هكذا قرأ الاعلام الاسرائيلي سقوط نظام الاسد: ضربة إستراتيجية غير مسبوقة لإيران وحزب الله



ترجمات - خاص - ركّزت وسائل الإعلام الاسرائيلية خلال اليومين الماضيين تغطياتها على الأوضاع التي تمرّ بها سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، فيما خصص كتّاب ومحللون مقالاتهم في كبريات الصحف العبرية على تأثير تلك الأحداث على الكيان الصهيوني.

وتاليا أبرز المقالات التي وردت في الإعلام العبري:

سقوط نظام الأسد.. ضربة إستراتيجية غير مسبوقة لإيران و»حزب الله»

بقلم: تسفي برئيل
عن "هآرتس"

تتغيّر صورة الأحداث في سورية تقريباً كل ساعة، وتتغير معها ألوان خارطة سيطرة القوات التي تقسم سورية إلى أجزاء.

خلال عشرة أيام نجحت قوات المتمردين، بقيادة هيئة تحرير الشام، التي يقودها أبو محمد الجولاني، في السيطرة على مدينة حلب، المدينة الثانية من حيث الحجم في الدولة، وعلى مدينة حماة، ووصلت الذروة ليلة أول من أمس عند احتلال حمص ودمشق واعتراف رئيس الحكومة السورية، محمد غازي الجلالي، بأن نظام الرئيس بشار الأسد قد سقط.

في الجنوب سيطرت، أول من أمس، قوات تابعة للمتمردين (غير تابعة لهيئة تحرير الشام) على مدينة السويداء وجزء من محافظة درعا، التي بدأت فيها الحرب الأهلية في العام 2011.

وللمرة الأولى انسحبت قوات النظام من القنيطرة في هضبة الجولان السورية.

في الشرق نشر عن سيطرة مليشيات محلية وكردية على أجزاء من مدينة دير الزور ومدينة بو كمال، الموجودة على المحور الرئيس بين بغداد وسورية.

المعركة الرئيسة، التي شكلت بداية انهيار النظام في سورية، كانت على مدينة حمص، التي تشرف على طريقين، نحو الغرب إلى مدينة اللاذقية التي تتركز فيها قوات الجيش السوري وفيها يوجد تجمع كبير من العلويين المؤيدين للنظام، والتي توجد في محيطها بالأساس قواعد روسية. ونحو الجنوب باتجاه العاصمة دمشق.

في الشبكات الاجتماعية، حسب المركز السوري لحقوق الإنسان الذي مقره لندن، وتقارير موثوقة، فإن قوات الجيش السوري وجدت صعوبة في صد الهجوم حتى ولو تلقت مساندة من خلال طلعات قصف للطائرات الروسية.

أكثر من 300 ألف شخص تركوا بيوتهم حتى الآن، وهرب الجنود في الجيش السوري بجموعهم وألقوا السلاح، وفي بعض الأفلام شوهد رجال مليشيا مؤيدة لإيران يتركون مواقعهم، ويظهر أنهم يهربون إلى منطقة الحدود مع العراق.

مثلهم أيضاً غادر سورية ضباط كبار في "الحرس الثوري" الإيراني ورجال "قوة القدس"، في حين أن الأردن ولبنان أغلقا، أول من أمس، المعابر الحدودية بعد سيطرة قوات المتمردين على الجانب السوري للمعابر.

أهداف المعركة العسكرية، المخطط لها حسب الجولاني خلال أشهر، هي احتلال دمشق وعزل نظام الأسد.

وإذا كان ذلك ظهر قبل عشرة أيام هدفاً طموحاً جداً، حيث لم يكن معروفاً في حينه إذا كان الجولاني سينجح في إثارة العصيان من جديد في جنوب سورية وتنظيم حركة كماشة في الجنوب وفي الشمال ودون معرفة كيف سترد إيران وروسيا اللتان منحتا النظام الحزام الأمني له وقامتا بالانقلاب الذي أعاد إلى سيطرته 70 في المئة من أراضي الدولة، فإن التطورات على الأرض والخطوات السياسية أثبتت أن هدف زعيم المتمردين المسلمين تحول بسرعة هدفاً واقعياً.

ليس فقط أن إيران أخرجت من سورية جزءاً من قواتها وقيادتها العليا، بل قال وزير الخارجية، عباس عراقجي، يوم الجمعة، إن "مصير الأسد غير معروف"، بعد ذلك أوضح أنه لا يوجد أي قرار لإيران من أجل إرسال قوات إلى سورية، وإذا طلب الأسد فإن "إيران ستفحص ذلك".

هذه الصيغة بعيدة جداً عن التعهد السابق، الذي نشر قبل بضعة أيام، والذي يقول إن "إيران ستقف دائماً إلى جانب سورية وستدعمها إذا كانت ثمة حاجة لذلك".

استخدمت روسيا سلاح الجو ضد إهداف للمتمردين، لكن ردها لم يقترب من الحجم إلى الذي كان في أيلول 2015 عندما قررت الدخول في المعركة في سورية بكامل القوة.

أول من أمس التقى في الدوحة، عاصمة قطر، وزراء خارجية تركيا وإيران وروسيا ودول "عملية الآستانة"، التي تم تشكيلها في 2017 بهدف صياغة حل سياسي متفق عليه بين النظام السوري والمعارضة في سورية، من أجل اتخاذ قرار حول رد محتمل ومحاولة التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب.

أعلنت هذه الدول عن التطلع إلى الحفاظ على "وحدة سورية"، جغرافياً ونظامياً، ولكن كل واحدة منها يوجد لها تعريف مختلف لسورية نفسها.

بالأساس كل واحدة من دول الآستانة كانت تأمل في أن تحقق لنفسها إنجازات سياسية، أو إقل قدر من الخسائر.

مع ذلك، في ظل غياب قوات مساعدة كبيرة، من إيران وروسيا، لمساعدة النظام السوري فإن وتيرة الأحداث المتسارعة أملت واقعاً جديداً على الأرض، سيطر المتمردون فيه على دمشق، وهرب الأسد من الدولة.

إضافة إلى ذلك ربما لم يعد بالإمكان وقف العملية التي بدأت والتي تفككت فيها سورية إلى محافظات حكم ذاتي، بل مستقلة، ستتم إدارتها على يد مليشيات متخاصمة وعصابات محلية.

حاول الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في السنة الأخيرة إقناع الأسد، دون نجاح، البدء في مفاوضات مع المتمردين لوقف عملية تفكك سورية.

وحتى بعد بدء هجوم المتمردين عاد أردوغان واقترح إجراء مفاوضات، ولكن مرة أخرى رفض ذلك عندما اشترط الأسد إجراءها بالانسحاب الكامل لتركيا من أراضي سورية.

يبدو أن أردوغان أمسك بيده ورقة المساومة الأقوى لكونه حليفاً ومقدم الحماية والتمويل والتسليح لتحالفين أساسيين للمتمردين، "الجيش السوري الوطني" الذي في السابق عرف باسم "الجيش الحر"، الذي دمج في صفوفه عدداً من المليشيات الصغيرة، و"هيئة تحرير الشام"، التي بادرت إلى شن الهجوم.

الرافعة التي توجد لديه تضم التهديد بإغلاق قناة التمويل وإغلاق المعابر بين تركيا وشمال سورية، التي تشكل مصدر الدخل الأساسي لهذه المليشيات.

لكن تطورات الأيام العشرة الأخيرة تغير وزن رافعة الضغط التركي. مليشيات الجولاني سيطرت على مخازن سلاح ووسائل قتالية ومعدات عسكرية للجيش السوري واعتمادها على السلاح من الخارج انخفض.

أيضاً خلال السنوات التي تركزت فيها في إدلب بدأت في إنتاج السلاح بنفسها، مثل المسيرات والسيارات المصفحة.

إضافة إلى ذلك يحاول الجولاني ترجمة الانتصارات السريعة إلى مكاسب سياسية له، ولا يوجد أي تأكيد على أنه بعد ذلك سيكون جندياً مطيعاً لتركيا.

الجولاني (42 سنة)، الذي بدأ طريقه زعيماً لـ "القاعدة" في سورية، وانفصل عنها في العام 2016، أصبح يتحدث ويتصرف كـ "زعيم لكل السوريين".

في مقابلة مع "نيويورك تايمز"، يوم الجمعة، قال، ضمن أمور أخرى، إنه منفتح على كل الحلول السياسية، "الآن ليس هو الوقت المناسب لذلك".

الوقت المناسب كما يبدو جاء بعد أن سقطت دمشق والأسد. في غضون ذلك أمر قواته بـ "التعامل باحترام" مع الجنود السوريين الأسرى والمتعاونين معهم.

وقال، أول من أمس، إن المؤسسات ستبقى تحت إشراف رئيس الحكومة الجلالي إلى حين نقل السلطة رسمياً.

رجاله أيضاً وزعوا على الشخصيات الكبيرة في سورية، التي عملت من قبل النظام، "بطاقات حماية" من شأنها منع المس بهم في حالة اعتقالهم، وذلك للإثبات بأنه لا يعمل بدافع الانتقام.

ولكونه يدرك جيداً أنه مسلم راديكالي، يثير الخوف والقلق من نيته إقامة دولة شريعة متشددة في سورية، فقد أطلق مؤخراً تصريحات تصالحية، وتعهد باحترام الأقليات الدينية والعرقية.

كبديل للأسد لا يمكن للجولاني الاستمرار في رؤية إيران وروسيا والمليشيات المتفرعة عنها شركاء محتملين، لكن أيضاً الافتراض بأنه يوجد في جيب تركيا يحتاج إلى دليل، حيث إنه كـ "زعيم للسوريين" سيتعين عليه مواجهة خصوم أشداء في الداخل، مثل المليشيات المنافسة التي توجد في السويداء ودرعا، والتي في هذه الأثناء اتحدت معه في جهود إسقاط الأسد، وأيضاً مواجهة قوات الأكراد التي سارعت في نهاية الأسبوع إلى السيطرة على المزيد من المناطق في شمال شرقي الدولة.

القوات الكردية، التي سيطرت على دير الزور وعلى معبر بو كمال، خاضت مواجهات شديدة مع القوات التركية، التي بدورها حاولت السيطرة على مدينة منبج، وهي من المعاقل المهمة للأكراد في غرب نهر الفرات.

توحُّد قوات الأكراد وقوات هيئة تحرير الشام سيلزم الجولاني بإيجاد تسوية بين رغبة الأكراد في الحفاظ على الحكم الذاتي وبين طموح تركيا بإبعادهم 20 – 30 كم عن منطقة الحدود. فهل ستوافق تركيا على منح المليشيا الخاصة بها للأكراد إنجازات على حساب ما تعتبره تهديداً لأمنها القومي؟ هل الجولاني، الذي يطمح إلى إحاطة نفسه بدعم وطني ساحق، سيوافق على مواصلة تركيا شن الحرب ضد الأكراد في حين أنه عمل على إقامة تحالف حكومي معهم؟

إن انهيار نظام الأسد ضربة إستراتيجية غير مسبوقة، لم تتكبدها إيران منذ انتهاء الحرب بينها وبين العراق.

مقابل تركيا، التي توجد لديها بدائل سياسية يمكن أن تمنحها في سورية هامش نفوذ أوسع من الذي منحه الأسد، فخيارات إيران يمكن أن تتبخر.

ليس فقط أن مليارات الدولارات التي أعطتها إيران للأسد بخطوط اعتماد، النفط والسلاح، ذهبت هباء، ومكانة سورية الإستراتيجية كأنبوب الأوكسجين لامتداد إيران في لبنان (حزب الله) – ربما الامتداد الأكثر أهمية – ستكف عن الوجود.

سورية حافظ الأسد، والد بشار الأسد، كانت الدولة العربية الوحيدة التي أيدت إيران، وليس العراق، في الحرب. ولكن الأسد الأب عرف دائماً كيفية الحفاظ على مسافة آمنة من محاولة سيطرة طهران على دمشق، وإيران أيضاً لم تعتبر الزعيم السوري واحداً من جماعتها.

الزعيم الأعلى لإيران في حينه، آية الله الخميني، قضى بأن الأسد ليس شيعياً حقيقياً، بل هو علماني غير مؤمن.

اعتبر بشار، الذي حول سورية إلى "محافظة أخرى لإيران"، كما صرح قبل سنوات أحد فقهاء الشريعة الكبار في إيران، لكنه أيضاً امتنع عن الانضمام إلى "حزام النار"، ولم يشارك في "وحدة الساحات"، وأوقف هجمات "قوة القدس" في "الحرس الثوري" الإيراني ضد إسرائيل من أراضي سورية، وتجاهل هجمات إسرائيل على سورية ضد الأهداف الإيرانية ومنشآتها وقوافل السلاح التابعة لـ "حزب الله".

أيضاً رغم المساعدات الكبيرة التي قدمتها إيران له في الحرب الأهلية، إلا أن نصيبها في المكاسب الاقتصادية أقل بكثير من نصيب روسيا.

خلافاً للنفوذ الإيراني المشروط في سورية فإن لبنان قصة مختلفة. ففي لبنان يعطي "حزب الله" حتى الآن لإيران سيطرة مباشرة غير محدودة تقريباً.

الضربة التي تعرّض لها "حزب الله" في لبنان أجبرت إيران على الموافقة على الشروط القاسية من ناحيتها في اتفاق وقف إطلاق النار.

حتى الآن ينص هذا الاتفاق على أنه يجب على لبنان نزع سلاح "حزب الله"، لكن إمكانية تنفيذ هذا البند ضئيلة إذا لم تكن معدومة.

إضافة إلى ذلك "حزب الله" كمنظمة وحركة وقوة تؤثر في سياسة لبنان ما زال قائماً، وهكذا فهو يحافظ على أداة تأثير إيران في لبنان. ولكن إذا نجحت الحرب في سورية في تقليص مكانة إيران، أو حتى طرد قواتها وقوات "حزب الله"، والفصل الجغرافي بين "حزب الله" ومصادره اللوجستية العسكرية، فسيكون هناك تأثير كبير على قدرته على إعادة ترميم نفسه كمنظمة عسكرية.

لكن أمام الاحتمالية التي كانت قائمة لتحرير سورية من نظام الأسد ومن الوجود الإيراني فإن الدول العربية، التي في معظمها عبرت حتى الآن عن دعمها للأسد وعرضت عليه المساعدة (ليس بالسلاح والجنود)، تقلق بالأساس من البديل الذي سيأتي مكانه الآن.

سيطرة المليشيات على الدولة، مهما كان طابعها الأيديولوجي، يعتبر تهديداً للأنظمة التقليدية التي تعتمد على السيطرة الاستبدادية.
هذا النجاح، كما يبدو في ثورة "الربيع العربي"، يوجد له تأثير معدٍ، يمكن أن يشجع منظمات وحركات متمردة.

في بعض الدول نجحت في الحقيقة حركات التمرد في إسقاط النظام، فقط من أجل العودة إلى نظام مستبد بعد ذلك، وفي بعضها مثلما في اليمن وليبيا والسودان تطورت إلى حروب أهلية مزقتها إلى شظايا.

التحدي والتهديد الفوري يكمن في طبيعة النظام الذي سيقوم في سورية، وتجاه من سيوجه السلاح.

أيضاً العصيان المدني في العام 2011 مهد الطريق لسيطرة "داعش" على مناطق في سورية والعراق، والآن حسب التقارير فإن "داعش" في سورية استأنف نشاطاته في عدد من المناطق التي انسحبت منها قوات النظام مثل مدينة تدمر ومنطقة الحدود الصحراوية.

عندما يكون هذا هو البديل فإن بقاء الأسد في السلطة كان يمكن أن يعتبر ثمناً معقولاً.


انهيار الحلم الإيراني

بقلم: يوسي يهوشع
عن "يديعوت"

ما يحصل هذه الأيام في الشرق الأوسط لا يمكن تصوّره حتى في السيناريوهات الأكثر تفاؤلاً بعد الهجوم المفاجئ في 7 تشرين الأول.

بعد 14 شهراً فإن المحور الشيعي الذي أُعد لخنق إسرائيل ينهار أمام ناظرينا.

"طوق النار"، الذي رسمه قاسم سليماني، الذي أُعد للسماح لإيران بالتقدم في البرنامج النووي وتعريض وجود إسرائيل للخطر، بدأ يُدفن مثل من فكر به.

فقد الزعيم الأعلى لإيران، علي خامينئي، بداية قائد الحرب الموهوب الثوري، وبعد ذلك حليفه المفضل، حسن نصر الله، والآن يتفكك نظام الأسد هو الآخر.

وحسب تقارير في الولايات المتحدة، تدعي الاستخبارات هناك أنه لا طريق للعودة: "جزار دمشق" فقد سيطرته.

مصادر في إسرائيل تتابع عن كثب ما يجري تتفاجأ بالسهولة التي يحتل بها الثوار المزيد فالمزيد من الأراضي المركزية.

المفاجأت أكبر بكثير؛ لأن الأسد مدعوم من قوى عظمى كروسيا وإيران، لكن كلتيهما تخلي من المنطقة مواطنين كانوا هناك، بينهم قادة كبار من "الحرس الثوري" الإيراني.

بكلمات أخرى: كل من تجندوا قبل أقل من عقد لإنقاذ نظام الأسد يفهمون أن اللعبة انتهت.

الوضع الجديد يجلب إلى عتبة إسرائيل سلسلة من المسائل تحتاج إلى قرارات حادة وسريعة عديمة النشوة والفزع.

من جهة سقوط الأسد معناه، كما أسلفنا، ضربة شديدة أخرى للمشروع الإيراني، وعملياً قطع أنبوب التنفس الإيراني لـ "حزب الله".

في الجيش الإسرائيلي يوجد مسؤولون يشبهون هذا بسد سبل تعاظم قوة "حماس" في غزة في محور فيلادلفيا.

إضافة إلى ذلك، فإن سيطرة كردية (بدعم أميركي) على حدود العراق – سورية يمكنها أن تخلق استقراراً يمنع انتقال وسائل قتالية إلى الميليشيات الشيعية.

من جهة أخرى، ليس كل شيء وردياً حقاً في الواقع الجديد المتحقق. أولاً، يوجد أيضاً ثوار جهاديون، والآن هم قريبون من حدود إسرائيل أكثر من أي وقت مضى.

ثانياً، التقدير هو أنه تبقت في سورية مخزونات من السلاح الاستراتيجي، بما في ذلك السلاح الكيماوي، الذي من شأنه أن يقع في أيدي جماعات معادية لإسرائيل.

وفقاً للتحليل آنف الذكر، على إسرائيل أن تعزز جداً الدفاع في حدود هضبة الجولان، والتركيز على السيناريو المقلق المتمثل بسيطرة (...) المسلحين على سلاح محطم للتعادل.

في الجيش الإسرائيلي تقرر منذ الآن تعزيز القوات لمهام الدفاع قرب الحدود في هضبة الجولان بحجم بضع كتائب نظامية، بينها مشاة، مدرعات، هندسة، ومدفعية.

كما تعزز عمل جمع المعلومات الاستخبارية في سورية انطلاقاً من فهم واضح بأنه إذا ما وجد سلاح محطم للتعادل في أيدي جهات يمكنها أن توجهه ضد إسرائيل فسيكون هناك هجوم إسرائيلي.

سنوات الحرب ما بين الحروب أثبتت أنه ليس لإسرائيل أي مشكلة في الهجوم في سورية، وهذه المرة من المشكوك فيه أن تكون ثمة حاجة لتنسيق أي عمل كهذا مع الروس.

في الجيش سعوا أيضاً لفحص مستوى القوات في ضوء سيناريوهات ارتفعت احتمالاتها جداً في الأيام الأخيرة: في مناورة أركان انتهت، أول من أمس، في شمال غور الأردن وجنوب هضبة الجولان تدرب قسم العمليات على الدفع بقوات تأهب أركانية في الجو والبر في الوقت ذاته وشكل ردها على حدث متفجر.

في هذه الأثناء، في الميدان، تحصل الأمور على الفور: الجيش الإسرائيلي ساعد في صد هجوم ثوار سوريين ضد استحكام للأمم المتحدة في منطقة قرية الحضر قرب مجدل شمس على مسافة مئات الأمتار عن حدود إسرائيل.

إلى جانب سلسلة جلسات كابينيت، يدل وصول رئيس الأركان إلى حدود سورية، أول من أمس، على أن إسرائيل تأخذ التطورات بجدية تامة. وقال الفريق هرتسي هليفي: "نعمل على إحباط ومنع التهديدات، ولكننا لا نتدخل في الأحداث في سورية".

على كل هذه الأقوال من المهم أن نضيف الكلمات الآتية: صحيح حتى الأن. بالوتيرة التي تجري فيها الأمور من يدري إذا كان هذا سيبقى على هذا النحو.


ما يحدث في سورية جيّد لإسرائيل.. ولكن

بقلم: رون بن يشاي
عن "يديعوت"


أدى هجوم الثوار الجهاديين السُنة، وأساساً العجز الذي أبداه الجيش النظام السوري، إلى رد متسلسل لدى كل الجماعات الإثنية والدينية في سورية التي تحاول في هذه اللحظة – وفي معظمها تنجح – السيطرة على مناطق عيشها. إذا نظرنا، الآن، إلى الصور كلها فهذا تطور جيد لإسرائيل.

أعلن الثوار السوريون، أول من أمس، سيطرتهم على محافظة القنيطرة التي تقع على الحدود مع إسرائيل.

يدور الحديث عن قرى كانت لنا علاقات معها، ضمن أمور أخرى، لأننا ساعدناها بمعالجة الجرحى أثناء الحرب الأهلية. ومع ذلك يوجد خطر بأن يحتل الثوار الجهاديون السُنة المنطقة من أيدي القرويين، الذين يسيطرون فيها الآن. وعليه فإن إسرائيل تجري كل الاستعدادات لحالة تغيُّر الوضع.

من خلف الكواليس توجد تطورات مفاجئة. من يدعم الجماعتين الأساسيتين للثوار هو الجيش التركي والرئيس رجب أردوغان.

ومع ذلك، يتبين أن إدارة بايدن والولايات المتحدة تجندتا لجهد هادئ، شبه سري، ليس فقط لصد تطلع أردوغان للسيطرة على الجيب الكردي في شمال سورية، بل – وهذا ما هو أهم – لأجل السيطرة على معقل الميليشيات الشيعية الموالية لإيران على نهر الفرات.

من المهم لإسرائيل التأثير على الأميركيين، الذين واصلوا دعم الأكراد، كي لا يسمح أردوغان للثوار الجهاديين بالوصول إلى منطقة الجولان: من جهة، لن يخرج الأميركيون قواتهم، وسيواصلون دعم الأكراد، ومن جهة أخرى ستؤثر الولايات المتحدة على أردوغان كي يبقى الثوار الجهاديون في أماكنهم.

إذا تواصل هذا الوضع، فهذا من ناحية أمن إسرائيل تطور استراتيجي إيجابي أول في سموه. تطور استراتيجي إيجابي آخر من زاوية نظر إسرائيل هو سيطرة الثوار في منطقة درعا على جنوب غربي سورية، التي تحد إسرائيل والأردن.

وما هو أهم من كل هذا هو أن الثوار، الذين سيطروا، هم أبناء المكان: قرويون سُنة وقرويون دروز من محافظة السويداء المجاورة.

وحسب منشورات أجنبية كانت لإسرائيل معهم علاقات طيبة في ذروة الحرب الأهلية السورية، ويمكن الافتراض بأنهم لن يسارعوا إلى العمل ضد إسرائيل، بل ربما العكس.

نشأ وضع سيطر فيه النظام والجيش السوري على المنطقة كجزء من ترتيب روسي – سوري أُعد لإنهاء الحرب الأهلية.

وقضى الاتفاق أن يراقب عسكريون روس عودة الحياة إلى طبيعتها، ومنع العمليات ضد إسرائيل وضد سكان المنطقة من جانب الجيش السوري.

نجحت هذه التسوية، وكذا أيضاً تسوية الأعمال الجوية في المنطقة التي يشرف عليها الروس، ومنعوا في معظم الحالات الصدام بين سلاح الجو الإسرائيلي وبين الطائرات الروسية والسورية التي تطير على مقربة من الحدود.

لكن الاستحكامات الروسية على الأرض، حسب تقارير في وسائل الإعلام العالمية، فككت في الأيام الأخيرة، بمعنى أن الروس لم يعودوا يراقبون الموقف، والمحافظة توجد تحت سيطرة الثوار المحليين، وغير الجهاديين في معظمهم.

إذا وصل الثوار السُنة دمشق قد يحدث تدفق كبير للاجئين نحو الحدود الإسرائيلية، بالضبط مثلما كان في العقد الماضي.

في حينه تواجد عشرات آلاف اللاجئين تماماً على الجدار الحدودي مع إسرائيل في الجولان، واستعدت إسرائيل لمنع اقتحامهم أراضيها – في أعقاب محاولتهم الفرار من الخطر الذي شكله الثوار، أم للمس بإسرائيل بإلهام الثوار.

حالياً، لا يلحظ بعد لاجئون أو جماعات جهادية مسلحة على خط الحدود في الجولان، لكن التهديد قائم.

التطورات في سورية سريعة بحيث ينبغي الاستعداد لكل تطور محتمل، حتى وإن بدا الوضع حالياً إيجابياً من ناحيتنا في المناطق المجاورة لحدود إسرائيل في الجولان.

حالياً، الصورة من زاوية نظر إسرائيل ليست سيئة. لكن لما كانت الأمور تتغير بسرعة ولما كانت إيران وتركيا لم تقولا الكلمة الأخيرة، يحتمل حدوث أي تحول سريع.

بعد الهجوم المفاجئ و"المذبحة" في 7 تشرين الأول الماضي، إسرائيل ملزمة بأن تكون في حالة تأهب على الأرض في الجولان، وأساساً استخبارياً وجوياً لكل تطور غير مرتقب في سورية. الأمور تتشكل ولم تصدر بعد الكلمة الأخيرة.