المطلوب أردنياً.. قانون لا يعترف بضم أي جزء من الضفة الغربية #عاجل


كتب د. رامي عياصرة - 

بقي الأردن الرسمي متمسكا بحل الدولتين من خلال المطالبة بإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وخلال ولاية ترامب الأولى قام بطرح بما يسمى "صفقة القرن" التي اعترفت بالقدس عاصمة موحدة لدولة الكيان الصهيوني، ومحاولة شرعنة السيطرة "الإسرائيلية" على 30% من الضفة الغربية من خلال ضم المناطق التي تعرف باسم "ج"، وفق تصنيفات اتفاق أوسلو، وربما تزيد عن ذلك في بعض الأحيان لتصل الى أكثر من 50% من مساحة الضفة الغربية اذا ما اضفنا لها غور الأردن وكامل مدينة القدس.

رفض الأردن صفقة القرن الى جانب رفض الجانب الفلسطيني، لأنها باختصار تعمل على تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن، وتقضي على حل الدولتين، وتكرس الأردن كوطن بديل للفلسطينيين.

هذا كان أثناء الفترة الرئاسية الأولى لترامب، اليوم ومع عودته الى البيت الأبيض، واتضاح ملامح فريقه الرئاسي المتشدد والمتحمس لصالح دولة الكيان الصهيوني، ومع وجود حكومة اسرائيلية هي الأكثر يمينية وتطرفا في تاريخ الكيان، بات الأمر أكثر سوء وأشدّ خطورة ، خاصة بعد إعلان وزير المالية الإسرائيلي المتطرف سموتريتش قائلا بعبارته: "2025 عام السيادة الإسرائيلية في يهودا والسامرة" ، كيف سيكون عليه الحال خاصة بعد ما جرى في الـسابع من أكتوبر ومعركة طوفان الاقصى والحرب على لبنان وما آلت إليه الأحوال في المنطقة ؟

لا شك أن اللحظة الراهنة ثقيلة على جميع الاطراف، وتتجه الى مزيد من التقلبات والمفاجآت، خاصة اذا ما اتجهت بعض الأطراف في المنطقة الى الخيارات الصفرية في التعامل مع المرحلة .

في ظل هذا الواقع الجديد تزداد المخاوف من جهة الأردن مع تجدد التهديدات وبشكل أوضح ومباشر، وتجري النقاشات العلنية وخلف الأبواب المغلقة عن خيارات الأردن في كيفية التعامل مع المرحلة الصعبة القادمة، وكيفية الاستفادة من الهوامش السياسية المتاحة، واستجماع أوراق القوة لحماية المصالح العليا للدولة الأردنية ، وتوفير أفضل قدر ممكن من المساندة للاشقاء الفلسطينيين في المحافظة على ثوابت القضية وعلى رأسها القدس والمسجد الأقصى والوصاية الهاشمية، وحق العودة واقامة الدولة الفلسطينية.

أعتقد أن ثمة ورقة مهمة يستطيع الأردن القيام بها على هذا الصعيد والتي تتمثل بالقيام بخطوة مؤسسية ودستورية نستثمر فيها في البرلمان الأردني الحالي الذي يحظى بشرعية شعبية كبيرة بعد انتخابات نظيفة، من خلال العمل على إصدار قانون يقره البرلمان الجديد يؤكد على أنّ الضفة الغربية هي أرض محتلة وفق القرارات الدولية ذات الصلة ، وعدم الاعتراف بأي شرعية للمستوطنات التي أقيمت عليها بأي شكل من الأشكال، والتي يقرّ غالبية المجتمع الدولي أن هذه المستوطنات غير شرعية و تعّد انتهاكا للقانون الدولي.

وعليه فان مشروع القانون الذي أقترحه يلزم الحكومة الأردنية بعدم الاعتراف بأي خطة او مقترح أمريكي او دولي أو من أي جهة كانت يتضمن ضم أي جزء من أجزاء الضفة الغربية سواء كانت منطقة " ج " أو غور الأردن أو غيرها ، ويشكل ضمانة وخطوة استباقية لكل ما يمكن أن يقوم به الجانب الاسرائيلي تجاه ذلك ، ويقوي الأردن الرسمي في مواجهة الضغوط المتوقعة ، ويحفظ ثوابتنا الوطنية ضمن المتاح والمقدور.

ربما يقول قائل : ما فائدة هذه الخطوة ودولة الكيان الصهيوني أصلا تستولي على الضفة الغربية منذ احتلالها عام 1967م حتى الآن ؟

والجواب على ذلك أنّ ثمة فرقا كبيرا بين اعتبار الوجود الاسرائيلي في الضفة الغربية كقوة احتلال وفق القانون الدولي نطالب بزواله، وبين شرعنة هذا الاحتلال وعدم تجريمه، وبما يقطع الصلة بحق الفلسطينيين في دحر الاحتلال سواء بالاشكال السياسية والدبلوماسية أو حتى بالمقاومة والكفاح المسلح وفق ميثاق الأمم المتحدة الذي نص على حق تقرير المصير للشعوب التي تقع تحت الاحتلال .

هذه وسيلة ممكنة ومتاحة بيد الأردن تجمع الجهد الرسمي مع الشعبي وتقوي الموقف في مواجهة الضغوط والتهديدات خاصة اذا ما تتابعت الخطوات داخليا باتجاه تمتين الجبهة الداخلية واطلاق "حوار المخاطر" بين مختلف المكونات السياسية والاجتماعية .