تكون سارّة، وقد لا يكون "الخلّ أخ الخردل" هذه المرّة، وللحديث بقية!