هل تُنفَّذ مذكرات الاعتقال الدولية ضد نتنياهو وغالانت أم تبقى حبراً على ورق؟


في خطوة وُصفت بأنها "مهمة" من قبل مراقبين، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية، أمس الخميس، مذكرتي اعتقال بحق رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الحرب السابق يوآف غالانت، متهمة إياهما بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

 
مذكرات رمزية
وقال المؤسس والرئيس التنفيذي لمركز "ريكونسنس" للبحوث والدراسات في الكويت (غير حكومي) عبدالعزيز العنجري، إن "إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحق نتنياهو وجالانت يُعد تصريحًا هامًا حول المساءلة عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية".

 
وأضاف العنجري أن "التجارب السابقة تظهر أن مثل هذه المذكرات غالبًا ما تبقى رمزية، حيث يعتمد تنفيذها على الإرادة السياسية والتعاون الدولي، وكلاهما غير متوفر في هذه الحالة".

 
وأوضح أنه "في حين أن هذا التحرك قد يمنح الضحايا شعورًا رمزيًا بالعدالة، إلا أنه يكشف بجلاء عن نقاط الضعف المستمرة في آليات العدالة الدولية عند التعامل مع الأفراد والدول القوية".

 
وأشار العنجري وهو عضو نادي الصحافة الوطني في واشنطن إلى أنه "من المدهش السرعة التي تتحرك بها الدول الغربية والولايات المتحدة عندما يكون المستهدف هو روسيا أو الصين أو إيران، بينما تتعامل بلطف أشبه بريشة الطاووس عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، مما يفضح ازدواجية المعايير التي تقوض مصداقية العدالة الدولية".

 
وبين العنجري في حوار مع "قدس برس" أن حكم الجنائية الدولية "يضع أبرز الدول الداعمة تاريخياً للمحكمة، مثل هولندا، ألمانيا، فرنسا، كندا، والمملكة المتحدة، في موقف حرج للغاية".

 
وأضاف أن "هذه الدول، المعروفة بالتزامها بتنفيذ قرارات المحكمة، تواجه تحديًا كبيرًا في التوفيق بين التزاماتها القانونية والدبلوماسية وعلاقاتها الوثيقة مع إسرائيل".

 
وتابع العنجري قائلاً، إن "هولندا، كونها مقر المحكمة الجنائية الدولية، تتحمل مسؤولية أكبر في إظهار دعمها لقرارات المحكمة، لكن علاقاتها مع إسرائيل قد تجعل موقفها أكثر تعقيدًا".

 
واعتبر أن "هذا التوتر يسلط الضوء على ازدواجية تواجهها هذه الدول بين مبادئ العدالة الدولية ومصالحها السياسية".
 
تحديات عملية

من جهته، أشار ممثل لجنة "القدس ومناهضة التطبيع" في جمعية المحامين الكويتية عبدالعزيز القطان، إلى أن إصدار مذكرة اعتقال بحق بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت "يحمل أبعاداً قانونية وسياسية حساسة للغاية، من الناحية القانونية، تُستند مثل هذه المذكرات غالباً إلى انتهاكات جسيمة للقانون الدولي، مثل ارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية وهو ما حدث في حالة غزة".

 
وأضاف القطان في حوار مع "قدس برس"، أنه "إذا كانت هناك مذكرة صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية، فإن الدول الأعضاء في نظام روما الأساسي ملزمة بالتعاون مع المحكمة، مما يعني أنها ملزمة قانونياً باعتقال الأشخاص المطلوبين إذا دخلوا أراضيها".

 
وأوضح أن "هذه المذكرات تواجه تحديات عملية، خاصة في ضوء معارضة قوية من قبل الولايات المتحدة، التي لا تعترف بسلطة المحكمة الجنائية الدولية في مثل هذه القضايا، وتُعد داعماً رئيسياً للكيان الصهيوني، هذا الدعم يمكن أن يحد من فعالية المذكرات، إذ قد تضغط الولايات المتحدة على الدول لتجاهلها، أو تواجه صعوبة في تنفيذها عملياً".

 
وبين أنه "من الناحية القانونية، فإن اعتراض الولايات المتحدة لا يُغير من الوضع القانوني للمذكرة، لكنه يعقّد تنفيذيها".

 
وتابع قائلا، إن "الدول الأعضاء قد تجد نفسها بين التزامها القانوني تجاه المحكمة وضغوط سياسية واقتصادية من الولايات المتحدة. كما أن الأمر يعتمد على ما إذا كان نتنياهو أو غالانت سيسافرون إلى دول تعترف بالمحكمة، وهو احتمال يبدو ضئيلاً بالنظر إلى المخاطر".

 
وذكر المحامي الكويتي أن "الإعلان الهولندي عن استعدادهم لتنفيذ مذكرة الاعتقال يمثل التزاماً بقواعد القانون الدولي، وهو موقف قانوني واضح يعكس احترامهم لاختصاص المحكمة الجنائيةالدولية".