المُقاوِمُ


 

على أَيِّ مَدحٍ كانَ مِنّيَ نادِمُ
فَلا يَستَحِقُّ المَدحَ إِلّا المُقاوِمُ

فَشَتّانَ ما بَيْنَ الّذيْ بَذَلَ الدِّما
وَبيْنَ الّذيْ في ذُلِّهِ هُوَ سالِمُ

وَما بَيْنَ مَنْ صَحْوٌ مَنامُ جُفونِهِ
وَبَيْنَ الّذيْ في صَحوِهِ هُوَ نائِمُ

وَحَتّى كِرامُ النّاسِ لا يَعدِلونَهُ
وَهَلْ بَعدَ أَنْهارِ الدِماءِ مَكارِمُ

إِذا حاتِمُ الطائِيُّ أَكرَمُ باذِلٍ
فَكُلُّ شَهيْدٍ في المَكارِمِ حاتِمُ

تَدومُ القَوافي وَهْيَ مرآةُ رَبِّها
وَما رّبُّ شِعرٍ في الخَليْقَةِ دائِمُ

يَموْتُ ظَلوْمٌ كُنْتَ تَزْهوْ بِمَدْحِهِ
وَأنتَ بِهِ حَتّى القِيامَةِ ظالِمُ

وَفي النّاسِ قَومٌ لا يُرَجّى رَشادُهُمْ
وَلوْ قامَ فيْهِمْ بِالنُّبُوّةِ قائِمُ

زَمانٌ عَبوْسٌ لِلأَكارِمِ وَجْهُهُ
وَلِلدُّونِ مِنْ أَهْلِ النِّفاقِ فَباسِمُ

وَإِنّيْ لَأَدْريْ ما الزَّمانُ يَحوْكُهُ
فَمِنْ كَشْرَةِ الأَيّامِ تَبْدو الخَواتِمُ


وَإِنيْ بِما تَشْدو حُروفيْ لَشاعِرٌ
قَوافيْهِ تُبديْ مِثلَ ما هُوَ كاتِمُ

وُضوحيْ بِعَيْنِ الظّالِميْنَ خَطيْئَتي
وَحبّيْ لِقَوميْ وَالدِّيارِ جَرائِمُ


فَإِنْ كانَ جُرميْ لا مَحالَةَ قاتِليْ
فَإِنّيْ على جُرْمي العَظيْمِ مُداوِمُ

تَهوْنُ الرَّزايا في الحَياةِ وَنارُها
إِذا لَمْ تُصِبْنيْ مِنْ لَظاها مَآثِمُ

لَقَدْ آنَ عِنديْ أَنْ أَقولَ مَقالَةً
يَطيرُ بِها واشٍ وَيُزبِدُ لائِمُ

وَيغضَبُ مِنها شاعِرٌ وَمُنافِقٌ
وَيسخَطُ مِنها مُسْتَبِدٌ وحاكِمُ

فَما أَحْكَمَ الطُّغيانَ إِلّا نِفاقُنا
وَما خَوفُنا المَوروثُ إِلّا الدَّعائِمُ

لَقَدْ عادَتِ الأَصنامُ تَملِكُ أَمْرَنا
وَكُهّانُها فيْما أَرادَتْ عَمائِمُ

مُصيبَةُ دِيْنِ اللهِ في كُلِّ حِقبَةٍ
جَهولٌ بِهِ أَو تافِهٌ مُتَعالِمُ

يُزَيّنُ للطاغيْ قَبيْحَ فِعالِهِ
وما هَمّهُ إِلّا الرِّضا وَالدَراهِمُ

وَيا مَنْ قَهَرْتَ النَّاسَ يَوْماً سَنَلْتَقيْ
وَوَجْهُكَ مُسْوَدٌّ وَأَنْفُـكَ راغِمُ