مجزرة شحيبر: تحقيق يكشف عن استشهاد 70 فلسطينيا بمربع سكني في غزة
كشف تحقيق جديد أجراه المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن مجزرة ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي أسفرت عن استشهاد أكثر من 70 مدنيًا فلسطينيًا، أكثرهم من النساء والأطفال وكبار السن، وغالبيتهم العظمى من عائلة واحدة.
وقال الأورومتوسطي في التحقيق الذي نشره اليوم الخميس، إن المجزرة نفذت خلال هجوم عسكري واسع شنه الجيش الإسرائيلي على المربع السكني لعائلة "شحيبر" في حي الصبرة في مدينة غزة على مدار يومي 18-17 نوفمبر/تشرين ثانٍ 2023، باستخدام الطائرات الحربية والمسيّرات، واستهدف خلاله بالقصف وإطلاق الأعيرة النارية بشكل مباشر عددا من المباني السكنية والمدنيين داخل منازلهم وأثناء دفنهم لأقربائهم القتلى.
وتمكن المرصد الأورومتوسطي من التحقق من هويات 61 من الضحايا، جميعهم من عائلة "شحيبر"، من بينهم 27 طفلاً و16 امرأة، بينهن ثلاث نساء مسنات، و18 رجلًا، منهم رجلان مسنان. فيما لم تُحدد هويات بعض الضحايا بسبب تحول جثامينهم إلى أشلاء.
وفي تفاصيل المجزرة، في حوالي الساعة 4:10 من فجر يوم الجمعة الموافق 17 نوفمبر/تشرين ثانٍ 2023، شن جيش الاحتلال الإسرائيلي هجومًا على شارع "شحيبر" القريب من شارع الثلاثيني في حي الصبرة والمجاور لحي الزيتون بمدينة غزة، حيث قصف مبنى سكنيا مكونا من خمسة طوابق تعود ملكيته لـ "ماهر شحيبر" بطائرات حربية بصاروخين على الأقل دون أي إنذار مسبق. استهدف الصاروخ الأول الطابق الخامس، بينما استهدف الصاروخ الثاني الطابق الثالث، مما أدى إلى تدمير ثلاثة طوابق سكنية بالكامل، واستشهاد حوالي 40 شخصا وجرح حوالي 20 آخرين كانوا داخل المبنى وقت الهجوم، في حين نجا من الاستهداف فقط عائلة نازحة مكونة من 10 أفراد كانت تقيم في الطابق الأرضي.
وحسب شهود عيان، فقد استهدفت طائرة مسيرة إسرائيلية بعد حوالي نصف ساعة من الهجوم الأول مبنى سكنيا ثانيا بالجوار يتكون من أربعة طوابق وتعود ملكيته لـ "محيي شحيبر"، وهو مبنى يقع في نهاية الشارع خلف بيت "ماهر شحيبر". حيث استهدفت الطائرة الطابق العلوي للمبنى بصاروخ واحد على الأقل، مما أدى إلى استشهاد طفل وإصابة والدته بإصابات بالغة. بعد ذلك، استهدف الجيش الإسرائيلي مبنى سكنيا ثالثا يعود لمختار عائلة "شحيبر"، "ناهض شحيبر"، يقع في بداية الشارع تقريبا، حيث دمر الطابق العلوي للمبنى في توقيت قريب من الهجوم الثاني، مما أسفر عن استشهاد امرأة وإصابة 10 آخرين. وقد نفذت كافة هذه الاستهدافات دون أي إنذار أو تحذير مسبق.
بعد الهجوم، هرع سكان المنطقة من عائلة "شحيبر" لانتشال الضحايا من تحت الركام، حيث تحولت بعض الجثامين إلى أشلاء بفعل شدة القصف، وتمكنوا من تجميع حوالي 15 جثمانا تم انتشالهم، ومن ثم وضعهم على الرصيف المجاور للمبنى. كما أخرجوا حوالي 12 مصابا بإصابات خطرة من المبنى المستهدف وأدخلوهم إلى منزل مجاور يعود للمسنة "أمينة شحيبر"، وهو ذات المنزل الذي وضعت أمامه جثامين الضحايا، إلا أن المصابين توفوا لاحقا بسبب تعذر إسعافهم ونقلهم إلى المستشفى، حيث حاول الأهالي نقل بعضهم في حوالي الساعة 6:00 صباحًا من خلال سياراتهم الخاصة إلى مستشفى "المعمداني" القريب، غير أنهم تفاجأوا بوجود دبابات الجيش الإسرائيلي تحاصر المكان، مما أجبرهم على التراجع والعودة بالجرحى مرة أخرى إلى الشارع.
وفي حوالي الساعة 6:30 إلى 7:00 صباحا، تفاجأ سكان المنطقة باقتحام آليات الجيش الإسرائيلي الشارع من جهة شارع "الثلاثيني". وقبل الاقتحام، استهدف الطيران الإسرائيلي الطابق الخامس من مبنى سكني رابع مكون من ستة طوابق يعود كذلك لعائلة شحيبر (منزل "رفيق شحيبر") في نفس الشارع، مما أسفر عن استهشاد طفلة وامرأة وإصابة عدد من النساء والأطفال داخل المنزل. بعد ذلك، نفذ الجيش قصفا بشكل مباشر ومكثف تجاه المباني السكنية الأخرى في المنطقة، دون أن يكون فيها أي من المقاتلين أو تبادل لإطلاق النار، بحسب شهادات الناجين وشهود العيان.
وبمجرد أن بدأ الاقتحام برًّا، سارع أهالي المنطقة إلى الاحتماء داخل منازلهم وفي المنازل المجاورة والشوارع الخلفية، خوفا من أن تطلق آليات الجيش النار عليهم، تاركين الجثامين المجمعة على الرصيف أمام منزل المسنة "أمينة شحيبر". وعندما دخلت آليات الجيش الإسرائيلي الشارع، قامت بدهس الجثامين الموجودة على الرصيف وتجريفها عدة مرات، مما حولها إلى خليط من اللحم، بحيث أصبح من المستحيل تمييز أصحابها عن بعضهم البعض. كما دمرت وجرفت كافة السيارات والشاحنات الموجودة في الشارع، بما في ذلك حوالي 30 شاحنة نقل مملوكة لعائلة "شحيبر."
حين وصلت آليات الجيش إلى نهاية شارع "شحيبر"، جرفت منطقة مليئة بالأشجار وتمركزت فيها، وأطلقت النار بشكل مباشر ومكثف على المباني السكنية التي احتمى بداخلها عدد من السكان والنازحين المدنيين في المنطقة، غالبيتهم من النساء والأطفال، مما أسفر عن سقوط المزيد من الشهداء والجرحى.
ومن الجدير بالذكر أنه في يوم الهجوم كان هناك انقطاع شبه تام في الاتصالات في قطاع غزة بسبب نفاد الوقود الذي منعت إسرائيل إدخاله إلى القطاع. حيث أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية "بالتل" آنذاك عن "نفاد كافة مصادر الطاقة الاحتياطية لتشغيل عناصر الشبكة الرئيسية"، وانقطاع خدمات الاتصالات الثابتة والخليوية والإنترنت. هذا الانقطاع، بالإضافة إلى الحصار المفروض على المنطقة، حال دون قدرة السكان على التواصل مع الدفاع المدني لنقل المصابين والجرحى وإسعافهم، مما أدى إلى استشهاد العديد منهم.
وأفاد " عامر غانم موسى شحيبر " (61 عامًا)، وهو من سكان شارع "شحيبر" وأحد أقارب الضحايا والناجين من المجزرة، لفريق المرصد الأورومتوسطي: " كنت نائمًا في المنزل، وفجأة وجدت أول صاروخ يسقط على منزل ابن خالي "ماهر طالب شحيبر" (66 عامًا) .. حيث تسكن أختي "هدى غانم شحيبر" (57 عامًا ) وبنات أختي "فداء معين شحيبر"(32 عامًا) و "غالية معين شحيبر" (17 عامًا) وابنها "محمد معين شحيبر" (29 عامًا) وأبناء فداء "ماهر مهران ماهر شحيبر"(12 عامًا) و" ريتاج مهران ماهر شحيبر"(11 عامًا) و الطفلة " روعة مهران ماهر شحيبر" والطفلة " ماسة مهران ماهر شحيبر". أول صاروخ ضُرب على الطابق الخامس .. بعدها ضُرب ثاني صاروخ (على الطابق الثالث) وكنت حينها على باب بيتي .. ومن قوة الضربة دُفعنا إلى داخل البيت حوالي أربعة أمتار."
وأضاف: "ركضنا باتجاه المنزل ووجدنا الأشلاء والجثث داخل البيت ، بينما نجا الناس الذين كانوا بالطابق السفلي، وجدنا حوالي 40 من الضحايا، صرنا نجمع الجثث ونضعها خارجا حتى صارت الساعة حوالي 6:30 – 7:00 صباحا. وفجأة، دخلت الدبابات علينا الشارع، ظللت أركض وأجمع وأضع الجثث على الرصيف، قبل أن تدخل الدبابات والآليات وتجريف السيارات والشاحنات التي في طريقها والمملوكة لأبناء عمي من عائلة شحيبر، فتراجعنا وهربنا من أمامهم أنا وأبناء عمي، وقد كنا حوالي 5 إلى 7 أشخاص، إلى شارع خلفي وجلسنا فيه حتى الصباح. وحين طلع النهار، ذهبنا ووجدنا الجثث تم هرسها وقامت الآليات الإسرائيلية بتجريفها، فبدأنا بجمع لحم الجثث من أكثر من مكان، قمت بمناداة أبناء العائلة فجلبوا كارات (عربات يجرها حيوانات) وصرنا نحمل الجثث التي هرستها الدبابات في حرامات (أغطية) وبدأنا ندفنها في البرية (المقبرة) مكان الأشجار التي جرفها الجيش. وأثناء دفننا للجثث، أطلقت علينا مسيرات جيش الاحتلال الإسرائيلي النار.. ولكننا استمرينا في الدفن حتى انتهينا."
في حوالي الساعة 5:00 عصرًا من يوم الجمعة، 17 نوفمبر/تشرين أول 2023، وأثناء تلقي سكان الشارع أنباء بانسحاب قوات الجيش الإسرائبلي نحو حي الزيتون جنوبًا، فوجئ السكان باستهداف مبنى سكني مكون من ثلاثة طوابق لعائلة "شحيبر" مملوك لـ "سعيد إسماعيل شحيبر" بالطائرات الحربية بصاروخ واحد على الأقل، مما أدى لتدمير نصف المبنى تقريبًا حيث أصيب الطابقان الأول والثاني. يبعد هذا المبنى قليلاً عن شارع "شحيبر" إلى الداخل، ويفصل بينه وبين الشارع بوابة، وهو يقع بين مجموعة من المباني السكنية.
وكان لجأ إلى المبنى حوالي 200 شخص من سكان المنازل القريبة من الشارع أثناء اقتحام قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي للمنطقة، حيث كان عدد منهم في الطابق الأرضي وأمام المنزل لحظة الاستهداف. وأسفر هذا الهجوم عن استشهاد أربعة أشخاص على الأقل، بينهم ثلاثة أطفال وامرأة مسنّة، وإصابة 10 آخرين على الأقل. استشهد طفلان على الفور، بينما توفي الطفل الثالث والمرأة المسنّة بعد عدة ساعات، نتيجة عدم القدرة على إسعافهم إلى المستشفيات بسبب استمرار حصار قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي للمنطقة. وبعد استهداف المبنى (منزل "سعيد شحيبر") تم نقل الضحايا والجرحى لمبنى سكني مجاور لجأ إليه عدد ممن كانوا في المبنى، وباتت بعض العائلات بجوار جثامين الضحايا.
وفي اليوم التالي، 18 نوفمبر/تشرين ثانٍ 2023، في حوالي الساعة 6:00 صباحًا، اتجه عدد من السكان عبر البوابة نحو الشارع للعودة إلى بيوتهم الواقعة في شارع "شحيبر" بعد سماعهم نبأ انسحاب قوات الجيش من المنطقة. حينها، قام عدد منهم بالمساعدة في انتشال ضحايا مجزرة اليوم السابق، وتجهيزهم ليتم دفنهم. ولكن أثناء وقوف بعض من سكان المنطقة ممن كانوا بصدد المشاركة في دفن الضحايا أمام أبواب منازلهم في الشارع، أطلقت طائرة مسيرة إسرائيلية صاروخين على الأقل على التوالي مباشرة ضدهم، ما أدى لاستشهاد حوالي 20 شخصًا، عدد منهم من الأطفال، واصابة عدد مماثل بجراح متفاوتة. وقد تحولت جثامين بعض الضحايا إلى أشلاء نتيجة الاستهداف المباشر لأجسادهم.
انتظر الأهالي بعد ذلك لنحو ساعة ونصف، وبعد أن تأكدوا من انسحاب قوات الجيش الاسرائيلي الكامل جنوبًا باتجاه حي "الزيتون"، بدأوا في جمع جثامين وأشلاء ضحايا ذلك اليوم واليوم السابق، ودفنهم في منطقة "البرية" حيث كانت الأشجار قبل تجريفها من قبل الجيش. ورغم الخطر الذي أحاط عملية الدفن، استكمل الأهالي دفن جثامين الضحايا، حيث دُفن حوالي 60 جثمانًا في ذلك اليوم، بين جثث كاملة وأشلاء وكتل من اللحم هرستها آليات الجيش الإسرائيلي فور اقتحامها الشارع في اليوم السابق.
وفي إطار التحقيقات التي أجراها في الجريمة على مدار الأشهر الماضية، زار الفريق الميداني للمرصد الأورومتوسطي شارع شحيبر السكني –بالقرب من شارع الثلاثيني في حي الصبرة والمجاور لحي الزيتون بمدينة غزة— عدة مرات للوقوف على ومعاينة حجم الدمار الواسع الذي خلفه الهجوم في المنطقة. وخلال هذه الزيارات، أجرى الفريق مقابلات مع تسعة شهود من أقارب الضحايا، وهم من الناجين من المجزرة ويعيشون في المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، حلل الفريق مقاطع فيديو وصور توثق موقع الجريمة أثناء الهجوم وبعده، فضلاً عن صور الأقمار الصناعية التي تُظهر التغيرات والدمار الذي لحق بالشارع. كما تم تحديد مواقع المباني المستهدفة، والأراضي التي جُرفت، ومنطقة المقبرة الجماعية لضحايا العائلة. كما حدد الفريق أماكن تجمع قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة يوم الهجوم، مما يوفر صورة شاملة حول كيفية تنفيذ الهجوم، وتأثيره، وحجم الدمار الناجم عنه.
ويقدر المرصد الأورومتوسطي بناءً على مقابلات الشهود ومصادر أخرى، عدد السكان الذين كانوا متواجدين في المنطقة وقت استهدافها بحوالي 3,000 شخص، غالبيتهم من عائلة "شحيبر". ويشمل ذلك العدد الإجمالي للسكان المقيمين في المنطقة، بالإضافة إلى نازحين كانوا لجأوا إليها.
وأكد الأورومتوسطي أن تحقيقاته في هذه المجزرة لم تكشف عن أي دليل يشير إلى وجود أهداف عسكرية في المنطقة المستهدفة وقت الهجوم أو قبله، سواء كانت منشآت عسكرية أو عناصر مسلحة. وبالتالي، فإن هذا الهجوم يشير إلى أنه لم يكن هنالك أي ضرورة عسكرية لشنه في بادئ الأمر، وأنه قد انتهك في جميع الأحوال مبادئ التمييز والتناسبية واتخاذ الاحتياطات اللازمة التي يتوجب على إسرائيل احترامها في كافة الأوقات، وعند كل هجوم، دون استثناء. حيث استهخدم جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال الهجوم طائرات حربية وطائرات مسيرة لإطلاق صواريخ شديدة وواسعة التدمير ضد المدنيين والمباني السكنية بشكل مباشر ودون أي تحذير مسبق، وشوه جثامين الضحايا وانتهك كرامتهم، بالإضافة إلى تنفيذه لاجتياح بري مباغت باستخدام الآليات الثقيلة في منطقة سكنية مكتظة، وفرض حصار تعسفي على جميع المنطقة، حال دون قدرة السكان على الإخلاء حفاظًا على حياتهم، أو حتى إسعاف المصابين، ما أدى إلى مقتلهم.
ووفقًا للمعطيات التي جمعها الأورومتوسطي، لا يمكن تصنيف الهجوم العسكري الذي نفذه جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد عائلة "شحيبر" إلا باعتباره إما هجومًا متعمدًا مباشرا أو عشوائيًا أو مفرطًا، وأي منها يشكل جريمة حرب مكتملة الأركان وفقًا لنظام روما الأساسي. كما أن هذا الهجوم يعد جريمة ضد الإنسانية مكتملة الأركان ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد مجموعة من المدنيين كونه نُفذ في إطار الهجوم العسكري واسع النطاق والمنهجي الذي يشنه الجيش ضد السكان المدنيين في قطاع غزة منذ أكثر من عام.
بناءً على ذلك، يطالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بإجراء التحقيقات الدولية الفورية والمستقلة والنزيهة اللازمة في ظروف استهداف المدنيين في شارع "شحيبر" السكني، وكافة الجرائم الأخرى التي ارتكبتها إسرائيل ضد المدنيين الفلسطينيين في القطاع، والضغط على إسرائيل من أجل تمكين دخول لجان التقصي والتحقيق الدولية والأممية إلى قطاع غزة، عملًا بقواعد القانون الدولي وقرارات محكمة العدل الدولية.
ويجدد الأورومتوسطي دعوته إلى المجتمع الدولي بالاضطلاع بالتزاماته القانونية الدولية بالعمل على وقف جريمة الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة، بكافة الوسائل المتاحة، باعتبار أن منع هذه الجريمة والمعاقبة عليها يعد التزامًا قانونيًّا دوليًّا يقع على عاتق جميع الدول، دون استثناء، وهو التزام ذات حجية مطلقة تجاه الكافة.
كما يدعو المرصد الأورومتوسطي إلى فرض العقوبات السياسية والاقتصادية على إسرائيل، وفرض حظر كامل على بيع وتصدير الأسلحة إليها، والتوقف والامتناع فورًا عن تقديم أية مساعدات في المجالات العسكرية والاستخباراتية، وإيقاف جميع التراخيص واتفاقيات الأسلحة والاستيراد والتصدير، بما يشمل المواد والتكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج التي يمكن أن تستخدمها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني.
كما يدعو المرصد الأورومتوسطي المحكمة الجنائية الدولية إلى النظر والتحقيق في كافة الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، وبما يشمل مجزرة شارع "شحيبر"، وكذلك مئات المجازر الأخرى التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، وتوسيع دائرة التحقيق في المسؤولية الجنائية الفردية عن هذه الجرائم لتشمل جميع المسؤولين عنها، والإسراع في إصدار مذكرات إلقاء قبض بحقهم جميعًا. كما يدعو الأورومتوسطي المحكمة إلى الاعتراف بحقيقة ما يجري في القطاع والتعامل الجدي والموضوعي مع الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة باعتبارها جريمة إبادة جماعية، دون مواربة، كونها تندرج ضمن الجرائم الدولية التي تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية.
ويدعو المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان جميع الدول بدعم عمل المحكمة الجنائية الدولية في التحقيقات التي تجريها في ملف الحالة في فلسطين؛ وذلك من خلال تقديم المذكرات الوقائعية والقانونية المتخصصة حول الجرائم التي ترتكبها إسرائيل إلى المحكمة، وعدم عرقلة قيامها بإصدار أوامر إلقاء قبض على المسؤولين الإسرائيليين عن ارتكاب الجرائم الدولية ضد الشعب الفلسطيني، والتعاون والعمل على تنفيذ مذكرات القبض عند صدورها، وضمان تقديم المتهمين إلى العدالة للمساءلة والمحاسبة.
كما يدعو الأورومتوسطي الدول إلى دعم عمل محكمة العدل الدولية التي تنظر في القضية التي أقامتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بدعوى انتهاكها التزاماتها بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية خلال تنفيذها لعملياتها العسكرية التي تشنها في وضد قطاع غزة وسكانه الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر/تشرين أول 2023، والعمل رسميًّا على الانضمام إلى هذه القضية إعمالًا للعدالة الدولية.
ويطالب الأورومتوسطي بمساءلة ومحاسبة الدول الشريكة والمتواطئة مع إسرائيل في ارتكاب جرائمها ضد الشعب الفلسطيني، لا سيما جريمة الإبادة الجماعية، أمام المحافل الإقليمية والدولية المختصة، وبما يشمل مساءلة ومحاسبة الأفراد صانعي هذه القرارات في هذه الدول، باعتبارهم متواطئين وشركاء في الجرائم المرتكبة في قطاع غزة، بما في ذلك مجزرة عائلة "شحيبر"، وتفعيل مبدأ الولاية القضائية العالمية لملاحقة الجناة من غير مواطنيها، بغض النظر عن جنسياتهم أو مكان ارتكاب الجرائم، لضمان عدم إفلات أي شخص متورط في تلك الجرائم من المساءلة القانونية.