أين "ردع العدوان"؟.. "اسرائيل" دمرت الترسانة السورية واحتلت الجنوب والإعلام مسلط على بوابات سجن صيدنايا!
كتب ايهاب سلامة -
في غضون 48 ساعة فقط، شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي 250 هجومًا جويًا وصاروخيًا دمّر خلالها معظم القواعد الجوية السورية المنتشرة في أنحاء البلاد، بما في ذلك عشرات المروحيات والطائرات المقاتلة. كما استهدف معامل تصنيع الأسلحة، وعشرات السفن البحرية التي أغرقها في الميناء الرئيسي للبحرية السورية، في أضخم هجوم تاريخي يشنه الكيان على الشقيقة سورية، في وقت أشغل فيه الإعلام العربي الشعب السوري والعربي بأبواب سجن صيدنايا ومن يملك شيفرة فتحها!
الكيان الخبيث، استغل انهيار نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، وانشغال هيئة تحرير الشام بإحكام قبضتها على مفاصل الحكم وتشكيل حكومة انتقالية مؤقتة، ونفذ ما وصفه بواحدة من أكبر الهجمات في تاريخ سلاح الجو الإسرائيلي، دمّر فيها الترسانة العسكرية السورية، ومستودعات الذخيرة والأسلحة الاستراتيجية، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي والصواريخ، بالإضافة إلى استهداف مركز البحوث العلمية شمال دمشق، ومصنع الأسلحة الكيماوية، ومطار دمشق، حيث صرّح مسؤول أمني إسرائيلي بأن هذه الهجمات تُعدّ من أكبر العمليات الهجومية في تاريخ جيش الإحتلال الإسرائيلي.
بالتزامن مع الهجمات الجوية، وتحت غطاء الانشغال الإعلامي الممنهج بمشاهد السجون، توغّل جيش الاحتلال على الأرض واحتل أراضي في الجنوب السوري، وأعلن أن اتفاق فصل القوات بين إسرائيل وسوريا الموقع عام 1974 قد انتهى.
والحقيقة المرّة، أن الكيان الاسرائيلي استطاع في غضون 48 ساعة، تنفيذ ما عجز عنه في 48 عامًا!. فقد توغلت دباباته على طول الشريط الحدودي، واحتلت مناطق استراتيجية مثل جبل الشيخ والحميدية والرواضي والقحطانية ورويحينا وبئر عجم والرفيد، وصولًا إلى بلدات جنوبية أخرى، لتصبح على بُعد نحو 25 كيلومترًا جنوب غرب العاصمة دمشق، مستغلّة انهيار قوات النظام وتركها مواقعها العسكرية.
اللافت في الأمر، أن هيئة تحرير الشام لم تُصدر حتى اللحظة أي تصريح يُدين هذا العدوان الإسرائيلي الكبير على الأراضي السورية. وقد يُفسّر هذا الصمت بوجود تفاهمات خلف الأكمة، ما يستوجب منها موقفًا واضحًا لتبديد الشكوك حيال ما يجري، خاصة مع هذا التصعيد الإسرائيلي الدراماتيكي الخطير الذي استباح الأراضي السورية.
نعلم أن الأشقاء في سوريا منشغلون الآن بنشوة إسقاط النظام، ومحاولة تعبئة الفراغ الذي خلفه، وهي عملية صعبة ومعقدة للغاية، لكننا نخشى ما نخشاه، أنه قد تم تدمير منظومة القوة العسكرية الاستراتيجية السورية التي يفترض أنها من المخزون الاستراتيجي للأمة العربية، التي وضعت سوريا رغم رداءة النظام وإدارته السيئة، على خارطة الدول القوية في المنطقة، وها نحن اليوم نراها تدمر بلا هوادة، مثلما نخشى أن قوة الردع العسكري السوري قد دمرت بطريقة أسرع من سيطرة المعارضة على الحكم، التي قد تجد نفسها بلا سلاح في يد مقاتليها ليصدوا به الضيم عن بلادهم سوى المسدسات وبنادق الكلاشينكوف!
لا شك أن سقوط نظام الأسد خلق متغيرات جذرية وخطيرة، وفرض واقعًا جديدًا يمكّن إسرائيل من العبث في المنطقة بلا رادع. فيما الهزات الارتدادية لهذا الزلزال الكبير ستظهر تبعاتها على سوريا والمنطقة لسنوات قادمة. كما سيواجه السوريون تحديات هائلة في ترتيب بيتهم الداخلي، في ظل مخاطر جمة تُحيط بهم، وقد لا يدرك الذين بدأوا خطوات هذا التغيير الكبير، كيف ستنتهي الأمور، وإلى أين سينتهي الطريق بهم وبلادهم!