رثاء الكابتن فرحان السعدي
بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، وبمشاعر يملؤها الحزن والأسى، أنعى أستاذي ومعلمي الغالي، الكابتن فرحان السعدي، الذي وافته المنية وانتقل إلى جوار ربه الكريم. لقد كان الكابتن فرحان أكثر من مجرد طيار قدير؛ كان إنساناً عظيماً، ومثالاً للتواضع والبساطة، ورمزاً للالتزام وحب الوطن والعمل الدؤوب.
عندما كنت أطير معه كمساعد طيار على متن طائرة التريستار، كنت أشعر دائماً أنني في مدرسة متنقلة، مليئة بالدروس والعبر التي لا تقتصر فقط على عالم الطيران، بل تمتد لتشمل معاني الصبر، والإخلاص، والتفاني في أداء الواجب. كان صوته الهادئ ونصائحه القيمة مصدراً للأمان والثقة، وطريقته المميزة في التعامل مع الجميع تعكس شخصيته النبيلة.
كان الكابتن فرحان إنساناً استثنائياً يحب عمله بصدق، وينتمي لوطنه بكل جوارحه. كان يرى في الطيران رسالة، وفي العمل فرصة لتمثيل بلده بأفضل صورة ممكنة. لم يكن التميز بالنسبة له خياراً، بل كان أسلوب حياة، وكان يبذل كل جهده لإتقان كل ما يقوم به.
رغم مكانته الكبيرة وخبرته الطويلة، كان بسيطاً قريباً من الجميع. لم يبخل بوقته ولا معرفته على أحد، وكان دائماً على استعداد للمساعدة والإرشاد. إن روحه الطيبة وابتسامته الدائمة جعلته محبوباً من الجميع، سواء كانوا زملاءه في العمل أو أصدقائه وأحبته خارج إطار الطيران.
لقد كنت على تواصل دائم معه، وكنت أخطط أنا وأحد الأصدقاء لزيارته الأسبوع المقبل، ولكن إرادة الله كانت أسرع. غيابه المفاجئ ترك في قلوبنا فراغاً كبيراً، وذكراه ستظل خالدة في عقولنا وقلوبنا، كقدوة ومصدر إلهام لا يُنسى.
رحم الله الكابتن فرحان السعدي، وجعل مثواه الجنة. أسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يلهم أهله وأحبته الصبر والسلوان. سنظل نتذكره بكل خير، ونسير على نهجه في حب العمل والإخلاص للوطن.
وداعاً أيها المعلم العظيم، وداعاً أيها الإنسان النبيل.
.